وهذا واجب، وأذى الجيران محرم، بل هو من كبائر الذنوب، قال النبي : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» [متفق عليه].
وقال : «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قالوا: من يا رسول الله؟ قال: «من لا يَأْمَن جاره من بوائقه» [رواه البخاري].
وفي لفظ مسلم: «لا يدخل الجنة من لا يَأْمَن جاره بوائقه»، وانظر إلى ربط النبي r بين ترك إيذاء الجار بالإيمان وعدمه، مما يدل على خطورة إيذاء الجار والتسبب في إزعاجه وضرره، فأبسط وسائل الوصول إلى قلب الجار هو عدم إيذائه.
وصور إيذاء الجار كثيرة منها:
- حسده وتمني زوال نعمته.
- احتقاره والسخرية منه.
- هتك أستاره وإشاعة أخباره بين الناس.
- الكذب عليه وتنفير الناس منه.
- تتبع عثراته والفرح بزلاته.
- مضايقته والتعدي على حقوقه؛ مثل أن يترك سيارته أمام بابه، أو يترك أكياس القمامة بجوار داره، أو يترك الماء النجس يتسرب عليه، أو يفتح كوة في بيته تكشف بيت جاره، أو يترك أولاده يحدثون الجلبة والصراخ وقت نوم جاره وراحته، أو يرفع أصوات أجهزة الملاهي بالموسيقى والغناء، أو يترك أبناءه يؤذون أبناء جاره ويضربونهم دون أن يحرك ساكنًا، وغير ذلك من صور المضايقة والإيذاء([1]).
أما بذل الندى فهو الكرم والجود، والكرم ليس ما يظنه بعض الناس أنه بذل المال فقط، بل الكرم يكون في بذل النفس، وفي بذل الجاه، وفي بذل المال، وفي بذل العلم([2]).
وقال النبي : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» [متفق عليه]، وعند مسلم: «فليحسن إلى جاره».
ومن إكرام الجار والإحسان إليه إتحافه بالهدية ولو كانت يسيرة القيمة؛ وذلك لما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله! إن لي جارين، فإلى أيِّهما أهدي؟ قال: «إلى أقربهما منك بابًا» [رواه البخاري].
ومن إكرامه معاونته عند الحاجة، وكفايته إذا احتاج، والسؤال عن حاله، والتلطف معه ومع أولاده، فكل ذلك مما نؤلف به قلوب الجيران، فنفوز بمحبتهم ومودتهم.
([1]) انظر التقصير في حقوق الجار لمحمد الحمد.
([2]) مكارم الأخلاق لابن عثيمين ص(25).
المقال التالى