عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

ومن دلائل نبوته

عصمة الله سبحانه وتعالى له  حيًّا وميتًا

قال الله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة: ٦٧].

هذه الآية الكريمة هي من معجزات القرآن الكريم التي قد تحدت الجميع من الكافرين والمنافقين بعصمة الله لنبيه محمد ، فلم يستطع أي من أعداء هذا الدين من أن ينالوا من رسول الله  حيًا أو ميتًا.

لقد عصم الله عز وجل نبيه  حيًا وميتًا على الرغم مما قام به أعداء الإسلام من هجمات شرسة ومحاولات عديدة للنيل منه .

فلقد حاولوا قتله حيًّا مرارًا وتكرارًا والنيل من سيرته ومن جسده الشريف بعد مماته  ولكنهم لم يجنوا إلا الخيبة والفشل والحسرة والندامة.

فكانت محاولاتهم العديدة الخائبة الفاشلة مع وفرة عناصر نجاحها هي دليل صدق على رسالة هذا النبي الخاتم  وعصمة الله عز وجل له.

فمن محاولاتهم الكثيرة للنيل منه  في حياته:

أ- عند هجرة المصطفى  كان الكفار قد تجمعوا، وتحزبوا من مختلف القبائل بسيوفهم على باب غرفته  ليقتلوه.

ولكن الله سبحانه وتعالى بعلمه وقدرته عصمه منهم.

فخرج r من بينهم واخترق صفوفهم وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم، وقد أخذ الله بأبصارهم عنه فلا يرونه وهو يتلو قول الله تعالى:

(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)  [يس: ٩].

ب- أثناء هجرة النبي  كان قد سلك طريقًا ليضلل الكفار عنه حتى انتهى إلى غار في قمة الجبل يعرف بغار ثور، وأخذ الكفار يبحثون عنه بشتى السبل في كل مكان إلى أن وصلوا إلى باب الغار.

روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال: كنت مع النبي  في الغار فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: ((اسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما)) وفي لفظ: ((ما ظنك يا أبا بكر باثنان الله ثالثهما)) [رواه البخاري].

وغير ذلك الكثير من المواقف التي قد حدثت أثناء هجرة النبي  والتي تدل على عصمة الله عز وجل له.

ج- لقد حاول اليهود بمكر وخديعة قتل النبي  فتآمروا على قتله حيث كان النبي  في وقت ما جالسًا إلى جانب جدار من بيوت اليهود فتآمر اليهود وقالوا: أيكم يأخذ هذه الرحى ويصعد بها فيلقيها على رأسه- يعني النبي - يشدخه بها؟ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش: أنا. فقال لهم سلام بن مشكم: لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه، ولكنهم عزموا على تنفيذ خطتهم ونزل جبريل عليه السلام من عند رب العالمين على رسول الله  يعلمه بما هموا به، فنهض  مسرعًا وتوجه إلى المدينة، ثم قام  بمحاصرة اليهود إلى أن استسلموا وخرجوا من مدينة رسول الله .

د- عندما فتح رسول الله خيبر وقام بإخراج اليهود منها أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله r فقيل لها الذراع فأكثرت فيه من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله  تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ولفظها، ثم قال: ((إن هذه العظم ليخبرني أنه مسموم)) ثم دعا بها فاعترفت فقال : ((ما حملك على ذلك؟)) قالت: قلت إن كان ملكًا استرحت منه، وإن كان نبيًا فسيخبر وكان r معه بشر بن البراء قد أخذ من الشاة أكلة فأساغها فمات منها، وكان النبي من رحمته قد عفا عنها ولكن لما مات بشر قتلها قصاصًا.

ولقد حفظ ربنا تبارك وتعالى نبينا  في جميع غزواته من أن يقع قتيلًا أو أسيرًا بين يدي أعداء الإسلام رغم كثرة الحروب والمحاولات الخبيثة التي قاموا بها ضده  للقضاء عليه وعلى دعوته.

ولقد حاول أعداء الإسلام النيل من رسول الله r بعد مماته بعدما فشلوا وخابوا في النيل منه أثناء حياته .

ففي عام 557 من الهجرة في عهد السلطان الزاهد العابد محمود نور الدين زنكي فكر أعداء الإسلام الخبثاء النكراء في أن يفجعوا المسلمين فجيعة نكراء بسرقة جسد النبي r الشريف من قبره حيث قام هؤلاء الخبثاء بتجنيد رجلين من المجرمين لهذه المهمة الخطيرة، وانطلقا إلى المدينة وارتديا زي المسلمين وأظهرا الورع والعبادة وأكثرا النفقة على فقراء المدينة حتى أحبهم أهل المدينة حبًّا جمًّا وهم في كل ليلة يحفرون سردابًا تحت الأرض في حجرة يسكنون فيها بجوار المسجد النبوي ويأخذان التراب ويلقونه في بئر ماء حتى لا ينتشر ويظهر أمرهما، وظل الخبيثان يحفران حتى وصلا إلى جدار الغرفة النبوية.

ومن المعلوم أن الرسول قد دفن في حجرته التي قد توفي بها، فالأنبياء يدفنون في أماكنهم التي قبضوا فيها.

وفي الليلة التي ضربوا فيها أول فأس في الغرفة النبوية الشريفة رأى السلطان الزاهد العابد محمود نور الدين زنكي رؤيا للنبي r وهو يشير إلى رجلين  أشقرين أحمرين، وقال له: أنقذني من هذين الرجلين يا محمود، فاستيقظ السلطان من نومه فزعًا، فتوضأ وصلى ما شاء الله له أن يصلي، ثم نام فرأى النبي في رؤيا للمرة الثانية، وأشار إلى نفس الرجلين، وقال: أنقذني من هذين الرجلين يا محمود، فاستيقظ السلطان من نومه فزعًا، فتوضأ ثم صلى لله ركعتين ثم نام، فجاءه النبي r في الرؤيا للمرة الثالثة وأشار على نفس الرجلين وقال أنقذني من هذين الرجلين يا محمود، فاستيقظ السلطان من نومه وقال: والله لا نوم بعد الآن.

واستدعى وزيره الصالح التقي الذي يقال له جمال الدين الموصلي، وأخبره بالرؤيا وما قاله له النبي  فقال له الوزير الصالح: اكتم خبر الرؤيا، اكتم ما رأيت أيها السلطان وهيا اخرج فورًا إلى مدينة رسول الله ، فانطلق السلطان على الفور وحمل أموالًا طائلة ودخل المسجد النبوي وصلى لله ركعتين وسلم على النبي r وجلس في الروضة الشريفة الكريمة يفكر ماذا يصنع؟

فقال الوزير الصالح: أيها الناس لقد جاء السلطان إلى مدينة رسول الله  ليوزع أموالًا على كل فقراء المدينة، وليسلم على كل أغنيائها وأشرافها وأهلها وعزم هذا الوزير على جميع فقراء المدينة للحضور وعلى جميع أهل المدينة للسلام على السلطان لينظر السلطان إلى وجوه القوم لعله يجد الوجهين اللذين أشار عليهما النبي الصادق المصدوق r.

فجاء الفقراء وجاء الأشراف والأغنياء ولما دخلوا على السلطان صرخ وقال: اللهم صلِّ على محمد هما والله هما، هما والله هما.

والناس لا يعرفون الخبر، فانطلق معهما إلى منزلهما بجوار الغرفة النبوية وفتش البيت بنفسه، فلم يجد إلا مالًا ومصحفين لله تبارك وتعالى، وظل يفتش فوجد حصيرًا في جانب الغرفة، فإذا به يُلهم من الله سبحانه وتعالى بأن يكشف هذا الحصير، فوجد سردابًا داخل الأرض، فنزل فيه وظل يمشي في السرداب حتى وصل إلى جدار الغرفة النبوية الشريفة، ففزع الناس فزعًا شديدًا وأمرهما بالاعتراف بما جاءا من أجله، وضربهما بالسياط ليعترفا إلى أن اعترفا بمهمتهما الحقيرة بسرقة جسد النبي الشريف r.

وأمر السلطان بقتل هذين الرجلين على باب الغرفة النبوية، وقام بحفر خندق عميق جدًّا حول الغرفة النبوية المطهرة، وقام بصبها بالرصاص لمنع مثل تلك المحاولات الخبيثة مرة أخرى، وأخذ يبكي لما اختصه الله من هذا الشرف العظيم، وأن جعله سببًا في إنقاذ جسد النبي الشريف r من هؤلاء الأعداء النكراء.

وهذا من عصمة الله سبحانه وتعالى لنبيه الخاتم محمد r بعد مماته وهذه الحادثة ثابتة في كتب التاريخ التي أرَّخت للمدينة المنورة.

وما قام به أعداء الإسلام من محاولة سرقة جسد رسول الله  الشريف هو دليل قاطع في ذاته على يقينهم بنبوة المصطفى r وصدق رسالته؛ لأن من المعلوم أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، بينما غير الأنبياء من أموات لا تلبث الأرض إلا أن تأكل أجسادهم في القليل من الشهور، لا سيما إن كان الجسد كله يغطيه التراب، فما بالهم- أعداء الإسلام- يهمون بذلك الأمر بعدما يزيد عن خمسمائة عام من وفاته ؟

لا شك إلا لأنهم على يقين من صدق رسالة المصطفى  وصدق دعوته، ولكنه الجحود والاستكبار الذي يتملكهم.

ولقد امتن الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة- أمة المصطفى - بالعلماء الربانيين الذين يدافعون عن النبي  وعن سيرته وعن سنته المطهرة بعد مماته ويقومون بالتصدي لافتراءاتهم وأباطيلهم دون أن يبغوا شرفًا أو منصبًا أو مالًا أو جاهًا أو سلطانًا من وراء هذا الجهد الذي يبذلونه من أجل الدفاع عن هذا الدين العظيم وعن هذا النبي الأمين.

وهذا كله  من عصمة الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد r حتى بعد وفاته إلى أن تقوم الساعة.

والسؤال الذي يطرح ويفرض نفسه:

لماذا كل هذه العصمة من الله سبحانه وتعالى لمحمد ؟ وعلام تدل؟

لا شك أن هذه العصمة هي من الله سبحانه وتعالى؛ لأن محمدًا  هو الرسول الخاتم الذي ختم به الرسل، ولأن رسالته هي الرسالة الخاتمة التي ختمت بها جميع الرسالات السابقة، فكانت هذه العصمة ليتمكن النبي  من تأدية رسالته والتبليغ بها على الوجه الأتم الأكمل.

وكل هذا يدل على أن محمدًا  هو خاتم الأنبياء والمرسلين.

* * *




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق