عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

لقد سافر الدكتور/ زغلول النجار في عام 1977م إلى أمريكا، وكان عنده تفرغ علمي عنده، فقام بالسفر إلى جامعة لوس أنجلوس في غرب الولايات المتحدة أستاذًا زائرًا.

وعندما وصل –كان ذلك في رمضان- اتصل به أحد المسلمين في لوس أنجلوس، وقال له: إن هناك حوارًا مُعَدًّا له منذ 3 سنوات بين الإسلام والنصرانية واليهودية، والشخص الذي كان من المفترض أن يتحدث عن الإسلام قد غاب، فنرجو أن تحضر لتتحدث عن الإسلام.

في أول الأمر كان الدكتور/ زغلول النجار معترضًا لأن من المفترض أن يكون هناك ترتيب قد أُعدَّ بدقة أكثر من ذلك، وقال: إنه لن يحضر. ثم بعد نصف ساعة اتصل به أستاذ الديانات المقارنة   –على حد زعمهم، فلا يوجد ما يُسمى بالديانات المقارنة، فالدين عند الإسلام- فقال هذا الأستاذ للدكتور زغلول: إنه بلغه أنه موجود –يقصد الدكتور زغلول- وأنه يستطيع أن يتحدث عن الإسلام، وغياب الصوت الإسلامي في هذا المؤتمر سيكون له انعكاس سيئ على المؤتمر، فلتحضر حتى ولو تجيب على أسئلة السائلين، فليس بالضرورة أن تكون عندك كلمة مطبوعة.

فوافق الدكتور على أن يحضر ويتحدث عن الإسلام في هذا المؤتمر، وذهب الدكتور  إلى المؤتمر –بالجامعة- فوجد حشدًا من الناس غريب؛ ضخم جدًّا، حيث وجد 4 آلاف أو خمسة آلاف كنيسة مُمَثَّلة، وكل كنيسة على الأقل ممثلة بـ 10 : 15 فرد، وهناك 200 معبد من معابد اليهود، فكان هناك عدد ضخم لم يكن للدكتور أن يتخيله، وكان على باب الجامعة شخص يوزع كلمة اليهود، وآخر يوزع كلمة النصارى، والمسلمين ليس لهم كلمة مطبوعة.

وقابله رجل مشهور في العمل الصليبي في أمريكا، وعرفه بنفسه، وقال للدكتور:

ما هي رتبتك في الإسلام؟ (سؤال عجيب!) فقال له الدكتور: إن إسلامه إسلام رجل جيولوجي -أي أننا في الإسلام ليس عندنا مثل تلك الرتب التي يدَّعونها-.

فقال له الرجل –الذي يعمل في العمل الصليبي-: كيف؟!

أما أنا ... وسمى رتبته، وهذا حاخام –ممن يتكلمون عن اليهود- وسمى رتبته... ثم بعد ذلك، قال القِسُّ للدكتور: إننا سنتكلم في المؤتمر تبعًا للتسلسل التاريخي، بمعنى أن اليهودي سيتكلم أولا، وهو أستاذ في الديانات المقارنة –على حد زعمهم- ثم هو –أي القس- عن النصرانية، ثم الدكتور عن الإسلام.

فحمد الدكتور الله عز وجل على هذا الترتيب، وقال لنفسه: على الأقل تكون أمامه فرصة؛ يستمع لما يقولونه؛ حتى يرد عليهم.

وعند صعوده شاء الله عز وجل أن اليهودي يتحرك ويجلس في الجانب الأيسر، فنظر القس          -...كروس- للدكتور، وقال: نحن الآن أمام شاشات التلفاز، ولن أستطيع أن أغير الترتيب، وستتكلم أنت أولا، فقد انقلب الترتيب بغير إرادتي، وقال: كل واحد سوف يتكلم ثلث ساعة، فاستعان الدكتور بالله عز وجل، وتحدث لمدة ثلث ساعة كاملة، وكان يدور حديثه حول هذا المعنى: إن الإسلام ليس محدودًا في رسالة محمد  وحدها، وإن كان قد تكامل فيها، فالإسلام هو رسالة السماء منذ آدم عليه السلام إلى محمد  إلى قيام الساعة.

