عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الجزء الثاني_زاد المعاد
تاريخ الاضافة 2007-11-26 09:41:38
المشاهدات 3051
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

 
فصل في عمرة القضية


قال نافع كانت في ذي القعدة سنة سبع وقال سليمان التيمي لما رجع رسول الله من خيبر بعث السرايا وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة ثم نادى في الناس بالخروج قال موسى بن عقبة ثم خرج رسول الله من العام المقبل من عام الحديبية معتمرا في ذي القعدة سنة سبع وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام حتى إذا بلغ يأجج وضع الأداة كلها الحجف والمجان والنبل والرماح ودخلوا بسلاح الراكب السيوف وبعث رسول الله جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حزن العامرية فخطبها إليه فجعلت أمرها إلى العباس ابن عبد المطلب وكانت أختها أم الفضل تحته فزوجها العباس رسول الله فلما قدم رسول الله أمر أصحابه فقال اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف ليرى المشركون جلدهم وقوتهم وكان يكايدهم بكل ما استطاع فوقف أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله وأصحابه وهم يطوفون بالبيت وعبدالله ابن رواحة بين يدي رسول الله يرتجز متوشحا بالسيف يقول


( خلوا بني الكفار عن سبيله % قد أنزل الرحمن في تنزيله )
( في صحف تتلى على رسوله % يا رب إني مؤمن بقيله )
( إني رأيت الحق في قبوله % اليوم نضربكم على تأويله )
( ضربا يزيل الهام عن مقيله % ويذهل الخليل عن خليله )


 وتغيب رجال من المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله حنقا وغيظا فأقام رسول الله بمكة ثلاثا فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ورسول الله في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة فصاح حويطب نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث فقال سعد بن عبادةكذبت لا أم لك ليست بأرضك ولا أرض آبائك والله لا نخرج ثم نادى رسول الله حويطبا أو سهيلا فقال إني قد نكحت منكم امرأة فما يضركم أن أمكث حتى أدخل بها ونضع الطعام فنأكل وتأكلون معنا فقالوا نناشدك الله والعقد إلا خرجت عنا فأمر رسول الله أبا رافع فأذن بالرحيل وركب رسول الله حتى نزل بطن سرف فأقام بها وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمسي فأقام حتى قدمت ميمونة ومن معها وقد لقوا أذى وعناء من سفهاء المشركين وصبيانهم فبنى بها بسرف ثم أدلج وسار حتى قدم المدينة وقدر الله أن يكون قبر ميمونة بسرف حيث بنى بها


 


فصل


وأما قول ابن عباس إن رسول الله تزوج ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال فمما استدرك عليه وعد من وهمه قال سعيد بن المسيب ووهم ابن عباس وإن كانت خالته ما تزوجها رسول الله إلا بعد ما حل ذكره البخاري وقال يزيد بن الأصم عن ميمونة تزوجني رسول الله ونحن حلالان بسرف رواه مسلم وقال أبو رافع تزوج رسول الله ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت الرسول بينهما صح ذلك عنه وقال سعيد بن المسيب هذا عبدالله بن عباس يزعم أن رسول الله نكح ميمونة وهو محرم وإنما قدم رسول الله مكة وكان الحل والنكاح جميعا فشبه ذلك على الناس وقد قيل إنه تزوجها قبل أن يحرم وفي هذا نظر إلا أن يكون وكل في العقد عليها قبل إحرامه وأظن الشافعي ذكر ذلك قولا فالأقوال ثلاثة أحدها أنه تزوجها بعد حله من العمرة وهو قول ميمونة نفسها وقول السفير بينها وبين رسول الله وهو أبو رافع وقول سعيد بن المسيب وجمهور أهل النقل والثاني أنه تزوجها وهو محرم وهو قول ابن عباس وأهل الكوفة وجماعة والثالث أنه تزوجها قبل أن يحرم وقد حمل قول ابن عباس أنه تزوجها وهو محرم على أنه تزوجها في الشهر الحرام لا في حال الإحرام قالوا ويقال أحرم الرجل إذا عقد الإحرام وأحرم إذا دخل في الشهر الحرام وإن كان حلالا بدليل قول الشاعر


( قتلوا ابن عفان الخليفة محرما % ورعا فلم أر مثله مقتولا )


وإنما قتلوه في المدينة حلالا في الشهر الحرام وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ولو قدر تعارض القول والفعل هاهنا لوجب تقديم القول لأن الفعل موافق للبراءة الأصلية والقول ناقل عنها فيكون رافعا لحكم البراءة الأصلية وهذا موافق لقاعدة الأحكام ولو قدم الفعل لكان رافعا لموجب القول والقول رافع لموجب البراءة الأصلية فيلزم تغيير الحكم مرتين وهو خلاف قاعدة الأحكام والله أعلم


فصل


ولما أراد النبي الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم يا عم فتناولها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فحملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي أنا أخذتها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد ابنة أخي فقضى بها رسول الله لخالتها وقال الخالة بمنزلة الأم وقال لعلى أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا متفق على صحته وفي هذه القصة من الفقه أن الخالة مقدمة في الحضانة على سائر الأقارب بعد الأبوين وأن تزوج الحاضنة بقريب من الطفل لا يسقط حضانتها نص أحمد رحمه الله تعالى في رواية عنه على أن تزويجها لا يسقط حضانتها في الجارية خاصة واحتج بقصة بنت حمزة هذه ولما كان ابن العم ليس محرما لم يفرق بينه وبين الأجنبي في ذلك وقال تزوج الحاضنة لا يسقط حضانتها للجارية وقال الحسن البصري لا يكون تزوجها مسقطا لحضانتها بحال ذكرا كان الولد أو أنثى وقد اختلف في سقوط الحضانة بالنكاح على أربعة أقوال أحدها تسقط به ذكرا كان أو أنثى وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات عنه والثاني لا تسقط بحال وهو قول الحسن وابن حزم

 

 

والثالث إن كان الطفل بنتا لم تسقط الحضانة وإن كان ذكرا سقطت وهذه رواية عن أحمد رحمه الله تعالى وقال في رواية مهنا إذا تزوجت الأم وابنها صغير أخذ منها قيل له والجارية مثل الصبي قال لا الجارية تكون معها إلى سبع سنين وحكى ابن أبي موسى رواية أخرى عنه أنها أحق بالبنت وإن تزوجت إلى أن تبلغ والرابع أنها إذا تزوجت بنسيب من الطفل لم تسقط حضانتها وإن تزوجت بأجنبي سقطت ثم اختلف أصحاب هذا القول على ثلاثة أقوال أحدها أنه يكفي كونه نسيبا فقط محرما كان أو غير محرم وهذا ظاهر كلام أصحاب أحمد وإطلاقهم الثاني أنه يشترط كونه مع ذلك ذا رحم محرم وهو قول الحنيفة الثالث أنه يشترط مع ذلك أن يكون بينه وبين الطفل ولادة بأن يكون جدا للطفل وهذا قول بعض أصحاب أحمد ومالك والشافعي وفي القصة حجة لمن قدم الخالة على العمة وقرابة الأم على قرابة الأب فإنه قضى بها لخالتها وقد كانت صفية عمتها موجودة إذ ذاك وهذا قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه وعنه رواية ثانية أن العمة مقدمة على الخالة وهي اختيار شيخنا وكذلك نساء الأب يقدمن على نساء الأم لأن الولاية على الطفل في الأصل للأب وإنما قدمت عليه الأم لمصلحة الطفل وكمال تربيته وشفقتها وحنوها والإناث أقوم بذلك من الرجال فإذا صار الأمر إلى النساء فقط أو الرجال فقط كانت قرابة الأب أولى من قرابة الأم كما يكون الأب أولى من كل ذكر سواه وهذا قوي جدا ويجاب عن تقديم خالة ابنة حمزة على عمتها بأن العمة لم تطلب الحضانة والحضانة حق لها يقضى لها به بطلبه بخلاف الخالة فإن جعفرا كان نائبا عنها في طلب الحضانة

 

 

 ولهذا قضى بها النبي لها في غيبتها وأيضا فكما أن لقرابة الطفل أن يمنع الحاضنة من حضانة الطفل إذا تزوجت فللزوج أن يمنعها من أخذه وتفرغها له فإذا رضي الزوج بأخذه حيث لا تسقط حضانتها لقرابته أو لكون الطفل أنثى على رواية مكنت من أخذه وإن لم يرض فالحق له والزوج هاهنا قد رضي وخاصم في القصة وصفية لم يكن منها طلب وأيصا فابن العم له حضانة الجارية التي لا تشتهى في أحد الوجهين بل وإن كانت تشتهى فله حضانتها أيضا وتسلم إلى امرأة ثقة يختارها هو أو إلى محرمه وهذا هو المختار لأنه قريب من عصباتها وهو أولى من الأجانب والحاكم وهذه إن كانت طفلة فلا إشكال وإن كانت ممن يشتهى فقد سلمت إلى خالتها فهي وزوجها من أهل الحضانة والله أعلم وقول زيد ابنة أخي يريد الإخاء الذي عقده رسول الله بينه وبين حمزة لما واخى بين المهاجرين فإنه واخى بين أصحابه مرتين فواخى بين المهاجرين بعضهم مع بعض قبل الهجرة على الحق والمواساة وآخى بين أبي بكر وعمر وبين حمزة وزيد بن حارثة وبين عثمان وعبدالرحمن بن عوف وبين الزبير وابن مسعود وبين عبيدة بن الحارث وبلال وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص وبين أبي عبيدة وسالم مولى أبو حذيفة وبين سعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله والمرة الثانية آخى بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك بعد مقدمه المدينة


 


فصل


واختلف في تسمية هذه العمرة بعمرة القضاء هل هو لكونها قضاء للعمرة التي صدوا عنها أو من المقاضاة على قولين تقدما قال الواقدي حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال لم تكن هذه العمرة قضاء ولكن كان شرطا على المسلمين أن يعتمروا في الشهر الذي حاصرهم فيه المشركون واختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال أحدها أن من أحصر عن العمرة يلزمه الهدي والقضاء وهذا إحدى الروايات عن أحمد بل أشهرها عنه والثاني لا قضاء عليه وعليه الهدي وهو قول الشافعي ومالك في ظاهر مذهبه ورواية أبي طالب عن أحمد والثالث يلزمه القضاء ولا هدي عليه وهو قول أبي حنيفة والرابع لا قضاء عليه ولا هدي وهو إحدى الروايات عن أحمد فمن أوجب عليه القضاء والهدي احتج بأن النبي وأصحابه نحروا الهدي حين صدوا عن البيت ثم قضوا من قابل قالوا والعمرة تلزم بالشروع فيها ولا يسقط الوجوب إلا بفعلها ونحر الهدي لأجل التحلل قبل تمامها وقالوا وظاهر الآية يوجب الهدي لقوله تعالى ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ( البقرة 196 ) ومن لم يوجبهما قالوا لم يأمر النبي الذين أحصروا معه بالقضاء ولا أحدا منهم ولا وقف الحل على نحرهم الهدي بل أمرهم أن يحلقوا رؤوسهم وأمر من كان معه هدى أن ينحر هديه ومن أوجب الهدي دون القضاء احتج بقوله ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ومن أوجب القضاء دون الهدي احتج بأن العمرة تلزم بالشروع فإذا أحصر جاز له تأخيرها لعذر الإحصار فإذا زال الحصر أتى بها بالوجوب السابق ولا يوجب تخلل التحلل بين الإحرام بها أولا وبين فعلها في وقت الإمكان شيئا وظاهر القرآن يرد هذا القول ويوجب الهدي دون القضاء لأنه جعل الهدي هو جميع ما على المحصر فدل على أنه يكتفى به منه والله أعلم


 


فصل


وفي نحره لما أحصر بالحديبية دليل على أن المحصر ينحر هديه وقت حصره وهذا لا خلاف فيه إذا كان محرما بعمرة وإن كان مفردا أو قارنا ففيه قولان أحدهما أن الأمر كذلك وهو الصحيح لأنه أحد النسكين فجاز الحل منه ونحر هديه وقت حصره كالعمرة لأن العمرة لا تفوت وجميع الزمان وقت لها فإذا جاز الحل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها فالحج الذي يخشى فواته أولى وقد قال أحمد في رواية حنبل إنه لا يحل ولا ينحر الهدي إلى يوم النحر ووجه هذا أن للهدي محل زمان ومحل مكان فإذا عجز عن محل المكان لم يسقط عنه محل الزمان لتمكنه من الإتيان بالواجب في محله الزماني وعلى هذا القول لا يجوز له التحلل قبل يوم النحر لقوله (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) ( البقرة 196 )


 


فصل


وفي نحره وحله دليل على أن المحصر بالعمرة يتحلل وهذا قول الجمهور وقد روي مالك رحمه الله أن المعتمر لا يتحلل لأنه لا يخاف الفوت وهذا تبعد صحته عن مالك رحمه الله لأن الآية إنما نزلت في الحديبية وكان النبي وأصحابه كلهم محرمين بعمرة وحلوا كلهم وهذا مما لا يشك فيه أحد من أهل العلم


فصل


وفي ذبحه بالحديبية وهي من الحل بالاتفاق دليل على أن المحصر ينحر هديه حيث أحصر من حل أو حرم وهذا قول الجمهور وأحمد ومالك والشافعي وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى أنه ليس له نحر هديه إلا في الحرم فيبعثه إلى الحرم ويواطىء رجلا على أن ينحره في وقت يتحلل فيه وهذا يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه وجماعة من التابعين وهو قول أبي حنيفة وهذا إن صح عنهم فينبغي حمله على الحصر الخاص وهو أن يتعرض ظالم لجماعة أو لواحد وأما الحصر العام فالسنة الثابتة عن رسول الله تدل على خلافه والحديبية من الحل باتفاق الناس وقد قال الشافعي بعضها من الحل وبعضها من الحرم قلت ومراده أن أطرافها من الحرم وإلا فهي من الحل باتفاقهم وقد اختلف أصحاب أحمد رحمه الله في المحصر إذا قدر على أطراف الحرم هل يلزمه أن ينحر فيه فيه وجهان لهم والصحيح أنه لا يلزمه لأن النبي نحر هديه في موضعه مع قدرته على أطراف الحرم وقد أخبر الله سبحانه أن الهدي كان محبوسا عن بلوغ محله ونصب الهدي بوقوع فعل الصد عليه أى صدوكم عن المسجد الحرام وصدوا الهدي عن بلوغ محله ومعلوم أن صدهم وصد الهدي استمر ذلك العام ولم يزل فلم يصلوا فيه إلى محل إحرامهم ولم يصل الهدي إلى محل نحره والله أعلم


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق