عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 هديه  صلى الله عليه وسلم في التعامل مع خدمه ومواليه . 

   إن معاملة الإنسان لمواليه وخدمه تعتبر أدق مقياس لنفسية هذا الإنسان ، لأنه لا رادع له فيها إلا رادع الخلق والدين )) [1].

ومن هنا ندرك عظمة النبي  صلى الله عليه وسلم وسمو أخلاقه وكرم طبائعه ، إذ لم يختلف تعامله مع من تحته من الخدم والموالي عن تعامله مع غيرهم من الناس ، فلم يك ينظر إليهم على أنهم طبقة أخرى دون الناس ، وأنهم في الدرجة الثانية أو الثالثة في المجتمع ، بل كان يعتبرهم إخوة في الدين وفي الإنسانية لهم جميع حقوق الأخوتين .

ورغم تعدد من تشرف بأن يكون خادما أو مولى له فلم يؤثر منه  صلى الله عليه وسلم أنه أهان منهم أحدا ، أو بخسه شيئا من حقوقه .

 

 فضائل خدم النبي  صلى الله عليه وسلم ومواليه .

هناك فضائل عظيمة ومناقب كثيرة لخدم النبي  صلى الله عليه وسلم ومواليه ، تناسب شرف مخدومهم ومولاهم ، ومن هذه الفضائل و المناقب ما يلي :

 

كون مواليه من أهل بيته  صلى الله عليه وسلم .
إن موالي رسول الله  صلى الله عليه وسلم من أهل بيته الشريف ، لقوله  صلى الله عليه وسلم    الولاء لحمة كلحمة النسب )) [2]، لذلك فإنهم جزء من أسرة النبي يشتركون معهم في كثير من الحقوق والواجبات .

 

 

 وقد اختلف أهل العلم في تحريم الصدقة على موالي بني هاشم إلى قولين .

القول الأول : أن الصدقة حرام عليهم .

وهو قول أحمد وأبو حنيفة وبعض المالكية وهو الصحيح عند الشافعية ، ومن أدلتهم حديث ابن عباس    أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم استعمل أرقم بن أرقم الزهري على الصدقة فاستتبع أبا رافع ، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم   :    إن الصدقة حرام على محمد وآل محمد ، وإن مولى القوم من أنفسهم )) [3].

 

القول الثاني : حل الصدقة لهم .وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله ، ومن الأدلة على هذا القول ما روي أن بريرة كانت تأخذ الصدقة من الناس ، وتهدي منها لرسول الله  صلى الله عليه وسلم ولم تنهها من ذلك ، فدل على حلها لها ، ولأنهم في الحقيقة ليسوا منهم . [4] وعلى كل حال فإن مما لا شك فيه أنهم وإن لم يساووا أهل البيت في كل شيء فقد نالوا من شرفهم وطهارتهم بنصيب وافر .

 

معرفة خدمه ومواليه   صلى الله عليه وسلم لسننه و هديه الباطن .
من خصائص خدم النبي  صلى الله عليه وسلم ومواليه ما فاقوا فيه غيرهم من معرفة كثير من سنن النبي  صلى الله عليه وسلم وهديه الباطن ، وكذالك أحواله وشمائله ، فهم الذين عاشوا معه في بيته وصحبوه ليلا ونهارا ، واستعملهم في حوائجه الخاصة ، فاكتسبوا بذلك علما وهديا فات غيرهم من الناس .

   قال أبو هريرة  رضي الله عنه : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله  صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم ، يعني أنس بن مالك )) [5]، وهو خادم النبي الذي خدمه عشر سنين ، وهو مدة لم يخدمه مثلها أحد غيره ، ولذلك فإن مما يلفت نظر الباحث المتأمل في الشمائل النبوية كثرة ما روى منها أنس بن مالك ، الذي كان يشهد بأنه لم ير أحسن خلقا من رسول الله ، ولا أرحم منه بعياله ...

 

 

 

ثواب خدمة رسول الله .
إذا كان ثواب إعانة المسلم على قضاء حاجته ، أن يعينه الله على حاجته ويوفقه في أموره ، فكيف بمن يكون على حوائج النبي  صلى الله عليه وسلم ويسهر على خدمته ، فيعد له طهوره ، أو يحمل عنه نعله و متاعه ، أو يعتني بدوابه ، وهلم جرا ، لا يعلم ثواب ذلك إلا الله تعالى .

وزد على ذلك معيتهم الدائمة للنبي  صلى الله عليه وسلم وصحبتهم الطويلة له ، وقد مدح الله تعالى الذين كانوا معه فقال : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [6].

ولذلك كان الصحابة رضيَ الله عنهم يجلون موالي الرسول  صلى الله عليه وسلم وخدمه ويحترمونهم ، ويكرمونهم غاية الإكرام .

بل إن الحيوانات لتعلم فضل موالي رسول الله وخدمه ،    عن محمد بن المنكدر عن سفينة  رضي الله عنه قال : كنت في البحر فانكسرت سفينتنا ، فلم نعرف الطريق ، فإذا أنا بالأسد قد عرض لنا فتأخر أصحابي ، فدنوت منه فقلت : أنا صاحب رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، وقد أضللنا الطريق ، فمشى بين يدي حتى أوقعنا على الطريق ثم تنحى ودفعني ، كأنه يريني الطريق ، ثم جعل يهمهم فظننت أنه يودعنا )) [7].

 

-----------------------------------

[1]دراسة تحليلية لشخصية الرسول محمد ص 189

[2]المستدرك على الصحيحين ( 4 / 379 )

[3]مسند الإمام أحمد ( 6 /8 ) ، المعجم الكبير للطبراني ( 11 / 379 )

[4]انظر : أحكام القرآن الجصاص ( 4 / 337 ) ، و فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 3 / 356 )

[5]المعجم الأوسط ( 7 / 367)

[6]سورة الفتح الآية 29

[7]مسند البزار ( 9 / 285 )




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق