12- قال ابن رجب: (احفَظ الله يَحفظْك)؛ يعني: احفظ حقوقَه، وأعظمُ ما يجب حفظُه: الصلاةُ؛ قال الله: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34][6].
13- ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64]، "قدَّم السجود على القيام، وإن كان متأخرًا في الفعل؛ لأنه أشدُّ أركان الصلاة تقربًا إلى الله، وهو نهاية الخضوع"[7].
14- يُحكى أن فأرةً رأت جملًا فأعجبَها، فجرَّت خِطامه فتَبِعها، فلما وصلت إلى باب بيتها، وقف الجمل متأملًا صِغَرَ باب بيت الفأرة مقارنةً بحجمه الكبير جدًّا، فنادى الجمل الفأرة قائلًا: إما أن تتخذي دارًا تليق بمحبوبك، أو تتخذي محبوبًا يليق بدارك!
قال ابن القيم: "بعد أن أورَد هذه القصة الرمزية: "إما أن تُصلي صلاةً تليق بمعبودك، أو تتخذ معبودًا يليق بصلاتك"[8].
15- الحضور في الصلاة ولغة الأرقام: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن العبد ليُصلي الصلاة، ما يُكتَب له منها إلا عُشرها، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبعها، ثُلثها، نِصفها))[9].
وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... حتى تُكتب صلاتُه تامَّة))[10].
16- أجور الصلاة والصيام ولغة اﻷرقام: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلين كانا متواخيين، فاستُشهِد أحدُهما وبقي الثاني بعد المستشهد سنةً، قال طلحة: فرأيتُ الآخر من الرجلين دخل الجنة قبل المستشهد، فحدَّثتُ الناس بذلك، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أليس هو صام بعده رمضان، وصلى بعده ستة آلاف ركعة ومائة ركعة، يعني: صلاة السنة))[11].
17- ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125].
خطر لي وأنا أقرأ هذه الآية أن الصلاة من أعظم صور إسلام الوجه لله سبحانه، أليس نقرأ في افتتاح الصلاة: "وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا".
وعليه فمَن حافَظ على صلاته - وكان محسنًا - دخل في مفهوم قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾.
18- كل صلاة نؤديها هي بمثابة ولادة جديدة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - مُكفرات ما بينهنَّ إذا اجتنَب الكبائر))[12].
19- نعم الله أكبر من كل شيء:
تكبيرات الانتقال في الصلاة رسائل تُنبه العبد المصلي للحضور بين يدي الله سبحانه، وترك أحاديث النفس التي تَشغله عن صدق المناجاة.
20- أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وصلاة الضحى:
عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات، ثم تقول: "لو نُشِر لي أبواي ما تركتهنَّ"[13].
يعني: لو أُحْيِيَ أبواي بعد أن ماتا ما تركتهنَّ، وهي صيغة مبالغة في المحافظة على هذه الصلاة.
21- تواضَعْتُ ذُلًّا وانخفاضًا لعزِّها *** فشرَّفَ قدْري في هواها التواضعُ
ما أجمل هذا البيت! وما أجمل أن يكون شعور المسلم هكذا وهو ساجد بين يدي الله تعالى!
وصدق رسول الله القائل: ((أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ)).
والعبد كلما خضَع لله سبحانه وذلَّ، ارتفَع.
22- قال جعفر الخلدي: رأيت الجنيد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟
قال: "طاحَت تلك العبارات، وطارَت تلك الإشارات، وفنِيت تلك العلوم، ودرَست الرسوم، فما نفَعنا إلا ركعات كنا نَركَعُها في السَّحَر"[14].
23- قال ابن تيمية: "فمن لم يجد قُرة عينه وراحة قلبه في الصلاة، فهو منقوص الإيمان!"[15].
24- تعظيم الصلاة في وقت العمل: "كان الإمام إبراهيم الصائغ (ت131هـ) إذا رفع المِطْرقة فسمِع النداء، ترَكها"[16].
25- سُئل أبو عمرو الزجاجي: ما بالك تتغيَّر عند التكبيرة اﻷولى في الفرائض؟
فقال: ﻷنني أخشى أن أَفتتِحَ فريضتي بخلاف الصدق، فمَن يقول: الله أكبر وفي قلبه شيء أكبرُ منه، أو قد كبَّر شيئًا سواه على مرور اﻷوقات - فقد كذَّب نفسَه على لسانه"[17].
26- سُئل الإمام أحمد بن حنبل: ما معنى وضْع اليمين على الشمال في الصلاة؟
فقال: "ذلٌّ بين يدي عزيزٍ"[18].
[1] أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة.
[2] كتاب اﻹسلام بين الشرق والغرب؛ لعلي عزت بيجوفيتش.
[3] مصنف ابن أبي شيبة (3490).
[4] مصنف ابن أبي شيبة (3044).
[5] سير أعلام النبلاء، 189/22.
[6] جامع العلوم والحكم، ص549.
[9] أخرجه أبو داود (796)، وأحمد في مسنده، 4/ 321 (19100).
[10] رواه النسائي في السنن الكبرى (617).
[11] رواه ابن ماجه برقم (3923)، وأحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والبزار في مسنده (855)، واللفظ له.
[13] رواه مالك في الموطأ رقم (520).
[16] تهذيب التهذيب، 173/1.
[17] الرسالة القشيرية، ص 212.
[18] طبقات الحنابلة، 1/ 81.