عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة قال عبد الله كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية.
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وبن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ بن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
وعن بن أبي هلال قال وأخبرني نافع أن بن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره يعني في ظهره.
وعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال ضرب جعفر بن أبي طالب رجل من الروم فقطعه بنصفين فوقع إحدى نصفيه في كرم فوجد في نصفه ثلاثون أو بضع وثلاثون جرحا.
وعن عائشة رضي اله عنها قالت: لما جاء قتل بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف فيه الحزن قالت عائشة وأنا أطلع من صائر الباب تعني من شق الباب فأتاه رجل فقال أي رسول الله إن نساء جعفر قالت وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن قال فذهب الرجل ثم أتى فقال قد نهيتهن وذكر أنهن لم يطعنه قال فأمر أيضا فذهب ثم أتى فقال والله لقد غلبننا فزعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاحث في أفواههن من التراب قالت عائشة فقلت أرغم الله أنفك فوالله ما أنت تفعل وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء.
وعن أم جعفر بنت محمد بن جعفر عن جدتها أسماء بنت عميس قالت أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هيأت أربعين منيئا من أدم وعجنت عجيني وأخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أسماء أين بنو جعفر فجئت به إليهم فضمهم إليه وشمهم ثم ذرفت عيناه فبكى فقلت أي رسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء فقال نعم قتل اليوم قالت فقمت أصيح واجتمع إلي النساء قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أسماء لا تقولي هجرا ولا تضربي صدرا قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على ابنته فاطمة وهي تقول واعماه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل جعفر فلتبك الباكية ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم.
وذكر عن عبد الله بن جعفر أنه قال أنا أحفظ حين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمي فنعى لها أبي فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي وعيناه تهريقان الدموع حتى تقطر لحيته ثم قال اللهم إن جعفر قدم إلى أحسن الثواب فأخلفه في ذريته أحسن ما خلفت أحدا من عبادك الصالحين في ذريته.
ورَثَتْهُ زوجته أسماء فقالت:
يا جعفر الطيار خير مصرف للخيل يوم تطاعن وشياح
قد كنت لي جبلا ألوذ بظله فتركتني أمشي بأجرد ضاح
قد كنت ذات حمية ما عشت لي أمشي البراز وأنت كنت جناحي
وإذا دعت قمرية شجنا لها يوما على فنن بكيت صباحي
فاليوم أخشع للذليل وأتقي منه وأدفع ظالمي بالراح
وقال حسان بن ثابت لما بلغه قتل عبد الله بن رواحة يرثي أهل مؤتة من قصيدة...
رأيت خيار المؤمنين تواردو... شعوب وقد خلفت ممن يؤخر...
فلا يبعدن الله قتلى تتابعو... بمؤنة منهم ذو الجناحين جعفر...
وزيد وعبد الله حين تتابعو... جميعا وأسباب المنية تخطر
ويقول فيه...
وكنا نرى في جعفر من محمد... وفاء وأمرا صارما حيث يؤمر
فلا زال في الإسلام من آل هاشم... دعائم عز لا تزول ومفخر
المصادر:
أسد الغابة – الاستيعاب – تهذيب الكمال - المعجم الكبير - الطبقات الكبرى – الإصابة – صحيح البخاري وغيره.
|