الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد:
فإن الأخلاق في الأمَّة تمثِّل الأوتادَ الراسخة والأعمدة الشامخة التي تستند عليها روابطُ المجتمع، فمتى انعدمت هذه الأوتاد وانكسرت هذه الأعمدة في الأفراد - لن تجد الروابط الإنسانية والإسلامية في المجتمع، ولقد أدرك أعداءُ الإسلام أهميةَ هذه الأوتاد والأعمدة التي جاء بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((إنما بعثتُ لأُتمم مكارمَ الأخلاق))، فعمِل المحتلون مع أذنابهم وأعوانهم على إفساد أخلاق المسلمين وسلوكهم الاجتماعي بكلِّ الطُّرق والوسائل، فماتت هذه الأخلاقُ عند بعضِ المسلمين، وهي ما زالت تُحتَضر عند آخرين، بينما نراها قويةً متأصِّلةً متجذِّرةً في نفوس أمثالكم؛ لذا ينبغي علينا أن نعمل على صيانتها وحمايتها، وأن ندعو إليها بكلِّ ما نَملِك، ولسان الحال والمقال ينادي: (ندعو حتى لا تضيع أخلاقنا وقِيَمُنا)؛ لأن ضياع أخلاق الفرد طريقٌ لضياع أخلاق المجتمع، وما حديث السفينة عنا ببعيد، وكما قلت مِن قبل: لا بد لنا من تقدُّم الركب وقيادة الجيل، فما نراه من مظاهرَ لأزمة السلوك والأخلاق يُحتِّم علينا العملَ والتوجيه وعدم الانزواء والانعزال عن محيطنا؛ فعندنا:
♦ أزمة سلوك في التعامل مع الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم.
♦ أزمة في سلوك المسلم مع بيته.
♦ أزمة في سلوك المسلم مع زوجه وأولاده.
♦ أزمة في سلوك المسلم مع إخوانه وأرحامه وجيرانه.
♦ أزمة في سلوك المسلم مع شيخه وطلابه.
♦ أزمة في سلوك المسلم مع سوقه وتجارته.
♦ أزمة في سلوك المسلم مع محيطه ومجتمعه، وغير ذلك من أزمات تعود إلى السلوك والأخلاق.
أما حل أزمة الأخلاق في تصوُّري:
فيَكمُن في تفعيل دور المحاضن الثلاثة للتربية، وهي: (البيت، والمدرسة، والمسجد)، فلا بد للأسرة من دور في تنشئة الفتى وتربيته، وعلى المدرسة أن تَمزُج بين التربية والتعليم، أما المسجد فواجبه تهذيب سلوك الفرد وتوظيفه؛ ليكون أداةَ الإصلاح وعنصر التغيير في المجتمع، حتى نحافظ على أخلاقنا وقِيَمنا، فهذه أزمةٌ كغيرها من الأزمات التي تَعصف بالمسلمين، وخاصة أهل السُّنَّة في العراق؛ لذا أدعو المخلصين إلى أن يبادروا إلى أخذ دورهم في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، ولا سيما في ظلِّ التحدِّيات المعاصرة؛ حتى نشقَّ طريقنا لحفظ هُوية الأمَّة، ووقاية الجيل من الزَّيغ والانحراف، وإرساء القيم الصالحة المستمدَّة من ديننا الإسلامي، ومنهج نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، فيا طالب العلم ويا وريث رسول الله، اختَرْ دورَك ورتِّب جدولك، وابدأ بمشروعك؛ حتى لا تضيع أخلاقنا وأخلاق أبنائنا وإخواننا، فعملك كفيلٌ بالحفاظ عليهم وعلى أخلاق المجتمع.
أسأل الله أن يَستعملنا ولا يستبدل بنا، وأن يَحفظ أمَّتنا، وأن يرزقنا حُسن الأخلاق، إنه نعم المولى ونعم النصير!
ملحق مخطط توضيحي للعلاج:
علاج أزمة السلوك والأخلاق
فرق عاملة ومخلصة من الدعاة تخرج لإصلاح المحاضن الثلاثة:
البيت
واجب أولياء الأمور:
♦ أن يعلم أنه المسؤول عن أسرته أمام الله تعالى، وأن يستشعر عِظَم السؤال يوم القيامة.
♦ المحافظ على الأسرة من التلفاز والنت والموبايل، وإحياء الوازع الديني في نفوس أفراد أسرته، وتحقيق المراقبة لله تعالى، وتذكَّروا أنه كفى بالمرء إثمًا أن يُضيع مَن يَعول.
♦ المحافظة على العبادات، وحث الأبناء عليها، وتعليمهم القرآن الكريم.
♦ عقد درس أسبوعي للعائلة في قضايا إيمانية وإصلاحية.
♦ المحافظة على الأسرة من الصحبة السيئة والمنحرفة.
♦ التشجيع على فعل المعروف والطاعات، والتحذير من الرذائل والموبقات.
المدرسة
واجب المدرس:
♦ أن يستشعر الأمانة التي في ذمَّته، ويعمل بجد وإخلاص، وأن يستشعر أنه يعمل مع الله لا مع الدولة، فإذا قصَّرت الدولة في حقه، فلا يُقصِّر في حق الله.
♦ أن يزرع في نفس الطالب الأمل وحبَّ العمل، ويُعينه على المثابرة والجدية، وأن يتعهَّده بالنصح والإرشاد.
♦ أن يكون قدوةً لتلاميذه في مظهره وتعامله، وتدريسه وعِفَّته؛ لأن التربية بالقدوة من أعظم طُرُق التربية.
المسجد
واجب جماعة المسجد:
♦ أن يعلموا أنهم أصحابُ رسالة وقضية، وإن الله سيَسألهم يوم القيامة عن المقصِّر والمنحرف.
♦ أن يكون لهم برنامج علمي ودعوي في المسجد وخارج المسجد، وأن يتعايشوا مع الناس في أفراحهم وأتراحهم؛ لينصحوا المخطئ، ويرشدوا المطيع، ويتعهدوا المقصر والمنحرف - بالموعظة.
♦ أن يكونوا شامَةً بين الناس في حُسن تعاملهم وكمال تواضعهم، وحِفظهم حدودَ الله تعالى.