فصل فيما في خطبته العظيمة ثاني يوم الفتح من أنواع العلم
فمنها قوله إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فهذا تحريم شرعي قدري سبق به قدره يوم خلق هذا العالم ثم ظهر به على لسان خليله إبراهيم ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما كما في الصحيح عنه أنه قال اللهم إن إبراهيم خليلك حرم مكة وإني أحرم المدينة فهذا إخبار عن ظهور التحريم السابق يوم خلق السماوات والأرض على لسان إبراهيم ولهذا لم ينازع أحد من أهل الإسلام في تحريمها وإن تنازعوا في تحريم المدينة والصواب المقطوع به تحريمها إذ قد صح فيه بضعة وعشرون حديثا عن رسول الله لا مطعن فيها بوجه ومنها قوله فلا يحل لأحد أن يسفك بها دما هذا التحريم لسفك الدم المختص بها وهو الذي يباح في غيرها ويحرم فيها لكونها حرما كما أن تحريم عضد الشجر بها واختلاء خلائها والتقاط لقطتها هو أمر مختص بها وهو مباح في غيرها إذ الجميع في كلام واحد ونظام واحد وإلا بطلت فائدة التخصيص وهذا أنواع أحدها وهو الذي ساقه أبو شريح العدوي لأجله أن الطائفة الممتنعة بها من مبايعة الإمام لا يقاتل لا سيما إن كان لها تأويل كما امتنع أهل مكة من مبايعة يزيد وبايعوا ابن الزبير فلم يكن قتالهم ونصب المنجنيق عليهم وإحلال حرم الله جائزا بالنص والإجماع وإنما خالف في ذلك عمرو بن سعيد الفاسق وشيعته وعارض نص رسول الله برأيه وهواه فقال إن الحرم لا يعيذ عاصيا فيقال له هو لا يعيذ عاصيا من عذاب الله ولو لم يعذه من سفك دمه لم يكن حرما بالنسبة إلى الآدميين وكان حرما بالنسبة إلى الطير والحيوان البهيم وهو لم يزل يعيذ العصاة من عهد إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه وقام الإسلام على ذلك وإنما لم يعذ مقيس بن صبابة وابن خطل ومن سمي معها لأنه في تلك الساعة لم يكن حرما بل حلا فلما انقضت ساعة الحرب عاد إلى ما موضع عليه يوم خلق الله السماوات والأرض
وكانت العرب في جاهليتها يرى الرجل قاتل أبيه أو ابنه في الحرم فلا يهيجه وكان ذلك بينهم خاصية الحرم التي صار بها حرما ثم جاء الإسلام فأكد ذلك وقواه وعلم النبي أن من الأمة من يتأسى به في إحلاله بالقتال والقتل فقطع الإلحاق وقال لأصحابه فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لك وعلى هذا فمن أتى حدا أو قصاصا خارج الحرم يوجب القتل ثم لجأ إليه لم يجز إقامته عليه فيه وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه وذكر عن عبد الله بن عمر أنه قال لو لقيت فيه قاتل عمر ما ندهته وعن ابن عباس أنه قال لو لقيت قاتل أبي في الحرم ما هجته حتى يخرج منه وهذا قول جمهور التابعين ومن بعدهم بل لا يحفظ عن تابعي ولا صحابي خلافه وإليه ذهب أبو حنيفة ومن وافقه من أهل العراق والإمام أحمد ومن وافقه من أهل الحديث وذهب مالك والشافعي إلى أنه يستوفى منه في الحرم كما يستوفى منه في الحل وهو اختيار ابن المنذر واحتج لهذا القول بعموم النصوص الدالة على استيفاء الحدود والقصاص في كل مكان وزمان وبأن النبي قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة وبما يروى عن النبي أنه قال إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا بخربة وبأنه لو كان الحذود والقصاص فيما دون النفس لم يعذه الحرم ولم يمنعه من إقامته عليه وبانه لو أتى فيه بما يوجب حدا أو قصاصا لم يعذه الحرم ولم يمنع من إقامته عليه فكذلك إذا أتاه خارجه ثم لجأ إليه إذ كونه حرما بالنسبة إلى عصمته لا يختلف بين الأمرين وبأنه حيوان أبيح قتله لفساده فلم يفترق الحال بين قتله لاجئا إلى الحرم وبين كونه قد أوجب ما أبيح قتله فيه كالحية والحدأة والكلب العقور ولأن النبي قال خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم فنبه بقتلهن في الحل والحرم على العلة وهي فسقهن ولم يجعل التجاءهن إلى الحرم مانعا من قتلهن وكذلك فاسق بني آدم الذي قد استوجب القتل
قال الأولون ليس في هذا ما يعارض ما ذكرنا من الأدلة ولا سيما قوله تعالى ( ومن دخله كان آمنا ) ( آل عمران 97 ) وهذا إما خبر بمعنى الأمر لاستحالة الخلف في خبره تعالى وإما خبر عن شرعه ودينه الذي شرعه في حرمه وإما إخبار عن الأمر المعهود المستمر في حرمه في الجاهلية والإسلام كما قال تعالى ( أو لم يروا أنا جعلنا حرما ويتخطف آمنا الناس من حولهم ) ( العنكبوت 67 ) وقوله تعالى ( وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء ) (القصص 57 ) وما عدا هذا من الأقوال الباطلة فلا يلتفت إليه كقول بعضهم ومن دخله كان آمنا من النار وقول بعضهم كان آمنا من الموت على غير الإسلام ونحو ذلك فكم ممن دخله وهو في قعر الجحيم وأما العمومات الدالة على استيفاء الحدود والقصاص في كل زمان ومكان فيقال أولا لا تعرض في تلك العمومات لزمان الاستيفاء ولامكانه كما لا تعرض فيها لشروطه وعدم موانعه فإن اللفظ لا يدل عليها بوضعه ولا بتضمنه فهو مطلق بالنسبة إليها ولهذا إذا كان للحكم شرط أو مانع لم يقل إن توقف الحكم عليه تخصيص لذلك العام فلا يقول محصل إن قوله تعالى ( وأحل لكم ما وراء ذلكم ) ( النساء 24 ) مخصوص بالمنكوحة في عدتها أو بغير إذن وليها أو بغير شهود فهكذا النصوص العامة في استيفاء الحدود والقصاص لا تعرض فيها لزمنه ولامكانه ولا شرطه ولا مانعه ولو قدر تناول اللفظ لذلك لوجب تخصيصه بالأدلة الدالة على المنع لئلا يبطل موجبها ووجب حمل اللفظ العام على ما عداها كسائر نظائره وإذا خصصتم تلك العمومات بالحامل والمرضع والمريض الذي يرجى برؤه والحال المحرمة للاستيفاء كشدة المرض أو البرد أو الحر فما المانع من تخصيصها بهذه الأدلة وإن قلتم ليس ذلك تخصيصا بل تقييدا لمطلقها كلنا لكم بهذا الصاع سواء بسواء
وأما قتل ابن خطل فقد تقدم أنه كان في وقت الحل والنبي قطع الإلحاق ونص على أن ذلك من خصائصه وقوله وإنما أحلت لي ساعة من نهارا صريح في إنه إنما أحل له سفك دم حلال في غير الحرم في تلك الساعة خاصة إذ لو كان حلالا في كل وقت لم يختص بتلك الساعة وهذا صريح في أن الدم الحلال في غيرها حرام فيها فيما عدا تلك الساعة وأما قوله الحرم لا يعيذ عاصيا فهو من كلام الفاسق عمرو بن سعيد الأشدق يرد به حديث رسول الله حين روى له أبو شريح الكعبي هذا الحديث كما جاء مبينا في الصحيح فكيف يقدم على قول رسول الله وأما قولكم لو كان الحد والقصاص فيما دون النفس لم يعذه الحرم منه فهذه المسألة فيها قولان للعلماء وهما روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد فمن منع الاستيفاء نظر إلى عموم الأدلة العاصمة بالنسبة إلى النفس وما دونها ومن فرق قال سفك الدم إنما ينصرف إلى القتل ولا يلزم من تحريمه في الحرم تحريم ما دونه لأن حرمة النفس أعظم والانتهاك بالقتل أشد قالوا ولأن الحد بالجلد أو القطع يجري مجرى التأديب فلم يمنع منه كتأديب السيد عبده وظاهر هذا المذهب أنه لا فرق بين النفس وما دونها في ذلك قال أبو بكر هذه مسألة وجدتها لحنبل عن عمه أن الحدود كلها تقام في الحرم إلا القتل قال والعمل على أن كل جان دخل الحرم لم يقم عليه الحد حتى يخرج منه قالوا وحينئذ فنجيبكم بالجواب المركب وهو أنه إن كان بين النفس وما دونها في ذلك فرق مؤثر بطل الإلزام وإن لم يكن بينهما فرق مؤثر سوينا بينهما في الحكم وبطل الاعتراض فتحقق بطلانه على التقديرين قالوا وأما قولكم إن الحرم لا يعيذ من انتهك فيه الحرمة إذ أتى فيه ما يوجب الحد فكذلك اللاجىء إليه فهو جمع بين ما فرق الله ورسوله والصحابة بينهما فروى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال من سرق أو قتل في الحل ثم دخل الحرم فإنه لا يجالس ولا يكلم ولا يؤوى ولكنه يناشد حتى يخرج فيؤخذ فيقام عليه الحد وإن سرق أو قتل في الحرم أقيم عليه في الحرم وذكر الأثرم عن ابن عباس أيضا من أحدث حدثا في الحرم أقيم عليه ما أحدث فيه من شيء وقد أمر الله سبحانه بقتل من قاتل في الحرم فقال ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم ) ( البقر 191 )
والفرق بين اللاجيء والمنهتك فيه من وجوه أحدها أن الجاني فيه هاتك لحرمته بإقدامه على الجناية فيه بحلاف من جنى خارجه ثم لجأ إليه فإنه معظم لحرمته مستشعر بها بالتجائه إليه فقياس أحدهما على الآخر باطل الثاني أن الجاني فيه بمنزلة المفسد الجاني على بساط الملك في داره وحرمه ومن جنى خارجه ثم لجأ إليه فإنه بمنزلة من جنى خارج بساط السلطان وحرمه ثم دخل إلى حرمه مستجيرا الثالث أن الجاني في الحرم قد انتهك حرمة الله سبحانه وحرمة بيته وحرمه فهو هاتك لحرمتين بخلاف غيره الرابع أنه لو لم يقم الحد على الجناة في الحرم لعم الفساد وعظم الشر في حرم الله فإن أهل الحرم كغيرهم في الحاجة إلى صيانة نفوسهم وأموالهم وأعراضهم ولو لم يشرع الحد في حق من ارتكب الجرائم في الحرم لتعطلت حدود الله وعم الضرر للحرم وأهله والخامس أن اللاجىء إلى الحرم بمنزلة التائب المتنصل اللاجىء إلى بيت الرب تعالى المتعلق بأستاره فلا يناسب حاله ولا حال بيته وحرمه أن يهاج بخلاف المقدم على انتهاك حرمته فظهر سر الفرق وتبين أن ما قاله ابن عباس هو محض الفقه وأما قولكم إنه حيوان مفسد فأبيح قتله في الحل والحرم كالكلب العقور فلا يصح القياس فان الكلب العقور طبعه الأذى فلم يحرمه الحرم ليدفع أذاه عن أهله وأما الآدمي فالأصل فيه الحرمة وحرمته عظيمة وإنما أبيح لعارض فأشبه الصائل من الحيوانات المباحة من المأكولات فإن الحرم يعصمها وأيضا فإن حاجة أهل الحرم إلى قتل الكلب العقور والحية والحدأة كحاجة أهل الحل سواء فلو أعاذها الحرم لعظم عليهم الضرر بها
فصل
ومنها قوله ولا يعضد بها شجر وفي اللفظ الآخر ولا يعضد شوكها وفي لفظ في صحيح مسلم ولا يخبط شوكها لا خلاف بينهم أن الشجر البري الذي لم ينبته الآدمي على اختلاف أنواعه مراد من هذا اللفظ واختلفوا فيما أنبته الآدمي من الشجر في الحرم على ثلاثة أقوال وهي في مذهب أحمد أحدها أن له قلعه ولا ضمان عليه وهذا اختيار ابن عقيل وأبي الخطاب وغيرهما والثاني أنه ليس له قلعه وإن فعل ففيه الجزاء بكل حال وهو قول الشافعي وهو الذي ذكره ابن البناء في خصاله الثالث الفرق بين ما أنبته في الحل ثم غرسه في الحرم وبين ما أنبته في الحرم أولا فالأول لا جزاء فيه والثاني لا يقلع وفيه الجزاء بكل حال وهذا قول القاضي وفيه قول رابع وهو الفرق بين ما ينبت الآدمي جنسه كاللوز والجوز والنخل ونحوه وما لا ينبت الآدمي جنسه كالدوح والسلم ونحوه فالأول يجوز قلعه ولا جزاء فيه والثاني لا يجوز وفيه الجزاء قال صاحب المغني والأولى الأخذ بعموم الحديث في تحريم الشجر كله إلا ما أنبت الآدمي من جنس شجرهم بالقياس على ما أنبتوه من الزرع والأهلي من الحيوان فإننا إنما أخرجنا من الصيد ما كان أصله إنسيا دون ما تأنس من الوحشي كذا هاهنا وهذا تصريح منه باختيار هذا القول الرابع فصار في مذهب أحمد أربعة أقوال والحديث ظاهر جدا في تحريم قطع الشوك والعوسج وقال الشافعي لا يحرم قطعه لأنه يؤذي الناس بطبعه فأشبه السباع وهذا اختيار أبي الخطاب وابن عقيل وهو مروي عن عطاء ومجاهد وغيرهما وقوله لا يعضد شوكها
وفي اللفظ الآخر لا يختلى شوكها صريح في المنع ولا يصح قياسه على السباع العادية فإن تلك تقصد بطبعها الأذى وهذا لا يؤذي من لم يدن منه والحديث لم يفرق بين الأخضر واليابس ولكن قد جوزوا قطع اليابس قالوا لأنه بمنزلة الميت ولا يعرف فيه خلاف وعلى هذا فسياق الحديث يدل على أنه إنما أراد الأخضر فإنه جعله بمنزلة تنفير الصيد وليس في أخذ اليابس انتهاك حرمةالشجرة الخضراء التي تسبح بحمد ربها ولهذا غرس النبي على القبرين غصنين أخضرين وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا وفي الحديث دليل على أنه إذا انقلعت الشجرة بنفسها أو انكسر الغصن جاز الانتفاع به لأنه لم يعضده هو وهذا لا نزاع فيه فإن قيل فما تقولون فيما إذا قلعها قالع ثم تركها فهل يجوز له أو لغيره أن ينتفع بها قيل قد سئل الإمام أحمد عن هذه المسألة فقال من شبهه بالصيد لم ينتفع بحطبها وقال لم أسمع إذا قطعه ينتفع به وفيه وجه آخر أنه يجوز لغير القاطع الانتفاع به لأنه قطع بغير فعله فأبيح له الانتفاع به كما لو قلعته الريح وهذا بخلاف الصيد إذا قتله محرم حيث يحرم على غيره فإن قتل المحرم له جعله ميتة وقوله في اللفظ الآخر ولا يخبط شوكها صريح أو كالصريح في تحريم قطع الورق وهذا مذهب أحمد رحمه الله وقال الشافعي له أخذه ويروى عن عطاء والأول أصح لظاهر النص والقياس فإن منزلته من الشجرة منزلة ريش الطائر منه وأيضا فإن أخذ الورق ذريعة إلى يبس الأغصان فإنه لباسها ووقايتها
فصل
وقوله ولا يختلى خلاها لا خلاف أن المراد من ذلك ما ينبت بنفسه دون ما أنبته الآدميون ولا يدخل اليابس في الحديث بل هو للرطب خاصة فإن الخلا بالقصر الحشيش الرطب ما دام رطبا فإذا يبس فهو حشيش وأخلت الأرض كثر خلاها واختلاء الخلى قطعه ومنه الحديث كان ابن عمر يختلي لفرسه أي يقطع لها الخلى ومنه سميت المخلاة وهي وعاء الخلى والإذخر مستثنى بالنص وفي تخصيصه بالاستثناء دليل على إرادة العموم فيما سواه فإن قيل فهل يتناول الحديث الرعي أم لا قيل هذا فيه قولان أحدهما لا يتناوله فيجوز الرعي وهذا قول الشافعي والثاني يتناوله بمعناه وإن لم يتناوله بلفظه فلا يجوز الرعي وهو مذهب أبي حنيفة والقولان لأصحاب أحمد قال المحرمون وأي فرق بين اختلائه وتقديمه للدابة وبين إرسال الدابة عليه ترعاه قال المبيحون لما كانت عادة الهدايا أن تدخل الحرم وتكثر فيه ولم ينقل قط أنها كانت تسد أفواهما دل على جواز الرعي
قال المحرمون الفرق بين أن يرسلها ترعى ويسلطها على ذلك وبين أن ترعى بطبعها من غير أن يسلطها صاحبها وهو لا يجب عليه أن يسد أفواهها كما لا يجب عليه أن يسد أنفه في الإحرام عن شم الطيب وإن لم يجز له أن يتعمد شمه وكذلك لا يجب عليه أن يمتنع من السير خشية أن يوطىء صيدا في طريقه وإن لم يجز له أن يقصد ذلك وكذلك نظائره فإن قيل فهل يدخل في الحديث أخذ الكمأة والفقع وما كان مغيبا في الأرض قيل لا يدخل في لأنه بمنزلة الثمرة وقد قال أحمد يؤكل من شجر الحرم الضغابيس والعشرق
فصل
وقوله ولا ينفر صيدها صريح في تحريم التسبب إلى قتل الصيد واصطياده بكل سبب حتى إنه لا ينفره عن مكانه لأنه حيوان محترم في هذا المكان قد سبق إلى مكان فهو أحق به ففي هذا أن الحيوان المحترم إذا سبق إلى مكان لم يزعج عنه
فصل