وأن جميع الرسالات السابقة مع إيماننا بها وإيماننا بأنبيائها، إلا أن الأصول منها قد ضُيِّعَتْ           -الرسالات السابقة- وأن العقيدة لا يمكن أن تُبنى على خيال بشري مبني على أفكار متوارثة شفاهًا جيل بعد جيل، لا بد من تسجيل رباني صحيح خالص من العمل البشري.

وإذا نظرنا في الكتب السماوية وجدنا أن الكتاب السماوي الوحيد الموجود بين أيدينا –القرآن الكريم- بنفس اللغة التي نزل بها كلمة كلمة وحرفًا حرفا، وإشارة إشارة، لأنه حفظ من قِبل الله عز وجل.

بينما ننظر إلى الإنجيل، فأقدم إنجيل مكتوب بين أيدي الناس مكتوب باللغة اليونانية القديمة، وهي لغة لم يتحدثها المسيح عليه السلام، ولم يتحدثها أحد من أتباعه، فكيف يمكن أن نعلم أن هذا الكلام هو كلام المسيح عليه السلام؟!

لقد سجل علماء الإنجيل أنه في قرية في جنوب تركيا عُقد مؤتمر للنصارى في عهد الإمبراطورية الرومانية، اجتمع للمجتمعين في هذا المكان أكثر من 3000 آلاف إنجيل، اختاروا منها ثلاثة أو أربعة جعلوها الكتب المقدسة، وألغوا الباقي، وهذه الكتب التي اختيرت على أساس الحضارة الإغريقية قامت على الشرك، على تعدد آلهة.

هذا الاختلاط جعل الأناجيل فيها شرك وفيها تعدد آلهة، وفيها تثليث، وفيها ألوهية للمسيح عليه السلام، وألوهية لأمه، وتعدد آلهة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

لا يمكن لإله أن يتعدد، ولا يمكن لإله أن يأكل ويشرب وينام، ويفعل ما يفعله البشر المخلوقون.

مع احترامنا وتقديرنا وإيماننا بالمسيح عليه السلام، وبمعجزة ميلاده، وبمعجزاته في مهده، وبمعجزاته في حياته، وبصدق رسالته، إلا أننا ننفي عن المسيح عليه السلام الألوهية تمامًا.

وبالمثل أين اليهودية أين من سيدنا موسى عليه السلام؟!

سيدنا موسى بريء منهم، الناس الذين يظنون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وغيرهم من البشر حيوانات خُلقت على هيئة البشر لتقوم على خدمتهم، هل هذا دين؟!

هل الدين الذي يُغلق على طائفة من البشر يكون هذا دين؟ وتكون هذه رسالة من السماء؟!

الرسالة لا بد أن تكون للبشر كافة.

اليهود ليسوا أصحاب دين، بل هو تكتل بشري عنصري ضيق، لا يقبل غيره من البشر.

وحين أتم الدكتور حديثه انتقل الحديث إلى القس -كروس- الذي سوف يتحدث عن النصرانية.

وشاء السميع العليم أن القضايا التي تكلم فيها الدكتور لم تكن مكتوبة في مطبوعاته –بخصوص الكلمة التي سوف يلقونها في المؤتمر- فاضطروا أن يخرجوا عن النصوص المكتوبة، وعندما خرجوا عن النصوص المكتوبة، يقول الدكتور:

والله الذي لا إله إلا هو، هؤلاء الاثنين –القس واليهودي- وهما أستاذان في الديانات المقارنة –على حد زعمهم- وكل واحد منهما يحمل الدكتوراه، وكل واحد منهما قس أو حاخام مُرسَّخ في كنيسته ومعبده وصاحب مكان طويل في معتقداته.

لم يستطع –كروس- المتحدث عن النصرانية أن يتحدث أكثر من 8 دقائق، ولم يرد عن شيء مما قلت.

وانتقل الحديث إلى اليهودي –المتحدث عن اليهودية- وهو يهودي عريق، ومن الذين لعبوا دورًا في الصلح بين مصر وإسرائيل، وهو داهية من دواهي اليهود،  وقد تحدث لمدة 12 دقيقة فقط، وقال: صحيح أن الكلام الذي قاله صديقي المسلم أننا أناس نؤمن بأن الله رب إسرائيل فقط، فأخذ الناس في القيام؛ لأن أغلبيتهم كان من النصارى، وأخذوا يدبون بأرجلهم على الأرض.

فأدرك اليهودي أنه أخطأ خطأ شديدًا، فأراد أن يصلح الخطأ، فشاء الله أن يصلحه بخطأ أبشع، وبعد أن انتهى الوقت... وقاموا إلى تناول الشاي، يقسم الدكتور ويقول:

والله، لم يمكنوني أن أصل إلى المكان الذي أشرب فيه الشاي، فالتف حوله الناس يسألونه عن الإسلام، وقال:

لو كان معه في هذه الليلة عشرة آلاف نسخة مترجمة لمعاني القرآن الكريم، لفتح الله بها فتحًا كبيرًا.

ثم عادوا إلى المنصة للأسئلة، واستمر اللقاء إلى منتصف الليل، وكان من المقرر أن ينتهي في العاشرة، ويقول الدكتور: والله الذي لا إله غيره، لم يوجه إلى غيري سؤال واحد منا نحن الثلاثة، يسألونه عن الإسلام، كيف يتحدث القرآن الكريم عن المسيح عليه السلام؟

ثم بعد انتهاء المؤتمر أتوا ليسلموا عليه وأخذوا يقولون:

ما كنا نعلم أن القرآن يتحدث عن المسيح، ما كنا نعلم أن القرآن يحترم المسيح ويؤمن بمعجزاته.

ثم طُلب أن يتحدثوا هذا الحديث على التلفاز ليذاع، وتم ذلك، وكانت محصلة الأسئلة عزًّا للإسلام، وبعد أن أذيع البرنامج بقي الدكتور سنة في أمريكا، لا يكاد الاتصال ينقطع به يومًا، يسألونه عن الإسلام.

فقد حضرت إليه امرأة أمريكية أسلمت، وهي تعمل في البينتاجون الأمريكي، وقالت له: أنا أفكر في أن أستقيل. فقال الدكتور: لماذا؟

فقالت: أنا أدركت أن هناك حربًا ستكون بين العرب وإسرائيل وبحكم أني أعمل في هذا الجيش الأمريكي، سأضطر أن أساعد في هذه الحرب؛ بإرسال سلاح أو إرسال معلومات، فأنا لا أقبل أن أحارب قومي، المسلمون أهلي كيف يمكن أن أحارب أهلي؟!

وهذه شهادة من العقلاء في العالم الغربي، يقولون:

إنه على الرغم من التقدم العلمي والتقني المذهل الذي حققناه والرواج الاقتصادي الهائل والهيمنة الاقتصادية والهيمنة الإعلامية في العالم الغربي، بالرغم من ذلك فإن حضارتنا حضارة تتآكل من داخلها، ويقولون: نحن نعاني من الخواء الروحي، ويقولون في المقابل:

نجد حضارة معاصرة انحصرت علميًّا وتقنيًّا، وانحصرت اقتصاديًّا، وانحصرت إعلاميًّا وعسكريًّا، وسياسيًّا، ولكنها لا تزال تحتفظ بقيم روحية عُليا، وضوابط أخلاقية وسلوكية صحيحة.

فعلينا أن ندرك قيمة هذا الدين العظيم، الذي لا فلاح ولا نجاح بدون في الدنيا والآخرة.

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق