وإذا عدنا إلى استعمال القرآن الكريم للمادة اللغوية (حور) فسوف نجدها مستعملة في ثلاثة عشر موضعاً أحدها بمعنى الرجوع، أي العودة إلى الحياة بعد الممات في قوله تعالى ]إنه ظنَّ أنْ لنْ يحورَ [ (الانشقاق:14) وبمعنى "بياض العين في سوادها "وذلك بلفظ "حُور" في صفة نساء الجنة في أربعة مواضع، منها ] مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ [ (الطور: 20) واستعملت بمعنى أنصار عيسى عليه السلام في خمسة مواضع، منها ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَـوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ [ (الصف:14).
واستعملت بمعنى الحوار والمحاورة في ثلاثة مواضع:
أ-] فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً [ (الكهف:34).
ب- ] قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً [ (الكهف:37).
ج- ] قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير [(المجادلة:1).
ومن هذا الاستعراض للمادة نجد أن لفظ الحوار مستعمل في القرآن في ثلاثة مواضع بالمعنى المتعارف عليه تاريخياً وفي عصرنا كذلك، بمعنى أنه يوجد طرفان أو أكثر يترادّون الكلام ويراجع بعضهم بعضاً في موقف ما حول مسألة تهمهم.. بما يحمله كلام كل فريق من مواقف ورؤى وآراء وعقائد تجد طريقها جلياً في الكلمات وقسمات الوجوه وحركات الأيدي، تلك التي تمثل " سياق " الموقف الحواري، هذا كله صار اصطلاحاً يسمى الحوار.
المقال السابق
المقال التالى