عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل في حكمه في الجزية ومقدارها وممن تقبل


قد تقدم أن أول ما بعث الله عز وجل به نبيه الدعوة إليه بغير قتال ولا جزية على ذلك بضع عشرة سنة بمكة ثم أذن له في القتال لما هاجر من غير فرض له ثم بقتال من قاتله والكف عمن لم يقاتله ثم لما نزلت براءة سنة ثمان أمره بقتال من لم يسلم من العرب من قاتله أو كف عن قتاله إلا من عاهده ولم ينقصه من عهده فأمره أن يفي له بعهده ولم يأمره بأخذ الجزية من المشركين وحارب اليهود مرارا يؤمر بأخذ الجزية منهم   ثم أمره بقتال أهل الكتاب كلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية فامتثل أمر ربه فأسلم بعضهم وأعطى بعضهم الجزية واستمر بعضهم على محاربته فأخذها من أهل وأيلة وهم من نصارى العرب ومن أهل دومة الجندل وأكثرهم عرب وأخذها من المجوس أهل الكتاب باليمن وكانوا يهودا ..ولم يأخذها من مشركي العرب فقال أحمد والشافعي لا تؤخذ إلا من الطوائف الثلاث أخذها رسول الله منهم وهم اليهود والنصارى والمجوس ومن عداهم فلا يقبل منهم الإسلام أو القتل

 

وقالت طائفة في الأمم كلها إذا بذلوا الجزية قبلت منهم أهل بالقرآن والمجوس بالسنة ومن عداهم ملحق بهم لأن المجوس أهل شرك لا كتاب فأخذها منهم دليل على أخذها من جميع المشركين وإنما لم يأخذها من عبدة من العرب لأنهم أسلموا كلهم قبل نزول آية الجزية فإنها نزلت بعد تبوك وكان الله قد فرغ من قتال العرب واستوثقت كلها له بالإسلام ولهذا لم يأخذها من الذين حاربوه لأنها لم تكن نزلت بعد فلما نزلت أخذها من نصارى العرب ومن ولو بقي حينئذ أحد من عبدة الأوثان بذلها لقبلها منه كما قبلها من عبدة والنيران ولا فرق ولا تأثير لتغليظ كفر بعض الطوائف على بعض ثم إن كفر الأوثان ليس أغلظ من كفر المجوس وأي فرق بين عبدة الأوثان والنيران بل كفر أغلظ وعباد الأوثان كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وأنه لا خالق إلا الله إنما يعبدون آلهتهم لتقربهم إلى الله سبحانه وتعالى ولم يكونوا يقرون بصانعين أحدهما خالق للخير والآخر للشر كما تقوله المجوس ولم يكونوا يستحلون نكاح والبنات والأخوات   على بقايا من دين إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه ..

 

 

وأما المجوس فلم يكونوا على كتاب أصلا ولا دانوا بدين أحد من الأنبياء لا في ولا في شرائعهم والأثر الذي فيه أنه كان لهم كتاب فرفع ورفعت شريعتهم لما ملكهم على ابنته لا يصح البتة ولو صح لم يكونوا بذلك من أهل الكتاب فإن كتابهم وشريعتهم بطلت فلم يبقوا على شيء منها ..ومعلوم أن العرب كانوا على دين إبراهيم عليه السلام وكان له صحف وشريعة وليس عبدة الأوثان لدين إبراهيم عليه السلام وشريعته بأعظم من تغيير المجوس لدين وكتابهم لو صح فإنه لا يعرف عنهم التمسك بشيء من شرائع الأنبياء عليهم والسلام بخلاف العرب فكيف يجعل المجوس الذين دينهم أقبح الأديان أحسن حالا مشركي العرب وهذا القول أصح في الدليل كما ترى ، وفرقت طائفة ثالثة بين العرب وغيرهم فقالوا تؤخذ من كل كافر إلا مشركي العرب ورابعة فرقت بين قريش وغيرهم وهذا لا معنى له فإن قريشا لم يبق فيهم كافر يحتاج قتاله وأخذ الجزية منه البتة وقد كتب النبي إلى أهل هجر وإلى المنذر بن ساوى ملوك الطوائف يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية ولم يفرق بين عربي وغيره ، وأما حكمه في قدرها فإنه بعث معاذا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو معافر وهي ثياب معروفة باليمن ثم   فيها عمر رضي الله عنه فجعلها أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعين درهما على الورق في كل سنة فرسول الله علم ضعف أهل اليمن وعمر رضي الله عنه علم غنى الشام وقوتهم


 

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق