تقديم الأقرباء في المغارم وتأخيرهم في المغانم .
	
	من هدي النبي الكريم  صلى الله عليه وسلم في التعامل مع أقاربه تقديمهم في المغارم وتأخيرهم في المغانم ، حتى يربيهم على معالي الأمور ، ويجنبهم من التنافس على الدنيا وزينتها ، وقد أشار الداعية الكبير أبو الحسن الندوي رحمه الله إلى هذا الهدي العظيم فقال :  صلى الله عليه و سلم وكان شعاره الدائم في أهل بيته وعياله وأقرب الناس إليه تقديمهم في المخاوف والمغانم ، وتأخيرهم في الرخاء والمغارم ) [1].
	- وذكر رحمه الله مثالين لتقديمهم في المغارم :
	المثال الأول : أمر حمزة و علي وعبيدة بمبارزة الكفار يوم بدر .
	وذلك لما طلب عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة من يبارزهم من قريش ، فاختار النبي  صلى الله عليه وسلم ثلاثة من أقربائه لمبارزة هؤلاء الشجعان الصناديد وهم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة ، ولم يؤثر أحدا عليهم ضنا بحياتهم وإبقاء عليهم .
	المثال الثاني : وضع ربا عمه العباس ، وهدر دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب .
	وذلك في حجة الوداع لما أراد أن يحرم الربا تحريما نهائيا ، ويهدر دم الجاهلية القديم ، فقال في خطبته المشهودة  صلى الله عليه وسلم :    وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع ربا عباس بن عبد المطلب ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وأول دم أضع من دمائنا دم ربيعة بن الحارث )) .
	 
	- وأما تأخيرهم في المغانم فأتى بمثال واحد وهو :
	امتناعه من إعطاء علي وفاطمة من الأموال والخدم . [2]
	وقد سبق ذكره وما يستفاد منه من الدروس في مبحث سابق فليراجع .
	وهناك أمثلة أخرى على تأخير النبي  صلى الله عليه وسلم أقاربه عند المغانم ومنها :
	عدم تخصيصهم بشيء من العلم أو الملك .
	فلم يخص النبي أقاربه من دون المسلمين بشيء من العلم لا يعلمه غيرهم ، عن أبي الطفيل قال : سئل علي  رضي الله عنه هل خصكم رسول الله  صلى الله عليه وسلم بشيء ؟ فقال : ما خصنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم   بشيء لم يعم به الناس كافة ، إلا ما كان في قراب سيفي هذا ، قال : فأخرج صحيفة مكتوب فيها    لعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من سرق منار الأرض ، ولعن الله من لعن والده ، ولعن الله من آوى محدثا )) [3].
	 
	أما الملك فكان بإمكانه  صلى الله عليه وسلم أن يوصي بالخلافة لأقرب الناس إليه من بعده ، ولكنه لم يفعل ، وترك الأمر بعده شورى بين المسلمين ، وما قد يوجد من إشارة إلى من يخلفه بعده كان إلى أبي بكر الصديق  رضي الله عنه ، وكل ما يقال عن الوصية لآل بيته بالخلافة من بعده لم يثبت ، وهو مخالف لإجماع الصحابة ومن بعدهم من التابعين ، حتى ما تركه  صلى الله عليه وسلم من المال فهو إلى بيت المال صدقة ، لقوله  صلى الله عليه وسلم    لا نورث ما تركناه صدقة )) [4].
	 
	------------------------------
	[1]السيرة النبوية للندوي ص 434
	[2]السيرة النبوية للندوي ص 434 ، 435
	[3]مسند الإمام أحمد ( 1 / 118 ) ، سنن البيهقي الكبرى ( 9 / 250 )
	[4]صحيح مسلم ( 3 / 1378 )