عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم أعمال القلوب
تاريخ الاضافة 2015-09-19 22:50:00
المشاهدات 1005
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

اعلم رعاك الله أن العجب مذموم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً} [التوبة:25] وقال عز وجل : {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [الحشر: 2] فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم وشوكتهم.
وقال تعالى : {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} [ الكهف: 104]. وهذا يرجع أيضا إلى العجب بالعمل وقال صلى الله عليه وسلم : «ثلاث منجيات وثلاث مهلكات، فأما المنجيات فتقوى الله في السر والعلانية، والقول بالحق في الرضا والسخط، والقصد في الغنى والفق، وأما المهلكات فهوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه وهي أشدهن».

وقال صلى الله عليه وسلم : «بينما رجل يتبختر في بردين وقد أعجبته نفسه، خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة». قوله : يتجلجل في الأرض أي ساخ فيها.
وقال ابن مسعود : الهلاك في اثنتين : القنوط والعجب.
وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير، والإنسان القنوط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وظفر بمراده فلا يسعى، وقال الله تعالى : {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة:264]. والمن نتيجة استعظام العمل وهو العجب.

بيان خطر داء العجب: إن خطر داء العجب عظيم فإنه يدعو إلى الكبر لأنه أحد أسبابه فيتولد من العجب الكبر، ومن الكبر آفات كثيرة لا تخفى، هذا مع العباد، وأما مع الله تعالى فالعجب يدعو إلى إهمال الذنوب ونسيانها، فلا يحدث لها توبة ويستعظم أعماله وطاعاته ويمن على الله بفعلها، والمعجب يغتر بنفسه وبرأيه ويأمن مكر الله وعذابه ويظن أنه عند الله بمكان ولا يسمع نصح ناصح ولا وعظ واعظ، ويمنعه عجبه عن سؤال أهل العلم فهذا وأمثاله من آفات العجب، فلذلك كان من المهلكات. ومن أعظم الآفات التي تدخل على المعجب أن يفتر في العمل الصالح الذي هو سب النجاة لظن المعجب أنه قد فاز، وأنه قد استغنى وهو الهلاك الصريح، نسأل الله العظيم حسن التوفيق لطاعته.

وبسبب هذه الآفات المهلكة التي تنتج عن العجب كان السلف رضي الله عنهم يحذرون منه أشد التحذير، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:لو كان العجب رجلا لكان رجل سوء. وكان يحيى بن معاذ يقول :إياكم والعجب فإن العجب مهلكة لأهله، وإن العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. ورأى محمد بن واسعولده يختال فدعاه وقال:أتدري مَن أنت؟ أما أمك فاشتريتها بماتي درهم، وأما أبوك فلا أكثر الله في المسلمين مثلَه.

وقال ابن عوف رحمه الله:

عجبت من مُعجبٍ بصورته *** وكان بالأمس نطفةً مَذِرة

وفي غدٍ بعد حُسْنِ صورته *** يصير في اللحد جيفة قذرة

وهـو على تِيهه و نَخْوَته *** ما بين ثوبيه يحمل العذرة 

بيان علاج العجب على الجملة : اعلم أن علاج كل علة هو مقابلة سببها بضده وعلة العجب الجهل المحض، أي جهل العبد بنفسه وبربه عز وجل فعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل، فالعجب إما بالعلم أو المال أو النسب وكل ذلك بفضل الله عز وجل ومنه، قال تعالى : {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل : 53]، وقال تعالى : {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [ النساء : 79] والحسنة في الآية هي النعمة، والسيئة هي المصيبة، وأعظم النعم هي نعمة الهداية والتوفيق للعلم والعمل فمنشأ العجب هو الجهل وكفران نعمة الله عز وجل على العبد قال تعالى : {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدا} [النور: 21].

و العبد مهما بلغ في العلم والعمل فإنه لا يدخل به الجنة حتى يتغمده الله عز وجل برحمته كما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وأفضلهم لأصحابه وهم خير الناس : «ما منكم من أحد ينجيه عمله، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته».
قال بعضهم : لا تغتر بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا، ولا تأمن من الذنوب فإنك لا تدري كفرت عنك أم لا، إن عملك كله مغيب عنك. أما المال فليس للعبد فضل فيه بل هو محض فضل من الله عز وجل وقد أخبر الله عز وجل عن الكافر الذي أعجب بماله فقال : {أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً} [الكهف : 34]. 

وقال عن قارون : {إنما أوتيته على علم عندي} [ القصص : 78] وأخبر الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]. وقال صلى الله عليه وسلم «إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية ـ أي كبرها ـ كلكم بنو آدم وآدم من تراب».

فحري بالعبد أن يتذكر دائما نعم الله تعالى عليه وأن هدايته وتوفيقه للعمل إنما هو محض فضل وإنعام من الله تعالى وليس للعبد في ذلك نصيب، وأن يخاف من سيئاته أن توبقه وتهلكه، نسأل الله الكريم أن يطهر قلوبنا من كل ما لا يرضيه.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق