التوفيق إلى العبادة السليمة من الله تعالى؛ وقد قال تعالى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17]، فهو سبحانه الذي يهدي إلى الطريق المستقيم، والعبد الذي يُريد النجاة والفلاح لا بُدَّ أن يطلب الإعانة من الله القادر، وكان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلب هذه الإعانة بشكلٍ دوريٍّ مستمرٍّ، وغير مرة في اليوم، وأقلُّ ذلك أن يطلب هذه الإعانة خمس مرات يوميًّا دبر الصلوات المكتوبات؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ؛ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ». فَقَالَ: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
وفي هذا الدعاء الجميل لَخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم الإعانة المطلوبة من الله في ثلاثة أمور: الذكر، والشكر، وحسن العبادة، وإذا تدبَّرنا في الأمور الثلاثة وجدنا أن العبد المـُعَان على هذه الأمور عبدٌ ناجٍ بإذن الله؛ فعن الذكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه: «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ». قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ»، فالذاكرون هم السابقون. وعن الشكر قال تعالى: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]. أمَّا حسن العبادة فهو يشمل كلَّ ما يُعين على أداء المهمَّة الأولى للإنسان في هذه الأرض؛ فقد قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
فما أعظم أن يطلب العبدُ من ربِّه أن يُعِينه على أن يكون ذاكرًا شاكرًا عابدًا، ولِكَوْن هذا الدعاء عظيمًا لهذه الدرجة جعله رسول الله يأتي في صورةِ هديةٍ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، فقد عَلَّمَه الرسول صلى الله عليه وسلم إياه بعد أن قال له: «يَا مُعَاذُ؛ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ».
فلنحرص على هذا الدعاء الجليل، ولْنَقُلْه مرة واحدة بعد كل صلاة مكتوبة.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
المقال السابق
المقال التالى