ومن دلائل النبوة والرسالة
أخلاق النبي محمد ([1])
لقد شهد الله سبحانه وتعالى لرسوله r من فوق سبع سماوات بحسن صفاته وعظيم أخلاقه .
قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: ٤].
1- قال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة فقلت: أخبريني يا أم المؤمنين عن خلق رسول الله . فقالت: أتقرأ القرآن؟ فقلت: نعم. فقالت: كان خلقه القرآن.
هذا مختصر من حديث طويل، وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث قتادة بطوله.
2- وروى ابن أبي شيبة وغيره أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن خلقه فقالت: كان أحسن الناس خلقًا، كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ثم قالت: اقرأ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) [المؤمنون: ١ إلى العشر] فقرأ السائل فقالت: هكذا كان خلقه.
قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ* أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون: ١ – ١١].
لقد شهد الله سبحانه وتعالى لرسوله بعظمة خلقه وهذه الشهادة تغنيه عن كل شهادة، فهي شهادة من الخالق الذي أبدع خلقه واصطفاه من أطهر المعادن وأعرق الأصول وأنبته نباتًا حسنًا وأنشأه نشأة طيبة وأدبه فأحسن تأديبه ورباه على أنبل الصفات وأكرم الشمائل حتى صار أعلى مثل وأسمى طراز وأرفع نموذج وحتى أصبح عنوانًا عن الإنسانية يشرفها ويرفع قدرها ويقوي الثقة فيها ويعرف الناس بها.
وإليك موجز سريع لبعض من صفاته ومكارم أخلاقه الطاهرة :
1- الصدق.
2- الأمانة: وهاتان الصفتان- الصدق والأمانة- لقب بهما رسول الله من قبل بعثته فكان يلقب بالصادق الأمين.
3- الحياء: كان أشد حياءً من العذراء في خِدرها، فكان خافض الطرف لا يثبت نظره في وجه أحد.
4- الجود والكرم: كان أجود الناس وأكرمهم على الإطلاق فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة.
5- العفو: كان يعفو عمن أساء إليه ويصفح مع مقدرته .
6- الرحمة: كان رحيمًا بالمؤمنين وبأعدائه وبالناس أجمعين، فلقد زكاه الله سبحانه وتعالى فقال جل شأنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
7- صلة الرحم: فكان أوصل الناس للرحم وأعظمهم شفقة ورأفة.
8- الوفاء: كان يفي بعهده في السلم والحرب لا ينقضه ولا يغدر ويحفظ لغيره جميل صنعه.
9- الإيثار: كان r يؤثر ويفضل غيره على نفسه، فكان r يؤثر ويفضل ما عند الله عز وجل الباقي على متاع الدنيا الفاني الزائل.
10- العدل: كان يطبق العدل على نفسه وبين أهله ويحرص على ذلك كل الحرص.
11- رجاحة العقل: كان حصيف العقل، واسع الفكر، بعيد النظر، زكي الفؤاد، سريع البديهة يعالج ما يعترضه من مشكلات علاجًا يوحي بحكمته الباهرة ودقته الماهرة وفطنته التي لا حد لها.
12- الشجاعة: فدعوته وغزواته r برهان لشجاعته r.
13- الحلم: كان حليمًا أبلغ ما يكون الحلم، واسع الصدر لا يغضب إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل.
14- التواضع: كان r أبعد الناس عن الكبر فكان يمنع القيام له كما يقام للملوك، يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويقبل دعوة العبد.
15- الصبر: كان r صابرًا أجمل ما يكون الصبر، فلقد صبر واصطبر إلى أن انتشرت دعوته، وإلى أن نصره الله سبحانه وتعالى.
16- التشاور: كان يشاور أصحابه ويشركهم معه، فلا يتجاهلهم، ويأخذ برأي أصوبهم.
17- الزهد: كان زاهدًا قانعًا، أغناه الله سبحانه وتعالى ولكنه آثر أن يكون زاهدًا قانعًا.
18- التقوى: كان أخشى الناس لله عز وجل، يأتمر بأوامره سبحانه وتعالى ولا يتعدى حدوده سبحانه وتعالى.
19- حسن المعاشرة: كان r حسن العشرة يؤنس من يعاشره ويتألف قلبه ويتودد إليه ويلاطفه.
20- جميل الصحبة: كان يسأل عن أصحابه إذا غابوا، ويعودهم إذا مرضوا، ويعينهم إذا احتاجوا.
21- كريم النفس: كان طيب النفس ليس بالحقير ولا بالخبيث.
وهذا قليل من كثير في أخلاق رسول الله والمواقف التي تشهد بكل ما ذكرناه عديدة وكثيرة ولكن سنكتفي بما أوجزناه سريعًا.
لقد أعدت العناية الإلهية جسمًا وعقلًا وروحًا وخلقًا، وأمدته بما يعينه على حمل رسالة الخير والنور والهدى والحق والفضيلة إلى العالم في عصره وإلى ما شاء الله.
فمحمدٌ هو رسول الله حقًا وصدقًا.
* * *
([1])الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد