لا تكبِّل روحك!
فرزقُك عند الله مكفول، ولا قدرةَ لأحد أن يتدخل في مشيئة الله، فالرزق خصوصيَّة ربانيَّة من خصائص الله وحده؛ ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22].
لا تكبِّل روحك!
فمرضك لا يعني موتك، بل هو طهرة لك وتمحيص ورحمة من الله، اركض بقلبك وبدعائك وابتهالك، وَثِقْ في ربك أن مرضك مرحلة مؤقتة لن تبقى طويلًا وستزول، وكن على يقين أن العافية في العاجل ستلاحقك، وأن الصحة ستكون متلألئة على رأسك، كن على يقين أن مرضك إنما هو حب ورضا من الله، وليس شرطًا أن يكون عقابًا منه أو غضبًا، فرحمته وسعت كل شيء، فهو أرحم الراحمين.
لا تكبِّل روحك!
فموعدُ أجلك عند الله محتوم، ولن تموت نفس قبل أن تستكمل أجلها ورزقها وكل ما هو مقدَّر لها عند خالقها.
لا تكبِّل روحك!
فلا أحدَ يمكن له أن يوقف شيئًا أراد الله أن يتمَّه لك أو يتم شيئًا أراد الله أن يوقفه عنك.
لا تكبل روحك!
فلا مانعَ لما أعطى الله، ولا معطيَ لما منع، كل شيء موكول بأمره منه وحده، وإليه يرجع الأمر كله.
لا تكبل روحك!
اترك المخاوفَ لغيرك، أما أنت فمؤمن لا يليق بك إلا أن تكون على يقين بربك، فإن فعلت ذلك فستملأ السعادةُ قلبَك، وسيسكنُ الفرحُ روحَك.
لا تكبل روحك!
واجعل أملَك في ربِّك وحدَه، وكن على يقين أن كلَّ ما يجري في الكون ليس بعيدًا عن علمه؛ بل بعلمه وحكمته وقدرته، والكلُّ تحت سيطرته ومشيئته.
لا تكبل روحك!
واهربْ من مخاوفك وطاردْها وقاومْها وتعامل مع أسبابها بحزم، لا تستسلم لمخاوفك، استمرَّ في مقاومتها، ولا تتركْ للخوف فرصة أن يحدد لك مصيرك، أو يتحكَّم في معنوياتك، أو يحصرك في ركن من أركان روحك تتقوقع فيه وتموت بداخله.
لا تكبِّل روحك!
واستيقظ من سباتك، لا تترك الخوفَ يتغلغل في كيانك فيقتلك ويذبحك، كن جريئًا في الوقوف أمام مخاوفك، طاردْها واقفزْ عليها بكل طاقاتك، وكن على يقين أن توترك وقلقك بسبب مخاوفك أكبر بكثير في تأثيره السلبي من توتُّرك وقلقك إذا وقعت تلك الأمور التي كنت تتخوفها.
لا تكبل روحك!
وانتقل بجرأة من الضفة التي تقف عليها، واقفزْ نحو الضفة الأخرى من نهر مخاوفك، ولا تقل: إنك ستغرق لأنك لا تستطيع السباحة، وكن على يقين أنك ستجد هناك على الشاطئ المقابل ما ينتظرك من الخير وما كنت لا تتوقعه من السعادة، ستجد هناك على الضفة الأخرى من نهر مخاوفك أنه لم يكن لديك الحقُّ في تهويل مخاوفك وتضخيمها، ستجد أنها ما كانت في حقيقتها سوى فقاعات من هواء الوهم والخوف، لم يكن هناك داعٍ لوجودها من البداية.
لا تكبل روحك!
فَمَعَ كلِّ مشكلة نعمةٌ غير ظاهرة، وفي كلِّ مصيبة خير لا تعلمه، ابْنِ من مخاوفك سلَّمًا قِفْ عليه، واجتَزْ درجاتِه واحدةً تلو الأخرى، واصنع منها النجاح، وقف على أعلى نقطة في السلم، واستشرف من عليها أيامك السعيدة المقبلة، وكن على يقين بأن الله لن يخذلك.
أخيرًا..
لا تكبل روحك... وردِّدْ دومًا: "اللهم ارزقنا من اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا".