والله لترتعد فرائصهم ويُرعبون .
عن عروة رضي الله عنه قال : قلت لعبد الله بن عمرو ابن العاص : ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهره من عداوته ؟
فقال : لقد رأيتهم و قد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، و شتم آباءنا و عاب ديننا ، و فرق جماعاتنا ، و سب آلهتنا ، وصرنا منه على أمر عظيم .
قال : فبينما هم في ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفا بالبيت ، فغمزوه ببعض القول ، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ، فلما مرَّ بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفتها في وجهه ، فمضى فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها, فقال : أتسمعون يا معشر قريش ؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح.
فأخذت القوم كلمته ، حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع ، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفأه ، حتى إنه ليقول : انصرف أبا القاسم راشدًا , والله ما كنت جهولاً فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني ]
وقد سطر التاريخ مشاهد ومواقف لانتقام الله ممن آذى رسوله .
(أ) عاجل العقوبة لمن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عنِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال : بَينَمَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي عِندَ البَيتِ ، وأبو جهلٍ وأصحابٌ لَهُ جُلُوسٌ ، إذا قال بعضُهُم لِبَعضٍ : أَيُّكُم يجِيءُ بِسَلا جَزُورِ بني فُلانٍ ، فَيَضَعَهُ على ظَهرِ محمدٍ إِذَا سَجَدَ ؟ فَانبَعَثَ أَشقَى القومِ فجاء به ، فَنَظَرَ حتى سَجَدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَهُ على ظَهرِهِ بَينَ كَتِفَيهِ ، وَأَنَا أَنظُرُ لا أُغَيِّرُ شَيئًا ، لَو كَان لي مَنَعَةٌ ، قال : فَجَعَلُوا يَضحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعضُهُم على بَعضٍ ، وَرَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ساجدٌ لا يَرفَعُ رَأسَهُ حتى جاءته فَاطِمَةُ ، فَطَرَحَت عَن ظَهرِهِ ، فَرَفَعَ رَأسَهُ ثم قال : اللهم عَلَيكَ بِقُريشٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَشَقَّ عَلَيهِم إِذْ دَعَا عَلَيهِم . قال : وكانوا يَرونَ أَنَّ الدَّعوَةَ في ذلك البَلَدِ مُستَجَابَةٌ . ثم سمَّى : اللهم عليك بأبي جهلٍ ، وعليك بِعُتبَةَ بنِ رَبِيعَةَ ، وَشَيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ ، وَالوَلِيدِ بنِ عُتبَةَ ، وَأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ ، وَعُقبَةَ بنِ أَبي مُعَيطٍ . وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَم نحفَظْهُ ، قال : فو الذي نَفسِي بِيَدِهِ ، لَقَد رَأَيتُ الذين عَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَرعَى في القَلِيبِ قَلِيبِ بَدرٍ . [ متفق عليه ]
المقال السابق
المقال التالى