هو ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عوف بن مالك الأنصاري الأوسي.

قال ابن هشام: و هو من بني أمية بن زيد ومن أهل بدر، و ليس من المنافقين فيما ذَكَرَ لي مَنْ أَثِقُ بِهِ من أهل العلم.(1)

وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا في قلبه وينزل فيه ما نزله الظاهر أنه غيره والله أعلم.(2)

وقد ذكر الطبرسي في مجمع البيان في أحكام القرآن "وقيل نزلت آيات سورة التوبة في حاطب بن أبي بلتعة، وكان له مال بالشام فأبطأ عليه وجهد لذلك جهداً شديداً فحلف لئن آتاه الله ذلك المال ليصدقن، فآتاه الله تعالى ذلك، فلم يفعل.).
وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنه من الذين بنوا مسجد الضرار " وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا وهم خذام بن خالد وفي جنب داره كان بناء هذا المسجد وثعلبة بن حاطب". وهذا مما لا يتفق مع شهوده بدر الكبري، واستشهاده في أحد.

افتراء...... ورد

من القصص المشهورة قصة الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومع خلفائه أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
ومع أن هذه القصة ضعيفة من ناحية إسنادها، ومنكرة من ناحية متنها، ومع أنه نبه على ضعفها الكثير من أهل العلم قديماً وحديثًا، إلا أن كثيراً من الوعاظ والمفسرين ذكرها دون أن يقرن ذلك بذكر ضعفها.

وملخص هذه القصة:
جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالًا، فقال: " ويحك يا ثعلبة، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه "، ثم جاءه بعد مدة وكرر عليه القول فقال له: " أمالك فيّ أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت "، ثم جاءه بعد مدة وكرر عليه القول وقال: والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم ارزق ثعلبة مالاً "، فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود، فكان يصلي مع رسول الله الظهر والعصر ويصلي عند غنمه باقي الصلوات، ثم أصبح لا يشهد مع رسول الله سوى الجمعة، ثم كثرت غنمه وزادت فتقاعد حتى لا يشهد الجمعة ولا الجماعة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: " ما فعل ثعلبة؟ " فقيل له: اتخذ غنماً لا يسعها وادٍ، فقال: " يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة "، فلما وجبت الزكاة أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رجلان ليجمعا الصدقة وقال لهم: " مُرا بثعلبة بن حاطب وبرجل من بني سُليم فخذا صدقاتهما ".
فمرا على حاطب وأمراه بدفع الزكاة فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، وطلب منهما العودة إليه عند الفراغ من جمعه، فذهبا إلى السُلمي فأخرج أطيب ما عنده، فرجعا إلى حاطب فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، اذهبا حتى أرى رأيي، فأقبل الرجلين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قبل أن يسألهم: "يا ويح ثعلبة " ودعا للسُلمي بخير، فأنزل الله قوله: ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن...- إلى قوله - وبما كانوا يكذبون ) التوبة 75،
فذهب رجل من أقارب ثعلبة يخبره بأن الله أنزل فيه قرآن، فخرج ثعلبة حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل صدقته فقال: "إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك"، فجعل يحثي التراب على رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني".
فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء أبو بكر حين استخلف، فجاء ثعلبة بصدقته فلم يأخذها أبو بكر، وكذلك حين استخلف عمر لم يأخذها منه، وكذلك عثمان حين استخلف رضي الله عن الجميع.
ومات ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عن الجميع.

أخرج هذه القصة ابن جرير الطبري في " تفسيره " ( 14 / 370 - رقم 16987 )، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 260 - برقم 7873 )، والواحدي في " أسباب النزول " ص252، كلهم من طريق:
معان بن رفاعة عن أبي عبد الملك علي بن يزيد الألهاني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، ثم ذكروا القصة.
وعلي بن يزيد هذا، اتفقت كلمة الحفاظ على ضعفه،
والقصة مروية أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما وهي ضعيفة الإسناد كسابقتها.
ورُويت عن الحسن رحمه الله وهي مرسلة.
وإليك أخي بعضاً ممن ضعفها من أهل العلم:
1. الإمام ابن حزم.
2. الحافظ البيهقي.
3. الإمام القرطبي.
4. الحافظ الذهبي.
5. الحافظ العراقي.
6. الحافظ الهيثمي.
7. الحافظ ابن حجر.
8. العلامة المناوي. رحمهم الله جميع.
9. العلامة الألباني حفظه الله.

* ومن أراد التفاصيل في الروايات ومصادر أقوال من سبق من الأئمة فليرجع إلى:
" الشهاب الثاقب في الذب عن الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب " للشيخ أبي أسامة سليم بن عيد الهلالي

- وأما مخالفتها من ناحية المتن فألخصه في أمرين:
الأول: مخالفتها للقرآن الكريم وللسنة حيث ورد فيهما بقبوب توبة التائب، مهما كان عمله مالم تطلع الشمس من مغربها أو يغرغر، والقصة تفيد عكس ذلك تمام.
الثاني: مخالفتها للأحاديث الثابتة الواردة في مانع الزكاة حيث جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مانع الزكاة من الإبل والماشية تُؤخذ منه الزكاة ويُخذ من شطر ماله.
فقد أخرج أحمد، وأبو داود، والحاكم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: " في كل سائمة إبل، في أربعين بنت لبون، ولا يفرق إبل عن حسابه، من أعطاها مؤتجراً فله أجرها ومن منعها فإنّا آخذوه، وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا عزوجل، ليس لآل محمد منها شيء "
قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وحسنه الألباني، انظر " إرواء الغليل " 3 / 263 - برقم 791. (3)

وصفوة الكلام: إن تلك القصة باطلة عند العلماء الأعلام لخمسة أمور اختصارا لما سقناه من تفصيل ما سبق من كلام:

1- سند الخبر منكر لا يثبت بحال
2- ثعلبة بن حاطب بدري من الأبرار المغفور لهم عند العزيز الغفار
3- القصة مخالفة لنصوص الشرع الثابتة الواضحة الدالة على قبول التوبة ما لم يغرر أو تطلع الشمس من مغربها.
4- القصة متناقضة حيث لم تعط ثعلبة حكم المؤمنين الأبرار ولا حكم الكافرين الفجار ولا نظير ذلك في الشريعة.
5- مخالفة تلك القصة للتاريخ ففرضية الزكاة كانت في السنة الثانية، وسورة التوبة من أواخر ما نزل من القرآن الكريم. (4)

المصادر:

1- سيرة ابن كثير - ج2 ص244 .

1- الإصابة في تمييز الصحابة -ج1 ص400.

3-.موقع الساحة.

4- ملتقى أهل الحديث.