وقوله ولا يلتقط ساقطتها إلا من عرفها وفي لفظ ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد فيه دليل على أن لقطة الحرم لا تملك بحال وأنها لا تلتقط إلا للتعريف لا للتمليك وإلا لم يكن لتخصيص مكة بذلك فائدة أصلا وقد اختلف في ذلك فقال مالك وأبو حنيفة لقطة الحل والحرم سواء وهذا إحدى الروايتين عن أحمد وأحد قولي الشافعي ويروى عن ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم وقال أحمد في الرواية الأخرى والشافعي في القول الآخر لا يجوز التقاطها للتمليك وإنما يجوز لحفظها لصاحبها فإن التقطها عرفها أبدا حتى يأتي صاحبها وهذا قول عبد الرحمن بن مهدي وأبي عبيد وهذا هو الصحيح والحديث صريح فيه والمنشد المعرف والناشد الطالب ومنه قوله إصاخة الناشد للمنشد وقد روى أبو داود في سننه أن النبي نهى عن لقطة الحاج وقال ابن وهب يعني يتركها حتى يجدها صاحبها
قال شيخنا وهذا من خصائص مكة والفرق بينها وبين سائر الآفاق في ذلك أن الناس يتفرقون عنها إلى الأقطار المختلفة فلا يتمكن صاحب الضالة من طلبها والسؤال عنها بخلاف غيرها من البلاد
فصل
وقوله في الخطبة ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يأخذ الدية فيه دليل على أن الواجب بقتل العمد لا يتعين في القصاص بل هو أحد شيئين إما القصاص وإما الدية وفي ذلك ثلاثة أقوال وهي روايات عن الإمام أحمد أحدها أن الواجب أحد شيئين إما القصاص وإما الدية والخيرة في ذلك إلى الولي بين أربعة أشياء العفو مجانا والعفو إلى الدية والقصاص ولا خلاف في تخييره بين هذه الثلاثة والرابع المصالحة على أكثر من الدية فيه وجهان أشهرهما مذهبا جوازه والثاني ليس له العفو على مال إلا الدية أو دونها وهذا أرجح دليلا فإن اختار الدية سقط القود ولم يملك طلبه بعد وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن مالك والقول الثاني أن موجبه القود عينا وأنه ليس له أن يعفو إلى الدية إلا برضى الجاني فإن عدل إلى الدية ولم يرض الجاني فقوده بحاله وهذا مذهب مالك في الرواية الأخرى وأبي حنيفة والقول الثالث أن موجبه القود عينا مع التخيير بينه وبين الدية وإن لم يرض الجاني فإذا عفا عن القصاص إلى الدية فرضي الجاني فلا إشكال وإن لم يرض فله العود إلى القصاص عينا فإن عفا عن القود مطلقا فإن قلنا الواجب أحد الشيئين فله الدية وإن قلنا الواجب القصاص عينا سقط حقه منها فإن قيل فما تقولون فيما لو مات القاتل قلنا في ذلك قولان أحدهما تسقط الدية وهو مذهب أبي حنيفة لأن الواجب عندهم القصاص عينا وقد زال محل استيفائه بفعل الله تعالى فأشبه ما لو مات العبد الجاني فإن أرش الجناية لا ينتقل إلى ذمة السيد وهذا بخلاف تلف الرهن وموت الضامن حيث لا يسقط الحق لثبوته في ذمة الراهن والمضمون عنه فلم يسقط بتلف الوثيقة وقال الشافعي وأحمد تتعين الدية في تركته لأنه تعذر استيفاء القصاص من غير إسقاط فوجب الدية لئلا يذهب الورثة من الدم والدية مجانا فإن قيل فما تقولون لو اختار القصاص ثم اختار بعده العفو إلى الدية هل له ذلك قلنا هذا فيه وجهان أحدهما أن له ذلك لأن القصاص أعلى فكان له الانتقال إلى الأدنى والثاني ليس له ذلك لأنه لما اختار القصاص فقد أسقط الدية باختياره له فليس له أن يعود إليها بعد إسقاطها فإن قيل فكيف تجمعون بين هذا الحديث وبين قوله من قتل عمدا فهو قود قيل لا تعارض بينهما بوجه فإن هذا يدل على وجوب القود بقتل العمد وقوله فهو بخير النظرين يدل على تخييره بين استيفاء هذا الواجب له وبين أخذ بدله وهو الدية فأي تعارض وهذا الحديث نظير قوله تعالى ( كتب عليكم القصاص ) ( البقرة 178 ) وهذا لا ينفي تخيير المستحق له بين ما كتب له وبين بدله والله أعلم
فصل
وقوله في الخطبة إلا الإذخر بعد قول العباس له إلا الإذخر يدل على مسألتين إحداهما إباحة قطع الإذخر والثانيةأنه لا يشترط في الاستثناء أن ينويه من أول الكلام ولا قبل فراغه لأن النبي لو كان ناويا لاستثناء الإذخر من أول كلامه أو قبل تمامه لم يتوقف استثناؤه له على سؤال العباس له ذلك وإعلامه أنهم لا بد لهم منه لقينهم وبيوتهم ونظير هذا استثناؤه لسهيل بن بيضاء من أسارى بدر بعد أن ذكره به ابن مسعود فقال لا ينفلتن أحد منهم إلا بفداء أو ضربة عنق فقال ابن مسعود إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام فقال إلا سهيل بن بيضاء ومن المعلوم أنه لم يكن قد نوى الاستثناء في الصورتين من أول كلامه ونظيره أيضا قول الملك لسليمان لما قال لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله فقال له الملك قل إن شاء الله تعالى فلم يقل فقال النبي لو قال إن شاء الله تعالى لقاتلوا في سبيل الله أجمعون وفي لفظ لكان دركا لحاجته فأخبر أن هذا الاستثناء لو وقع منه في هذه الحالة لنفعه ومن يشترط النية يقول لا ينفعه ونظير هذا قوله والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا ثلاثا ثم سكت ثم قال إن شاء الله فهذا استثناء بعد سكوت وهو يتضمن إنشاء الاستثناء بعد الفراغ من الكلام والسكوت عليه وقد نص أحمد على جوازه وهو الصواب بلا ريب والمصير إلى موجب هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة أولى وبالله التوفيق
فصل
وفي القصة أن رجلا من الصحابة يقال له أبو شاه قام فقال اكتبوا لي فقال النبي اكتبوا لأبي شاه يريد خطبته ففيه دليل على كتابه العلم ونسخ النهي عن كتابة الحديث فإن النبي قال من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه وهذا كان في أول الإسلام خشية أن يختلط الوحي الذي يتلى بالوحي الذي لا يتلى ثم أذن في الكتابة لحديثه وصح عن عبد الله بن عمرو أنه كان يكتب حديثه وكان مما كتبه صحيفه تسمى الصادقة وهي التي رواها حفيده عمرو بن شعيب عن أبيه عنه وهي من أصح الأحاديث وكان بعض أئمة أهل الحديث يجعلها في درجة أيوب عن نافع عن ابن عمر والأئمة الأربعة وغيرهم احتجوا بها
فصل
وفي القصة أن النبي دخل البيت وصلى فيه ولم يدخله حتى محيت الصور منه ففيه دليل على كراهة الصلاة في المكان المصور وهذا أحق بالكراهة من الصلاة في الحمام لأن كراهة الصلاة في الحمام إما لكونه مظنة النجاسة وإما لكونه بيت الشيطان وهو الصحيح وأما محل الصور فمظنة الشرك وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور
فصل
وفي القصة أنه دخل مكة وعليه عمامة سوداء ففيه دليل على جواز لبس السواد أحيانا ومن ثم جعل خلفاء بني العباس لبس السواد شعارا لهم ولولاتهم وقضاتهم وخطبائهم والنبي لم يلبسه لباسا راتبا ولا كان شعاره في الأعياد والجمع والمجامع العظام البتة وإنما اتفق له لبس العمامة السوداء يوم الفتح دون سائر الصحابة ولم يكن سائر لباسه يومئذ السواد بل كان لواؤه أبيض
فصل
ومما وقع في هذه الغزوة إباحة متعة النساء ثم حرمها قبل خروجه من مكة واختلف في الوقت الذي حرمت فيه المتعة على أربعة أقوال أحدها أنه يوم خيبر وهذا قول طائفة من العلماء منهم الشافعي وغيره والثاني أنه عام فتح مكة وهذا قول ابن عيينة وطائفة والثالث أنه عام حنين وهذا في الحقيقة هو القول الثاني لاتصال غزاة حنين بالفتح والرابع أنه عام حجة الوداع وهو وهم من بعض الرواة سافر فيه وهمه من فتح مكة إلى حجة الوداع كما سافر وهم معاوية من عمرة الجعرانة إلى حجة الوداع حيث قال قصرت عن رسول الله بمشقص على المروة في حجته وقد تقدم في الحج وسفر الوهم من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان ومن واقعة إلى واقعة كثيرا ما يعرض للحفاظ فمن دونهم والصحيح أن المتعة إنما حرمت عام الفتح لأنه قد ثبت في صحيح مسلم أنهم استمتعوا عام الفتح مع النبي بإذنه ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرتين وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة ولا يقع مثله فيها وأيضا فإن خيبر لم يكن فيها مسلمات وإنما كن يهوديات وإباحة نساء أهل الكتاب لم تكن ثبتت بعد إنما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة بقوله ( اليوم أحل لكم الطبيات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعاكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) ( المائدة 5 ) وهذا متصل بقوله ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ( المائدة 3) وبقوله ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) ( المائدة 3 ) وهذا كان في آخر الأمر بعد حجة الوداع أو فيها فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتة زمن خيبر ولا كان للمسلمين رغبة في الاستمتاع بنساء عدوهم قبل الفتح وبعد الفتح استرق من استرق منهن وصرن إماء للمسلمين فإن قيل فما تصنعون بما ثبت في الصحيحين من حديث علي ابن أبي طالب أن رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية وهذا صحيح صريح قيل هذا الحديث قد صحت روايته بلفظين هذا أحدهما
والثاني الاقتصار على نهي النبي عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر هذه رواية ابن عيينة عن الزهري قال قاسم بن أصبغ قال سفيان بن عيينة يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر لا عن نكاح المتعة ذكره أبو عمر وفي التمهيد ثم قال على هذا أكثر الناس انتهى فتوهم بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف لتحريمهن فرواه حرم رسول الله المتعة زمن خيبر والحمر الأهلية واقتصر بعضهم على رواية بعض الحديث فقال حرم رسول الله المتعة زمن خيبر فجاء بالغلط البين فإن قيل فأي فائدة في الجمع بين التحريمين إذا لم يكونا قد وقعا في وقت واحد وأين المتعة من تحريم الحمر قيل هذا الحديث رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه محتجا به على ابن عمه عبدالله بن عباس في المسألتين فإنه كان يبيح المتعة ولحوم الحمر فناظره علي بن أبي طالب في المسألتين وروى له التحريمين وقيد تحريم الحمر بزمن خيبر وأطلق تحريم المتعة قال إنك امرؤ تائه إن رسول الله حرم المتعة وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر كما قاله سفيان بن عيينة وعليه أكثر الناس فروى الأمرين محتجا عليه بهما لا مقيدا لهما بيوم خيبر والله الموفق ولكن هاهنا نظر آخر وهو أنه هل حرمها تحريم الفواحش التي لا تباح بحال أو حرمها عند الاستغناء عنها وأباحها للمضطر هذا هو الذي نظر فيه ابن عباس وقال أنا أبحتها للمضطر كالميتة والدم فلما توسع فيها من توسع ولم يقف عند الضرورة أمسك ابن عباس عن الإفتاء بحلها ورجع عنه وقد كان ابن مسعود يرى إباحتها ويقرأ ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) ( المائدة 87 ) ففي الصحيحين عنه قال كنا نغزو مع رسول الله وليس لنا نساء فقلنا ألا نختصي فنهانا ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبدالله ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) ( المائدة 87 ) وقراءة عبدالله هذه الآية عقيب هذا الحديث يحتمل أمرين
أحدهما الرد على من يحرمها وأنها لو لم تكن من الطيبات لما أباحها رسول الله والثاني أن يكون أراد آخر هذه الآية وهو الرد على من أباحها مطلقا وأنه معتد فإن رسول الله إنما رخص فيها للضرورة وعند الحاجة في الغزو وعند عدم النساء وشدة الحاجة إلى المرأة فمن رخص فيها في الحضر مع كثرة النساء وإمكان النكاح المعتاد فقد اعتدى والله لا يحب المعتدين فإن قيل فكيف تصنعون بما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر وسلمة بن الأكوع قالا خرج علينا منادي رسول الله فقال إن رسول الله قد أذن لكم أن تستمعوا يعني متعة النساء قيل هذا كان زمن الفتح قبل التحريم ثم حرمها بعد ذلك بدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع قال رخص لنا رسول الله عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها وعام أوطاس هو عام الفتح لأن غزاة أوطاس متصلة بفتح مكة فإن قيل فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبدالله قال كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله وأبي بكر حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث وفيما ثبت عن عمر أنه قال متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما متعة النساء ومتعة الحج قيل الناس في هذا طائفتان طائفة تقول إن عمر هو الذي حرمها ونهى عنا وقد أمر رسول الله باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده وقد تكلم فيه ابن معين ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه مع شدة الحاجة إليه وكونه أصلا من أصول الإسلام ولو صح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به قالوا ولو صح حديث سبرة لم يخف على ابن مسعود حتى يروي انهم فعلوها ويحتج بالآية وأيضا ولو صح لم يقل عمر إنها كانت على عهد رسول الله وأنا أنهى عنها وأعاقب عليها بل كان يقوم إنه حرمها ونهى عنها قالوا ولو صح لم تفعل على عهد الصديق وهو عهد خلافة النبوة حقا والطائفة الثانية رأت صحبة حديث سبرة ولو لم يصح فقد صح حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله حرم متعة النساء فوجب حمل حديث جابر على أن الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم ولم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر رضي الله عنه فلما وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها وبالله التوفيق
فصل
وفي قصة الفتح من الفقه جواز إجارة المرأة وأمانها للرجل والرجلين كما أجاز النبي أمان أم هانىء لحمويها
وفيها من الفقه جواز قتل المرتد الذي تغلظت ردته من غير استتابة فإن عبدالله بن سعد بن أبي سرح كان قد أسلم وهاجر وكان يكتب الوحي لرسول الله ثم ارتد ولحق بمكة فلما كان يوم الفتح أتى به عثمان بن عفان رسول الله ليبايعه فأمسك عنه طويلا ثم بايعه وقال إنما أمسكت عنه ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال له رجل هلا أو مأت إلي يا رسول الله فقال ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين فهذا كان قد تغلظ كفره بردته بعد إيمانه وهجرته وكتابه الوحي ثم ارتد ولحق المشركين يطعن على الإسلام ويعيبه وكان رسول الله يريد قتله فلما جاء به عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة لم يأمر النبي بقتله حياء من عثمان ولم يبايعه ليقوم إليه بعض أصحابه فيقتله فهابوا رسول الله أن يقدموا على قتله بغير إذنه واستحيى رسول الله من عثمان وساعد القدر السابق لما يريد الله سبحانه بعبد الله مما ظهر منه بعد ذلك من الفتوح فبايعه وكان ممن استثنى الله بقوله ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) ( آل عمران 89-86 ) وقوله ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين أي أن النبي لا يخالف ظاهره باطنه ولا سره علانيته وإذا نفذ حكم الله وأمره لم يوم به بل صرح به وأعلنه وأظهره