من وسائل كسب الجيران معاملتهم بالمسامحة والرفق واللين، ومن صور ذلك قبول أعذارهم إذا أخطؤوا، فكل ابن آدم خطَّاء، وما اعتذر إليك إلا من راعى ودك وحفظ صداقتك، فالواجب على العاقل إذا اعتذر إليه أخوه بجرم مضى، أو لتقصير سبق، أن يقبل عذره، ويجعله كمن لم يذنب.
إذا اعتذر الصديق إليك يومًا
|
|
|
من التقصير عذر أخٍ مقرِّ
|
فصُنه عن جفائك واعف عنه
|
|
|
فإن الصفح شيمةُ كل حرِّ([1])
|
|
|
|
والأفضل من ذلك ألا تلجئه إلى الاعتذار، وتعذره قبل أن يأتي إليك معتذراً، فهذا مما يزيد الود لك في قلبه.
قال أبو قلابة: إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد له عذرًا فقل: لعل له عذرًا لا أعلمه.
قال ابن القيم رحمه الله: وأما قبولك من المعتذر معاذيره؛ فمعناه أن من أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته - حقا كانت أو باطلاً، وتكِل سريرته إلى الله تعالى، كما فعل رسول الله مع المنافقين الذين تخلفوا عنه في الغزو، فلما قدم جاؤوا يعتذرون إليه، فقبل أعذارهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى.
وعلامةُ الكرم والتواضع أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه، وقل: يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولو قضي شيء لكان، والمقدور لا مدفع له، ونحو ذلك([2]).
([1]) روضة العقلاء ص(304).
([2]) مدارج السالكين (2/321).
المقال السابق
المقال التالى