والمرء يفر من ضيق صدره بالهموم والغموم والأحزان والمخاوف التي تحدث له في كل يوم، يفر منها ويهرب،
يفر من ضيق صدره إلى سعة فضاء الثقة بالله، ويهرب من همومه وأحزانه إلى حسن الرجاء لجميل صنع الله،
فلا إله إلا الله، ما أعظم الله، وما أكرم الله، وما أرحم الله ..فيا صاحب الهم لا هم مع الله.
إن المشاعر المصاحبة للحظة الفرار إليه سبحانه لهي مشاعر الافتقار بين يدي الله سبحانه، مشاعر الانكسار، مشاعر الخضوع للرب جل جلاله، فيشعر الإنسان في جميع ذراته الباطنة والظاهرة الحاجة التامة لله سبحانه، والضعف التام بين يديه، والافتقار التام إلى الله سبحانه ربه ووليه، ويشعر أن بيَده صلاحه وبيده فلاحه ورزقه وغناه وبيده هداه وسعادته، فيطمئن القلب ويسجد لله عز وجل سجدة المخلصين، إنه يستشعرها في سجدته الصادقة المخلصة لربه، شعوراً لايمكن وصفه، فيشعر لقلبه كسرة خاصة لا يمكن أن يشبهها شيءٌ أبدًا, بحيث لا يرى لنفسه قيمةً ولا مقامًا ولا ذكرًا أبدًا، كيف لا وهو العبد الضعيف الفقير الخائف كثير الخطايا، فيشعر بأنه - إن لم يصلحه ربه - لا مُصلح له, وأنه مكسورٌ ولا جابر لكسره إلا الله سبحانه، ولكنه هو الرحيم لا إله إلا هو، ما إن يرى من عبده هذا الخضوع، ويعلم من ذلك القلب هذه الكسرة، وهذا اللجوء، حتى يمن عليه برحماته وينعم عليه بلطفه وكرمهن فيغفر له ذنبه، ويقويه في البلاء، ويصبره فيما يصاب، ويثبت قلبه على الحق، ويهديه للخيركله، ويحفظه ويبارك فيه ..
المقال السابق
المقال التالى