عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الجزء الثاني_زاد المعاد
تاريخ الاضافة 2007-11-26 02:55:48
المشاهدات 3717
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   


فصل في غزوة أحد


ولما قتل الله أشراف قريش ببدر وأصيبوا بمصيبة لم يصابوا بمثلها ورأس فيهم أبو سفيان بن حرب لذهاب أكابرهم وجاء كما ذكرنا إلى أطراف المدينة في غزوة السويق ولم ينل ما في نفسه أخذ يؤلب على رسول الله وعلى المسلمين ويجمع الجموع فجمع قريبا من ثلاثة آلاف من قريش والحلفاء والأحابيش وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا وليحاموا عنهن ثم أقبل بهم نحو المدينة فنزل قريبا من جبل أحد بمكان يقال له عينين وذلك في شوال من السنة الثالثة واستشار رسول الله أصحابه أيخرج إليهم أم يمكث في المدينة وكان رأيه ألا يخرجوا من المدينة وأن يتحصنوا بها فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة والنساء من فوق البيوت ووافقه على هذا الرأي عبد الله بن أبي وكان هو الرأي فبادر جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر وأشاروا عليه بالخروج وألحوا عليه في ذلك وأشار عبد الله بن أبي بالمقام في المدينة وتابعه على ذلك الصحابة فألح أولئك على رسول الله فنهض ودخل بيته ولبس لأمته وخرج عليهم وقد انثنى عزم أولئك وقالوا أكرهنا رسول الله على الخروج فقالوا يا رسول الله إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل فقال رسول الله ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه فخرج رسول الله في ألف من الصحابة واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة بمن بقي في المدينة وكان رسول الله رأى رؤيا وهو بالمدينة رأى أن في سيفه ثلمة ورأى أن بقرا تذبح وأنه أدخل يده في درع حصينة فتأول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته وتأول البقر بنفر من أصحابه يقتلون وتأول الدرع بالمدينة فخرج يوم الجمعة فلما صار بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر وقال تخالفني وتسمع من غيري فتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله يوبخهم ويحضهم على الرجوع

 

 

 ويقول تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع فرجع عنهم وسبهم وسأله قوم من الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من يهود فأبى وسلك حرة بني حارثة وقال من رجل يخرج بنا على القوم من كثب فخرج به بعض الأنصار حتى سلك في حائط لبعض المنافقين وكان أعمى فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول لا أحل لك أن تدخل في حائطي إن كنت رسول الله فابتدره القوم ليقتلوه فقال لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ونفذ رسول الله حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي وجعل ظهره إلى أحد ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم فلما أصبح يوم السبت تعبى للقتال وهو في سبعمائة فيهم خمسون فارسا واستعمل على الرماة وكانوا خمسين عبد الله بن جبير وأمره وأصحابه أن يلزموا مركزهم وألا يفارقوه ولو رأى الطير تتخطف العسكر وكانوا خلف الجيش وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم فظاهر رسول الله بين درعين يومئذ وأعطى اللواء مصعب ابن عمير وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام وعلى الأخرى المنذر بن عمرو استعرض الشباب يومئذ فرد من استصغره عن القتال وكان منهم عبدالله بن عمر وأسامة بن زيد وأسيد بن ظهير والبراء ابن عازب وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت وعرابة بن أوس وعمرو ابن حزم وأجاز من رآه مطيقا وكان منهم سمرة بن جندب ورافع ابن خديج ولهما خمس عشرة سنة فقيل أجاز من أجاز لبلوغه بالسن خمس عشرة سنة ورد من رد لصغره عن سن البلوغ وقالت طائفة إنما أجاز من أجاز لإطاقته ورد من رد لعدم إطاقته ولا تأثير للبلوغ وعدمه في ذلك قالوا وفي بعض ألفاظ حديث ابن عمر فلما رآني مطيقا أجازني وتعبت قريش للقتال وهم في ثلاثة آلاف وفيهم مائتا فارس فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل ودفع رسول الله سيفه إلى أبي دجانة سماك بن خرشة وكان شجاعا بطلا يختال عند الحرب وكان أول من بدر من المشركين أبو عامر الفاسق واسمه عبد عمرو ابن صيفي وكان يسمى الراهب فسماه رسول الله الفاسق وكان رأس الأوس في الجاهلية فلما جاء الإسلام شرق به وجاهر رسول الله بالعداوة فخرج من المدينة وذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله ويحضهم على قتاله ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه ومالوا معه فكان أول من لقي المسلمين فنادى قومه وتعرف إليهم فقالوا له لا أنعم الله بك عينا يا فاسق فقال لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتل المسلمين قتالا شديدا وكان شعار المسلمين يومئذ أمت وأبلى يومئذ أبو دجانة الأنصاري وطلحة بن عبيد الله وأسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وأنس بن النضر وسعد بن الربيع

 

 


وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار فانهزم عدو الله وولوا مدبرين حتى انتهوا إلى نسائهم فلما رأى الرماة هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله بحفظه وقالوا يا قوم الغنيمة فذكرهم أميرهم عهد رسول الله فلم يسمعوا وظنوا أن ليس للمشركين رجعة فذهبوا في طلب الغنيمة وأخلوا الثغر وكر فرسان المشركين فوجدو الثغر خاليا قد خلا من الرماة فجازوا منه وتمكنوا حتى أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وتولى الصحابة وخلص المشركون إلى رسول الله فجرحوا وجهه وكسروا رباعيته اليمنى وكانت السفلى وهشموا البيضة على رأسه ورموه بالحجارة حتى وقع لشقه وسقط في حفرة من الحفر التي كان أبو عامر الفاسق يكيد بها المسلمين فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله وكان الذي تولى أذاه عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي وقاص وقيل إن عبدالله بن شهاب الزهري عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري هو الذي شجه وقتل مصعب بن عمير بين يديه فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدة غوضهما في وجهه وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجنته وأدركه المشركون يريدون ما الله حائل بينهم وبينه فحال دونه نفر من المسلمين نحو عشرة حتى قتلوا ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه وترس أبو دجانة عليه بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك وأصيبت يومئذ عين قتادة ابن النعمان فأتى بها رسول الله فردها عليه بيده وكانت أصح عينيه وأحسنهما وصرخ الشيطان بأعلى صوته إن محمدا قد قتل ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين وفر أكثرهم وكان أمر الله قدرا مقدورا ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم فقال ما تنتظرون فقالوا قتل رسول الله فقال ما تصنعون في الحياة بعده قوموا فموتوا على مات عليه ثم استقبل الناس ولقي سعد بن معاذ فقال يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد فقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربة وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف نحوا من عشرين جراحة

 

 

وأقبل رسول الله نحو المسلمين وكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالك فصاح بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله فأشار إليه أن اسكت واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه وفيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم فلما استندوا إلىالجبل أدرك رسول الله أبي بن خلف على جواد له يقال له العوذ زعم عدو الله أنه يقتل عليه رسول الله فلما اقترب منه تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة فطعنه بها فجاءت في ترقوته فكر عدو الله منهزما فقال له المشركون والله ما بك من بأس فقال والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون وكان يعلف فرسه بمكة ويقول أقتل عليه محمدا فبلغ ذلك رسول الله فقال بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى فلما طعنه تذكر عدو الله قوله أنا قاتله فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح فمات منه في طريقه بسرف مرجعه إلى مكة وجاء علي إلى رسول الله بماء ليشرب منه فوجده آجنا فرده وغسل عن وجهه الدم رصب على رأسه فأراد رسول الله أن يعلو صخرة هنالك فلم يستطع لما به فجلس طلحة تحته حتى صعدها وحانت الصلاة فصلى بهم جالسا وصار رسول الله في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار وشد حنظلة الغسيل وهو حنظلة بن أبي عامر على أبي سفيان فلما تمكن منه حمل على حنظلة شداد بن الأسود فقتله وكان جنبا فإنه سمع الصيحة وهو على امرأته فقام من فوره إلى الجهاد فأخبر رسول الله أصحابه أن الملائكة تغسله ثم قال سلوا أهله ما شأنه فسألوا امرأته فأخبرتهم الخبر وجعل الفقهاء هذا حجة أن الشهيد إذا قتل جنبا يغسل اقتداء بالملائكة وقتل المسلمون حامل لواء المشركين فرفعته لهم عمرة بنت علقمة الحارثية حتى اجتمعوا إليه وقاتلت أم عمارة وهي نسيبة بنت كعب المازنية قتالا شديدا وضربت عمرو بن قمئة بالسيف ضربات فوقته درعان كانتا عليه وضربها عمرو بالسيف فجرحها جرحا شديدا على عاتقها وكان عمرو بن ثابت المعروف بالأصيرم من بني عبد الأشهل يأبى الإسلام فلما كان يوم أحد قذف الله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له منه فأسلم وأخذ سيفه ولحق بالنبي فقاتل فأثبت بالجراح ولم يعلم أحد بأمره فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى يلتمسون قتلاهم فوجدوا الأصيرم وبه رمق يسير فقالوا والله إن هذا الأصيرم ما جاء به لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر ثم سألوه ما الذي جاء بك أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام فقال بل رغبة في الإسلام آمنت بالله ورسوله ثم قاتلت مع رسول الله حتى أصابني ما ترون ومات من وقته فذكروه لرسول الله فقال هو من أهل الجنة قال أبو هريرة ولم يصل لله صلاة قط ولما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل فنادى أفيكم محمد فلم يجيبوه فقال أفيكم ابن أبي قحافة فلم يجيبوه فقال أفيكم عمر بن الخطاب فلم يجيبوه ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهم فقال أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن قال يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء وقد أبقى الله لك ما يسوءك فقال قد كان في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني ثم قال أعل هبل فقال النبي ألا تجيبونه فقالوا ما نقول قال قولوا الله أعلى وأجل ثم قال لنا العزى ولا عزى لكم قال ألا تجيبونه قالوا ما نقول قال قولوا الله مولانا ولا مولى لكم فأمرهم بجوابه عند افتخاره بآلهته وبشركه تعظيما للتوحيد وإعلاما بعزة من عبده المسلمون وقوة جانبه وأنه لا يغلب ونحن حزبه وجنده ولم يأمرهم بإجابته حين قال أفيكم محمد أفيكم ابن أبي قحافة أفيكم عمر بل قد روي أنه نهاهم عن إجابته وقال لا تجيبوه لأن كلمهم لم يكن برد بعد في طلب القوم ونار غيظهم بعد متوقدة فلما قال لأصحابه أما هؤلاء فقد كفيتموهم حمي عمر بن الخطاب واشتد غضبه وقال كذبت يا عدو الله فكان في هذا الإعلام من الإذلال والشجاعة وعدم الجبن والتعرف إلى العدو في تلك الحال ما يؤذنهم بقوة القوم وبسالتهم وأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا وأنه قومه جديرون بعدم الخوف منهم وقد أبقى الله لهم ما يسوؤهم منهم وكان في الإعلام ببقاء هؤلاء الثلاثة وهلة بعد ظنه قومه أنهم قد أصيبوا من المصلحة وغيظ العدو وحزبه والفت في عضده ما ليس في جوابه حين سأل عنهم واحدا واحدا فكان سؤاله عنهم ونعيهم لقومه آخر سهام العدو وكيده فصبر له النبي حتى استوفى كيده ثم انتدب له عمر فرد سهام كيده عليه وكان ترك الجواب أولا عليه أحسن وذكره ثانيا أحسن

 

 

 وأيضا فإن في ترك إجابته حين سأل عنهم إهانة له وتصغيرا لشأنه فلما منته نفسه موتهم وظن أنهم قد قتلوا وحصل له بذلك من الكبر والأشر ما حصل كان في جوابه إهانة له وتحقير وإذلال ولم يكن هذا مخالفا لقول النبي لا تجبيوه فإنه إنما نهى عن إجابته حين سأل أفيكم محمد أفيكم فلان أفيكم فلان ولم ينه عن إجابته حين قال أما هؤلاء فقد قتلوا وبكل حال فلا أحسن من ترك إجابته أولا ولا أحسن من إجابته ثانيا وقال ابن عباس ما نصر رسول الله في موطن نصره يوم أحد فأنكر ذلك عليه فقال بيني وبين من ينكر كتاب الله إن الله يقول (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه ) ( آل عمران 152 ) قال ابن عباس والحس القتل ولقد كان لرسول الله ولأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب المشركين سبعة أو تسعة وذكر الحديث وأنزل الله عليهم النعاس أمنة منه في غزاة بدر وأحد والنعاس في الحرب وعند الخوف دليل على الأمن وهو من الله وفي الصلاة ومجالس الذكر والعلم من الشيطان وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله ففي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص قال رأيت رسول الله يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد وفي صحيح مسلم أنه أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش فلما رهقوه قال من يردهم عنا وله الجنة أو في رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم رهقوه فقال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله ما أنصفنا أصحابنا وهذا يروى على وجهين بسكون الفاء ونصب أصحابنا على المفعولية وفتح الفاء رفع أصحابنا على الفاعلية ووجه النصب أن الأنصار لما خرجوا للقتال واحدا بعد واحد حتى قتلوا ولم يخرج القرشيان قال ذلك أي ما أنصفت قريش الأنصار ووجه الرفع أن يكون المراد بالأصحاب الذين فروا عن رسول الله حتى أفرد في النفر القليل فقتلوا واحدا بعد واحد فلم ينصفوا رسول الله ومن ثبت معه

 

 


وفي صحيح ابن حبان عن عائشة قالت أبو بكر الصديق لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن النبي فكنت أول ما فاء إلى النبي فرأيت بين يديه رجلا يقاتل عنه ويحميه قلت كن طلحة فداك أبي وأمي كن طلحة فداك أبي وأمي فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح وإذا هو يشتد كأنه طير حتى لحقني فدفعنا إلى النبي فإذا طلحة بين يديه صريعا فقال النبي دونكم أخاكم فقد أوجب وقد رمي النبي في جبينه وروي في وجنته حتى غابت حلقة من حلق المغفر في وجنته فذهبت لأنزعها عن النبي فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتني قال فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه فجعل ينضنضه كراهة أن يؤذي رسول الله ثم استل السهم بفيه فندرت ثنية أبي عبيدة قال أبو بكر ثم ذهبت لآخذ الآخر فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتني قال فأخذه فجعل ينضنضه حتى استله فندرت ثنية أبي عبيدة الأخرى ثم قال رسول الله دونكم أخاكم فقد أوجب قال فأقبلنا على طلحة نعالجه وقد أصابته بضعة عشر ضربة وفي مغازي الأموي أن المشركين صعدوا على الجبل فقال رسول الله لسعد اجنبهم يقول ارددهم فقال كيف أجنبهم وحدي فقال ذلك ثلاثا فأخذ سعد سهما من كنانته فرمى به رجلا فقتله قال ثم أخذت سهمي أعرفه فرميت به آخر فقتلته ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر فقتلته فهبطوا من مكانهم فقلت هذا سهم مبارك فجعلته في كنانتي فكان عند سعد حتى مات ثم كان عند بنيه وفي الصحيحين عن أبي حازم أنه سئل عن جرح رسول الله فقال والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله ومن كان يسكب الماء وبما دووي كانت فاطمة ابنته تغسله وعلي بن أبي طالب يسكب الماء بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فأحرقتها فألصقتها فاستمسك الدم وفي الصحيح أنه كسرت رباعيته وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم فأنزل الله عز وجل ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) ( آل عمران 128 )

 

 

ولما انهزم الناس لم ينهزم أنس بن النضر وقال اللهم اني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فلقية سعد بن معاذ فقال أين يا أبا عمر قال أنس واها لريح الجنة يا سعد إني أجده دون أحد ثم مضى فقاتل القوم حتى قتل فما عرف حتى عرفته أخته ببنانه وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم وانهزم المشركون أول النهار كما تقدم فصرخ فيهم إبليس أي عباد الله أخزاكم الله فارجعوا من الهزيمة فاجتلدوا ونظر حذيفة إلى أبيه والمسلمون يريدون قتله وهم يظنونه من المشركين فقال أي عباد الله أبي فلم يفهموا قوله حتى قتلوه فقال يغفر الله لكم فأراد رسول الله أن يديه فقال قد تصدقت بديته على المسلمين فزاد ذلك حذيفة خيرا عند النبي وقال زيد بن ثابت بعثني رسول الله يوم أحد اطلب سعد بن الربيع فقال لي إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك رسول الله كيف تجدك قال فجعلت أطواف بين القتلى فأتيته وهو بآخر رمق وفيه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم فقلت يا سعد إن رسول الله يقرأ عليك السلام ويقول لك أخبرني كيف تجدك فقال وعلى رسول الله السلام قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف وفاضت نفسه من وقته ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال يا فلان أشعرت أن محمدا قد قتل فقال الأنصاري إن كان محمد قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم فنزل ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) الآية ( آل عمران 142 )

 

وقال عبد الله بن عمرو بن حرام رأيت في النوم قبل أحد مبشر بن عبد المنذر يقول لي أنت قادم علينا في أيام فقلت وأين أنت فقال في الجنة نسرح فيها كيف نشاء قلت له ألم تقتل يوم بدر قال بلي ثم أحييت فذكر ذلك لرسول الله فقال هذه الشهادة يا أبا جابر وقال خيثمة أبو سعد وكان ابنه استشهد مع رسول الله يوم بدر لقد أخطاتني وقعة بدر وكنت والله عليها حريصا حتى ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ويقول الحق بنا ترافقنا في الجنة ما وعدني ربي حقا وقد الله يا رسول الله أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة وقد كبرت سني ورق عظمي وأحببت لقاء ربي فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ومرافقة سعد في الجنة فدعا له رسول الله بذلك فقتل بأحد شهيدا وقال عبد الله بن جحش في ذلك اليوم اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلوني ثم يبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأذني ثم تسألني فيم ذلك فأقول فيك وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج وكان له أربعة بنين شباب يغزون مع رسول الله إذا غزا فلما توجه إلى أحد أراد أن يتوجه معه فقال له بنوه إن الله قد جعل لك رخصة فلو قعدت ونحن نكفيك وقد وضع عنك الجهاد فأتى عمرو بن الجموح رسول الله فقال يا رسول الله إن بني هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك ووالله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال له رسول الله أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد وقال لبنيه وما عليكم أن تدعوه لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة فخرج مع رسول الله فقتل يوم أحد شهيدا وانتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم فقالوا قتل رسول الله فقال فما تصنعون بالحياة بعده فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل وأقبل أبي بن خلف عدو الله وهو مقنع في الحديد يقول لا نجوت إن نجا محمد وكان حلف بمكة أن يقتل رسول الله فاستقبله مصعب بن عمير فقتل مصعب وأبصر رسول الله ترقوة أبي ابن خلف من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة فطعنه بحربته فوقع عن فرسه فاحتمله أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا ما أجزعك

 

 

 


إنما هو خدش فذكر لهم قول النبي بل أنا اقتله إن شاء الله تعالى فمات برابغ قال ابن عمر إني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل إذا نار تأجج لي فيممتها وإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يصيح العطش وإذا رجل يقول لا تسقه هذا قتيل رسول الله هذا أبي بن خلف وقال نافع بن جبير سمعت رجلا من المهاجرين يقول شهدت أحدا فنظرت إلى النيل يأتي من كل ناحية ورسول الله وسطها كل ذلك يصرف عنه ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يقول يومئذ دلوني على محمد لا نجوت إن نجا ورسول الله إلى جنبه ما معه أحد ثم جاوزه فعاتبه في ذلك صفوان فقال والله ما رأيته أحلف بالله إنه منا ممنوع فخرجنا أربعة فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نخلص إلى ذلك ولما مص مالك أبو أبي سعيد الخدري جرح رسول الله حتى أنقاه قال له مجه قال والله لا أمجه أبدا ثم أدبر فقال النبي من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا

 


قال الزهري وعاصم بن عمر ومحمد بن يحيى وغيرهم كان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص اختبر الله عز وجل به المؤمنين وأظهر  به المنافقين ممن كان يظهر الإسلام بلسانه وهو متسخف بالكفر فأكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد ستون من آل عمران أولها ( وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال ) ( آل عمران 121 ) إلى آخر القصة


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق