إن طرح بعض المسائل لاختبار على الطلاب بشك عام ، له فائدة كبيرة في تنمية المدارك وتقويه الأفهام . والطريقة المثلى لاستخدامها ، هي أن يقوم المعلم بطرح المسألة بشك جماعي ، ثم تكون هناك مهلة قصيرة لاسترجاع المعلومات والتفكير في المسألة ، ثم جواب المسألة المطروحة للطلاب . والسنة حافلة بمثل هذا النوع من العلم .
1- فعن عبدالله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم ، حدثوني ما هي ؟ قال فوقع الناس في شجر البوادي . قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة . فاستحييت ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ؟ قال : هي النخلة ) .
قال البغوي : قال الإمام : فيه دليل على أنه يجوز للعالم أن يطرح على أصحابه ما يختبر به علمهم . أ هـ .
وقال ابن حجر رحمه الله: وفي هذا الحديث من الفوائد ..امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفي مع بيان لهم إن لم يفهموه ، .. وفيه التحريض على الفهم في العلم .
وعلى المعلم أن يحسن اختيار المسائل التي يطرحها على طلابه ، وكذلك له أن يسمح بالمناقشة بين الطلاب والإدلاء بالآراء ألا ترى إلى قوله : ( فوقع الناس في شجر البوادي ) أن ذلك مشعر بأن الجمع ذهبوا في تحليل هذه المعضلة كل مذهب . قال الحافظ : أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادي ، فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة .
والمتأمل في المسالة التي طرحها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، يجد أنها قد حفزت هممهم ، وبعثتهم على التفكير في الحل ، وتلهفت أنفسهم لمعرة الجواب الصحيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عجزوا عن حله .
أيضاً من الأمور المهمة التي يحسن التفطن لها ، أن تكون هذه المسائل توصيل فكرة معينة أو ترسخ مفهموماً معيناً لدى الطلاب . ولك أن تسأل ما وجه السؤال ، يبين النخلة وبين المسلم ، أو ما هي الفائدة المستفادة من هذا السؤال ، يبين ذلك الحافظ ابن حجر بقوله : وبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها ، مستمرة في جميع أحوالها ، فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنواعا ، ثم يعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها ، حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى ، وكذلك بركة المسلم عامة في جميع الأحوال ، ونفعه مستمرة له ولغيره حتى بعد موته .
وهذه الطريقة نافعة جداً إذا أحسن استخدامها واستغلالها ، فعلى المعلم أن يبتعد عن صعاب المسائل ، وأن لا يكون همه تعجيز المتعلمين وإفحامهم ، بل عليه أن قرب لهم المسألة المطروحة عليهم بقرائن الأحوال وغيرها من الوسائل ن لكي تكون عوناً لهم في الأهتداء إلى الجواب الصحيح ، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طرح عليهم هذه المسألة كان في يديه جمار ، ففي إحدى روايات هذه الحديث ، عن مجاهد قال : صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بحمار فقال : .. الحديث فأبن عمر رضي الله عنهما فهم المراد عندما رأى الجمار في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يمنعه من الإجابة على السؤال إلا صفر سنة قال الحافظ ابن حجر : إن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يعل للملغز بابً يدخل منه ، بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه .
الخلاصة :
1) أهمية هذه الطريقة في تقوية الفهم ، وتوسيع المدارك .
2) الاستفادة من هذه المسائل في ترسيخ معاني معينة من الأذهان .
3) تقريب المسألة المطروحة بقرائن وأحوال ، تساعد في الوصول إلى الحل .
4) بيان الجواب الصحيح عند العجز عن الإتيان بالجواب .
المقال السابق
المقال التالى