بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن ذكر الله تعالى من العبادات الجليلة، وهي عبادة عظيمة تستوجب حرص المسلم عليها، وتتطلب معرفة قدرها، واكتساب أرباحها، فهي نعم التجارة للمسلم اللبيب، وهي نبع عذب يرتوي منه المذنبون، وحصن متين يحتمي به التائبون، ونور يلتمسه الصالحون، وهي عبادة أمر الله تعالى بالإكثار منها في كتابه الحكيم، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35]، ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم فضل ذكر الله سبحانه ببيان مثال عظيم للتفرقة بين حال من يذكر الله تعالى وحال غيره، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلُ الَّذي يذكُرُ ربَّه والَّذي لا يذكُرُ ربَّه مثلُ الحيِّ والميِّتِ» (البخاري).
ورد في فضائل قول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" الكثير من الأحاديث الشريفة وفيما يلي بيان لبعضها، وتذكير بفضلها، والحرص على اكتساب أجورها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيتُ إبراهيمَ ليلة أُسرِيَ بي، فقال: يا محمد، أقرِئْ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التُّربة، عَذْبة الماء، وأنها قِيعان، وأن غراسَها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» (الترمذي، وصححه الألباني)، وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة» (الترمذي، وصححه الألباني)، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلُّك على غراسٍ هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ يُغرَس لك بكل كلمة منها شجرةً في الجنة» (صححه الألباني في صحيح الجامع).
في واقع الأمر يفقد الكثير من المسلمين رصيداً كبيراً من غراس الجنة ونخلها يومياً، فهذه الأذكار العظيمة يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه، وبإمكان المسلم طبقا لطموحه وسعيه للقرب من الله تعالى أن يكثر من هذه الغراس العظيمة، يستطيع المسلم بفضل الله تعالى أن يكون له يومياً آلاف الأشجار والنخيل في الجنة، بسعيه للإكثار من قول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، و"سبحان الله العظيم وبحمده"، في ساعة واحدة بفضل الله ملك الملوك يمكن للمسلم أن يحصل على أكثر من 2000 شجرة في الجنة، أو أكثر من 2000 نخلة في الجنة، ويتأتى ذلك بملازمة ذكر الله تعالى بتدبر وتعظيم لله جل جلاله، وبتحريك الشفاه، وبشكر الله جل جلاله على نعمة الذكر ونعمة اللسان، يستطيع المسلم أن يحصل بفضل الله تعالى على أكثر من ذلك عند تعليمه للغير فضل هذه الأذكار الشريفة، والدال على الخير كفاعله، يستطيع المسلم أن يغرس في أطفال المسلمين حب ذكر الله تعالى، يستطيع المسلم أن يبلغ غيره بمختلف الوسائل هذه الفضائل، بالتواصي الشخصي، وبالنشر عبر وسائل التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، يستطيع المسلم بفضل الله تعالى عند السير في الشوارع وركوب وسائل المواصلات أن يغتنم الفرص لغرس الكثير من أشجار الجنة ونخلها، يستطيع المسلم بفضل الله تعالى أن يجد رصيداً وافر من غراس الجنة ونخلها عند سعيه لذلك، فلنحرص على شرف هذه العبادة الكريمة، ولنكن من الذاكرين، ولا نخسر رصيداً عظيماً من غراس الجنة، وذلك حتى لا نتحسر على فواته يوم القيامة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين الشاكرين المخلصين، والحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على خير خلق الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
المقال السابق
المقال التالى