مع أبي بكر رضي الله عنه:
في كنز العمال: بعث أبو بكر إلى أبي عبيدة هلم حتى أستخلفك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل أمة أمينا وأنت أمين هذه الأمة فقال أبو عبيدة: ما كنت لأتقدم رجلا أمره رسول الله أن يؤمنا...
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين يعني عمر وأبا عبيدة...
مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
كان عمر رضي الله عنه يقول: "لم أكن مغيرا أمرًا قضاه أبو عبيدة"
وفي البخاري بسنده عن عبد الله بن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشأم حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشأم قال ابن عباس فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشأم فاختلفوا فقال بعضهم قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال ارتفعوا عني ثم قال ادعوا لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه قال أبو عبيدة بن الجراح أفرارا من قدر الله فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله قال فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته فقال إن عندي في هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال فحمد الله عمر ثم انصرف.
وأول كتاب كتبه عمر حين ولى كان إلى أبي عبيدة يوليه على جند خالد حيث قال له: "أوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه، الذي هدانا من الضلالة وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وقد استعملتك على جند خالد بن الوليد، فقم بأمرهم الذي يحق عليك، لا تقدم المسلمين إلى هلكة رجاء غنيمة، ولا تنزلهم منزلاً قبل أن تستريده لهم وتعلم كيف مأتاه، ولا تبعث سرية إلا في كثف من الناس، وإياك وإلقاء المسلمين في الهلكة، وقد أبلاك الله بي وابلاني بك، فغمض بصرك عن الدنيا وألهِ قلبك عنها، وإياك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك، فقد رأيت مصارعهم...
وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: بلغ عمر أن أبا عبيدة حُصر بالشام حصر بالشام وتألب عليه العدو، فكتب إليه عمر:
أما بعد فإنه ما نزل بعبد مؤمن شدة إلا جعل الله بعدها فرج، وإنه لا يغلب عسر يسرين، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
قال فكتب إليه أبو عبيدة:
أما بعد، فإ، الله يقول: "اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ " قال: فخرج عمر بكتابه فقرأه على المنبر فقال: يا أهل المدينة، إنما يعرض بكم أبو عبيدة أو بي...ارغبوا في الجهاد...
عن طارق بن شهاب قال لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة فنزل عن بعيره ونزع خفيه فأمسكها بيده وخاض الماء ومعه بعيره فقال له أبو عبيدة قد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض صنعت كذا وكذا فصك عمر في صدره وقال أوه لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبون العز بغيره يذلكم الله عز وجل.
وقال عمر إذ دخل عليه الشام وهو أميرها: كلنا غيرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة.
مع خالد بن الوليد:
لما عزل عمر خالدًا وولّى أبا عبيدة قام خالد وقال للناس: "بعث عليكم أمين هذه الأمة" وقال أبو عبيدة للناس عن خالد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خالد سيف من سيوف الله، نعم فتى العشيرة..."
مع عمرو بن العاص رضي الله عنه:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص يستنفر الأعراب إلى الشام وذلك أن أم العاص بن وائل امرأة من بلي فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل وبذلك سمت تلك الغزاة ذات السلاسل فلما كان عليه خاف فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم: أبو بكر وعمر وقال لأبي عبيدة: " لا تختلفا ". فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو: إنما جئت مددا لي. فقال أبو عبيدة: لا ولكني أنا على ما أنا عليه وأنت على ما أنت عليه - وكان أبو عبيدة رجلا سهلا لينا هينا عليه أمر الدنيا - فقال له عمرو: بل أنت مدد لي. فقال أبو عبيدة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي " لا تختلفا " وإنك إن عصيتني أطعتك. فقال له عمرو: فإني أمير عليك. قال: فدونك. فصلى عمرو بالناس.
أمير الأمراء في اليرموك:
روى الإمام أحمد بسنده عن عياض الأشعري قال: شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وابن حسنة وخالد بن الوليد وعياض وليس عياض هذا بالذي حدث سماكا قال وقال عمر رضي الله عنه إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة قال فكتبنا إليه إنه قد جاش إلينا الموت واستمددناه فكتب إلينا إنه قد جاءني كتابكم تستمدوني وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا الله عز وجل فاستنصروه فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد نصر يوم بدر في أقل من عدتكم فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني قال فقاتلناهم فهزمناهم وقتلناهم أربع فراسخ قال وأصبنا أموالا فتشاوروا فأشار علينا عياض أن نعطي عن كل رأس عشرة قال وقال أبو عبيدة من يراهني فقال شاب أنا إن لم تغضب قال فسبقه فرأيت عقيصتي أبي عبيدة - العقيصة هي الشعر المضفور - تنقزان وهو خلفه على فرس عربي.
بعض المواقف من حياته مع التابعين:
روى الإمام أحمد بسنده عن عياض بن غطيف - وهو من كبار التابعين - قال دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده من شكوى أصابه وامرأته تحيفة قاعدة عند رأسه قلت كيف بات أبو عبيدة قالت والله لقد بات بأجر فقال أبو عبيدة ما بت بأجر وكان مقبلا بوجهه على الحائط فأقبل على القوم بوجهه فقال ألا تسألونني عما قلت قالوا ما أعجبنا ما قلت فنسألك عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فبسبع مائة ومن أنفق على نفسه وأهله أو عاد مريضا أو ماز أذى فالحسنة بعشر أمثالها والصوم جنة ما لم يخرقها ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة.
وعن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: خذ من خيلنا صدقة فأبى، ثم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأبى، فكلموه أيضاً فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إليه عمر بن الخطاب إن أحبوا فخذها منهم وارددها عليهم، وارزق رقيقهم، قال مالك: أي ارددها على فقرائهم..
|
|
أثره في الآخرين: |
روى عنه أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة أبو ثعلبة جرثوم الخشني، وسمرة بن جندب، وصدي بن عجلان، ومن التابعين عبد الرحمن بن غنم وعبد الله بن سراقة، وعبد الملك بن عمير، وعياض بن غطيف...
وقد كان أبو عبيدة رضي الله عنه معدوداً فيمن جمع القرآن العظيم
عن أنس رضي الله عنه: أن أهل اليمن قد قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلاً يعلمنا القرآن، فأخذ بيد أبي عبيدة، فأرسله معهم، وقال: هذا أمين هذه الأمة... المستدرك... للحاكم
في تعليمه الفقه وغيره:
عن أزهر بن سعيد أنه سمع أبا عامر الهوزني يقول: سمعت أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه سئل عن قضاء رمضان فقال:
"إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه؛ فأحص العدة واصنع ما شئت" سنن البيهقي
عند الإمام أحمد بسنده عن أبي أمامة قال أجار رجل من المسلمين رجلا، وعلى الجيش أبو عبيدة بن الجراح، فقال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص: لا نجيره وقال أبو عبيدة: نجيره، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجير على المسلمين أحدهم"
بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم:
في سنن الدارمي بسنده عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك أعفر ثم ملك وجبروت يستحل فيها الخمر والحرير".
وفي سنن الدارمي أيضًا عن سمرة عن أبي عبيدة بن الجراح قال: كان في آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب".
عن عياض بن غطيف قال أتينا أبا عبيدة بن الجراح نعوده فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحسنة بعشر أمثالها". | |