عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

كان موقف الكفار موقف مناوأة منذ اللحظة الأولى، مناوأة للداعي وللدعوة ولمن آمن بالداعي- رسول الله- والدعوة، لقد آذوا رسول الله  بالقول والفعل أذىً شديدًا، ولقد آذوا أصحابه الذين آمنوا به  وتفننوا في تعذيبهم والتنكيل بهم، ونماذج ذلك كثيرة تشهد بمدى صبر وصمود رسول الله r وأصحابه من أجل هذه الدعوة، فهذا بلال من أصحاب رسول الله  ومؤذن رسول الله : كان بلال مولى أمية بن خلف،  فكان أمية يضع في عنقه حبلًا، ثم يُسلمه إلى الصبيان يطوفون به جبال مكة حتى كان يظهر أثر الحبل في عنقه، وكان أمية يشده شدًّا، ثم يضربه بالعصا، وكان يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع وأشد من ذلك كله:

كان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول:لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى- الأصنام- فيقول بلال رضي الله عنه وهو على ذلك: أحدٌ أحد, ويقصد أن الله سبحانه وتعالى واحد فرد صمد، لا ند له ولا مثيل له ولا شريك.([1])

 وغيره الكثير من أصحاب رسول الله r لاقوا وعانوا ألوانًا من التعذيب

والتنكيل بهم، بسبب اعتناقهم هذا الدين العظيم، ولكن هذا كله لم يرُدَّهم عن دينهم وإيمانهم بدعوة رسول الله r، فجزاهم الله خيرًا على إيمانهم وصبرهم.([2])

لقد جرب الكفار في حربهم كل سلاح وقعدوا له كل مرصد، وأخيرًا عادوا إلى الإيمان برسالته وتصديق نبوته والالتفاف حول رايته .([3])

ولقد جاء بعد رسول الله  من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب، الذي ادعى أنه نبي واتبعه المنافقون من شدة غيظهم وحقدهم على الإسلام وأهله، فكانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر في صدورهم ويخفونه.

فحارب المسلمون مسيلمة الكذاب ومن اتبعه من المنافقين، فكان النصر من الله للمسلمين وقُتِل مسيلمة الكذاب وهُزِم المنافقون شر هزيمة، أرأيت كيف كانت نهاية مسيلمة الكذاب ودعوته الكاذبة؟

أرأيت كيف قرن الله سبحانه وتعالى بين اسم مُدَّعي النبوة مسيلمة وبين صفته الكذاب، وجمع بينهما وخلدهما في صفحات التاريخ خزيًا له وعقوبة في تلك الدنيا التي نحياها؟

ونلحظ كم كان الفارق بين من كذب في دعواه وافترى على الله الكذب في ادعائه النبوة، وبين من صدق في دعواه وفي تبليغه عن ربه سبحانه وتعالى، فشتان الفارق بينهما.

فلقد نصر الله سبحانه وتعالى رسوله محمد r ونصر دعوته، وختم حياته r بحسن الخاتمة.

فلقد صبر رسول اله  واصطبر وجاهد جهادًا كبيرًا طويلًا طوال فترة رسالته إلى أن نصره الله سبحانه وتعالى.

وإلى أن نصر الله عز وجل دعوته r ونشرها إلى أن انتشر هذا الدين العظيم الذي جاء به من قبل ربه تبارك وتعالى.

ولقد خلد الله سبحانه وتعالى اسم رسوله محمد  ورفع ذكره بين صفحات التاريخ.

وجمع سبحانه وتعالى بين اسمه جل شأنه واسم رسوله محمد  وقرن بينهما في كل أذان وفي كل إقامة.

فلا يكاد ينتهي الأذان في مكان ما إلا ويأتي وقته في مكان آخر فيؤذن مرة أخرى وهكذا لنفس تلك الفريضة الواحدة التي قد أُذِّن لأدائها من قبل إلى أن يأتي وقت فريضة أخرى وهكذا.

ففي كل مكان بعد أن انتشر هذا الدين العظيم في كافة أنحاء الأرض التي نحيا عليها نسمع هذا القول الحق والشهادة الصدق:

أشهد أن لا إله إلا الله

 

 

أشهد أن محمدًا رسول الله

 

فسبحان الله العظيم.

كم كان نصر الله سبحانه وتعالى لمحمد  طوال حياته وأيضًا بعد مماته، ولم كل هذا؟ لا شك إلا لأنه   رسول الله من عند الله عز وجل، ولأنه r خاتم المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وكذلك جمع بين اسم رسول الله  وبين الثناء عليه r فلا يكاد يذكر اسم رسول الله  أو يذكر ضمير يعود على اسمه إلا ويقرن بينهما وبين الصلاة عليه  بأن ندعو الله عز وجل أن يصلي على رسوله  فهو سبحانه وتعالى الذي يعلم مكانة ومنزلة رسوله  فصلاة الله سبحانه وتعالى على رسوله  هي ثناء عليه  .

وكذلك لا يكاد يذكر اسم رسول الله  إلا ونتذكر لقبه الذي لُقب به قبل بعثته فهو  الصادق الأمين.

 

والسؤال الذي يفرض نفسه:

أيمكن أن ينصر الله سبحانه وتعالى محمدًا  ويؤيده كل هذا التأييد وهو كاذب في دعواه؟

كلا، فالحق أن محمدًا له من المكانة العالية والمنزلة الرفيعة لدى ربه سبحانه وتعالى التي استحق بها تأييد ونصر الله سبحانه وتعالى له  فهو خاتم الأنبياء والمرسلين.

أرأيت كيف نصر الله سبحانه وتعالى رسوله  ودعوته؟

أرأيت كيف قرن الله سبحانه وتعالى بين اسمه جل شأنه واسم رسوله محمد ورفع له ذكره؟

أرأيت كيف خلد الله سبحانه وتعالى اسم رسوله محمد  مقترنًا بعظيم صفاته الصدق والأمانة كرامة له في صفحات التاريخ؟

فمحمد  هو رسول رب العالمين وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.

 

* * *

 



 

 (1) (2) الرسالة المحمدية /محمود عبدالوهاب فايد

 

 


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق