من معجزات القرآن الكريم
1- بلاغته وروعة معانيه ودقة ائتلاف ألفاظه ومبانيه وسمو أهدافه ومراميه وتحديه للعرب كافة بأن يأتوا ولو بسورة واحدة من مثله، وكلهم عجزوا وخابوا وفشلوا، ولم يجرءوا على قبول هذا التحدي، وهم الذي عرفوا بالبلاغة واللسن والفصاحة، فالقرآن الكريم ليس بصناعة بشرية، بل هو كلام الخالق العظيم تبارك وتعالى. (من كتاب الرسالة المحمدية)
ومن براهين ذلك:
(أ) قول الله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125].
فلننظر إلى هذه الكلمة (يَصَّعَّدُ) وهذا الحرف المشدد بها، والتي تنقل إلينا صورة من أراد الله سبحانه وتعالى أن يضله بشكل واضح –صورة كاملة لحالته- فكأنه يرتفع إلى طبقات الجو العليا، حيث ينخفض الضغط الجوي، وهو ما يسبب الشعور بالضيق، وصعوبة التنفس، وهي حقيقة علمية لم تكتشف إلا في هذا العصر الحديث، أشارت إليه وأوضحته (3) ثلاث كلمات فقط في هذه الآية الكريمة.
وهذه الكلمات منها كلمتان (ضَيِّقًا حَرَجًا) تصفان حالة الصاعد في السماء وأن صدره يكون ضيقًا حرجًا، والكلمة الثالثة (يَصَّعَّدُ) حيث إن الحرف المشدد بها يوضح كيف أن حركة الصعود ليست سهلة، بل إن الصاعد يجد المشقة في صعوده إلى السماء بسبب ما يعانيه من انخفاض كبير في الضغط الجوي ([1]).
فكم تبلغ دقة ألفاظ القرآن الكريم، بل حروفه؟! فتكون شاهدًا على أن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى.
(ب) شاهد من يهود: وهو أستاذ قانون يهودي:
وكان يجادل أحد المسلمين ليحاول النيل من الإسلام، فأراد هذا المسلم أن يخرصه، فقال له: كم يصل حجم قانون الميراث الأمريكي؟
فقال له أستاذ القانوني اليهودي: أكثر من 8 مجلدات.
قال له المسلم: إن جئتك بعشرة سطور تضم قانون الميراث بالكامل، دون أن يشذ عنه فرد؟
قال اليهودي: لا يمكن!
فجاء المسلم في اليوم التالي بآيات الميراث في القرآن الكريم –النص القرآني وترجمة معانيه باللغة الأجنبية- فجاء اليهودي، وقال: لا يمكن لعقل بشري أن يحصي كل علاقات التربة بهذا التفصيل الذي لا ينسى أحدًا، ثم يوزع عليهم الميراث بهذا العدل الذي لا يظلم أحدًا، وكانت آيات الميراث وحدها سببًا في قبوله الإسلام دينًا عند حسن عرضها.([2])
فالقرآن الكريم هو الكتاب المعجز في دقة ألفاظه ومبانيه وبلاغته وسمو أهدافه.
2- لقد أخبر القرآن الكريم بمصير بعض من كفار قريش وعذابهم في نار جهنم التي أعدها الله عز وجل لهم لكفرهم وتكذيبهم وعدم إيمانهم، ومن هؤلاء أبو لهب وزوجته ففيه نزلت سورة المسد، قال الله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) [المسد].
وقد كان في استطاعة أي منهما- أبي لهب وزوجته- أو أي من كفار قريش ممن نزل فيهم قرآنًا يخزيهم ويخبرهم بسوء عاقبتهم ومصيرهم، وأن جهنم في الآخرة هي دارهم أن يدَّعي إسلامه نفاقًا ليُكَذِّب رسول الله r، وما جاء به القرآن الكريم فيقول: كيف يزعم محمد والقرآن الذي جاء به أني من أهل النار مع أنني أسلمت معه وآمنت به واتبعته؟
وذلك ليرتاب الناس في أمر رسول الله r ويتشككوا في صدق دعوته r فيزداد تكذيبهم له وعدم تصديقهم به، وبالقرآن الذي جاء به r ولكن لم يجرؤ أي منهم فعل مثل ذلك، وذلك لأن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى الذي يعلم الغيب وما تخفي الصدور، فالله عز وجل يعلم ما في صدورهم، وقد سبق في علم الله سبحانه وتعالى أنهم لن يجرءوا على فعل مثل ذلك، فجاء التحدي لهم من هذا القبيل.
فنزلت الآيات تخبرهم بسوء عاقبتهم ومصيرهم، ولم يستطع أي منهم أن يشكك في القرآن الكريم الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد r.
وأصبحت هذه الآيات الكريمات من الدلائل الدالة على أن القرآن الكريم هو كلام رب العالمين وأن القرآن الكريم هو كلام هذا الخالق العظيم الذي لا يعلم الغيب سواه سبحانه جل شأنه.
3- لقد تضمن القرآن الكريم أخبارًا غيبية لا عهد لرسول الله r بها وقد جاءت دقيقة صادقة كما أخبر:
فلما كان الرسل قبل محمد r يبعثون إلى أقوامهم خاصة ولأزمنة محددة فقد أيدهم الله تبارك وتعالى بمعجزات حسية.
وتستمر هذه المعجزات الحسية محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول حتى إذا تطاول الزمن وتقادم وتكدر نبع الرسالة الصافي اختفت قوة الإقناع الحسية، وبعث الله رسولًا آخر بالشريعة التي يرضاها وبمعجزة جديدة حسية مشاهدة.
ولما ختم الله عز وجل النبوة بمحمد r ضمن له حفظ دينه، وذلك بأن أيده بجانب المعجزات الحسية معجزات معنوية تنكشف في المستقبل؛ لكي يؤمن بها المتأخرون من الأمم.
فتبقى المعجزة والبينة الكبرى بين أيدي الناس قائمة إلى قيام الساعة.
فالأخبار الغيبية التي أخبرنا بها القرآن الكريم والرسول الأمين في أحاديثه صحيحة السند عن الأمور والحقائق الكونية، والتي لم يكن لرسول الله r عهد بها ولم يكن يعلمها أحد دائمًا مصيبة صحيحة حقيقية.
فتكون هذه الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، ومضات مبهرات، وشهادة حق بصدق رسول الله r ، وصدق رسالته، وأنه r كان متصلًا بالوحي، معلمًا من قِبَل هذا الخالق العظيم الله سبحانه وتعالى رب العالمين.
فمن هذه الأخبار الغيبية التي أخبر عنها القرآن الكريم:
أ- أخبار ماضية:
كقصص الأولين وأخبار السابقين، كأخبار قوم عاد.
قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: ٦ – ٨].
(وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) [الحاقة: ٦ – ٨].
أخبرنا ربنا تبارك وتعالى عن قوم سيدنا هود عليه السلام، هذه الأمة الطاغية وهي قبيلة معروفة في اليمن وقد أعطاهم ربنا سبحانه وتعالى قوة وشدة في أبدانهم، ولكنهم عتوا وتجبروا في الأرض.
وكان من شدة قوتهم أنهم قد بنوا أبنية ضخمة ذات أعمدة قوية ضخمة، فكانت عاقبتهم بعد تجبرهم في الأرض أن سخر الله سبحانه وتعالى عليهم ريحًا شديدة العصف لمدة سبع ليال وثمانية أيام متتابعات.
والعجب أن منذ عدد قليل من السنوات زود الأمريكان أحد مكوكات الفضاء بجهاز رادار له قدرة اختراق للتربة إلى عشرة أمتار.
وحينما مر عبر الجزيرة العربية صور في صحراء الربع الثاني وهي من أكثر الصحراء قحولة وجفافًا، صور تحت الرمال مجرى لنهرين جافين يتحرك أحدهما من الغرب إلى الشرق ويتحرك الآخر من الجنوب إلى الشمال فانبهر الأمريكان.
خاصة أن الصحراء هذه من أكثر الصحراء قحولة وجفافًا فزودوا المكوك في رحلة ثانية بجهاز رادار له القدرة على الاختراق للتربة بشكل أكبر فصور:
مجرى لنهرين بتفرعاتهما ويصبان في بحيرة يزيد قطرها عن 45 متر.
وصور على ضفاف البحيرة عمران لا تعرف البشرية شيئًا في ضخامته وتساءلوا ما هذا العمران؟
واجتمع علماء الدين والجغرافيا والجيولوجيا وأجمعوا على أن هذا إرم التي ورد ذكرها في القرآن الكريم.
وقد كان علماء التاريخ ينكرون إنكارًا تامًا وجود شيء اسمه قوم عاد، وذلك لأنهم لم يجدوا لهم أثر، وكانوا يتخيلون أن هذا نموذج خيالي يضربه القرآن من قبيل ضرب المثل، وجاء في أكبر مؤسسات مراكز البحث العلمي في كاليفورنيا تقرير عنوانه: الرحلة عبر الجزيرة العربية ومعه هذه الآيات الكريمات:
(إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) [الفجر: 7، ٨].
ويروي التقرير:
أن هذه الحضارة التي لم يكن يدانيها حضارة في زمانها قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية، وهذا هو ما أخبرنا به ربنا تبارك وتعالى منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام.
قال الله تعالى:
(وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) [الحاقة: ٦ – ٨].
وما جاء في أكبر مؤسسات البحث العلمي في كاليفورنيا من تقرير الرحلة عبر الجزيرة العربية، وعنوانه هذه الآيات الكريمات التي ذكرناها هي:
شهادة لهذا الرسول الخاتم محمد r وصدق ما يوحى إليه وصدق حديثه وصدق رسالته r.([3])
وغيرها الكثير من الأخبار الماضية التي أخبر عنها القرآن الكريم، ولكننا سنكتفي بما ذكرناه.
ب- قال الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: ٥٣].
لقد أخبر القرآن الكريم عن حقائق علمية غيبية كثيرة لم يكن يعلمها أحد ولم يكن لديه أدنى معرفة أو تصور عنها؛ منها مراحل تطور الجنين.
فمن الآيات القرآنية التي تخبرنا وتعلمنا بمراحل تطور الجنين:
قول الله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: ١٢ – ١٤].
وغيرها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تخبرنا وتعلمنا بمراحل تطور الجنين.
وعندما عرضت الآيات القرآنية التي تتحدث عن مراحل تطور الجنين في جسم الإنسان، والأحاديث النبوية الشريفة التي تصف هذه المراحل على كيث مور: هو عالم بارز في علم الأجنة وله كتاب مترجم إلى العديد من اللغات ويُدرَّس في أغلب كليات الطب في العالم جاء ليلقي محاضرة عنوانها: مطابقة علم الأجنة لما جاء في القرآن والسنة.
ووافق على طباعة هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على كتابه العلمي، وأصبحت دعوة راقية لهذا الدين العظيم.
وقال «كيث مور» في حديث صحفي بموسكو:
إن التعبيرات القرآنية تبلغ من الدقة والشمول ما لم يبلغه العلم الحديث. فسألوه: هل أنت مسلم؟
قال: لا ولكني أشهد أن القرآن كلام الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وقال: أنا تحت ضغوط عائلية قد لا تسمح بإعلان إسلامي، ولكن لا تندهشوا إذا علمتم في يوم من الأيام أن كيث مور قد قبل الإسلام دينًا.([4])
فها هو كتابه: (الإنسان النامي مع زيادات إسلامية)، دعوة راقية جدًّا لهذا الدين العظيم- الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد.
. (1)من كتاب:الدين الحق بالأدلة القاطعة، الذى تم مراجعةمادتهالعلمية بهيئةالإعجاز العلمىللقرآن والسنة بمكة المكرمة
([2])موسوعة الإسلام والعلم الحديث،الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم د/ زغلول النجار
([3])موسوعة الإسلام والعلم الحديث،الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم د/ زغلول النجار
([4])موسوعة الإسلام والعلم الحديث،الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم د/ زغلول النجار