يتفق المعلمون في وجوب معاقبة المخطئ وردعه عند تكرار خطئه ، ولكنهم يختلفون في مسألة العقاب البدني للتلميذ فالمانعون يقولون : إن هذا الأسلوب غير مجد ، ويؤدي حدوث أمراض نفسية لدى الطالب ، وتجعل الطالب يتخوف من المعلم لأدنى سبب ، وكذلك هذا الأسلوب يدعو الطالب إلى الكذب للفرار من عقاب المعلم ، قالوا : ولذا نرى عدم السماح للمعلم بمعاقبته بدنياً مطلقاً . والفريق الآخر المؤيدون يقولون : إن إلغاء العقاب البدني بتاتاً له عواقب وخيمة ، منها أن الطالب لا يأبه للمعلم ، ولا يضع له اعتباراً ، وبالتالي لن يلقي اهتماماً للعلم أي ( للمادة الدراسية ) . وعملية إلغاء العقاب البدني ينشئ لنا جيلاً مستهتراً بالقيم والمثل والمعلم .
والتحقيق أن يقال ك أنه لا بد من التفصيل في هذه المسألة ،وأن نتناولها من جوانب عدة .أولاً : إلغاء الضرب بالكلية مرفوض ، وإطلاق العنان للمعلم بالضرب في كل الأحوال مرفوض أيضاً ، ومستندنا في جواز الضرب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم " مروا الصبي بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع " . قال العلقمي : إنما أمر بالضرب لعشر لأنه حد يتحمل فيه الضرب غالباً ، والمراد بالضرب ضرباً غير مبرح وأن يتقي الوجه في الضرب . أنتهى . فهذا الحديث صريح في جواز ضرب من بلغ عشر سنين تأديباً له .ثانياً : الضرب للتأديب فقط : وليس للانتقام والتشفي ، ولذلك يخطئ بعض المعلمين عندما يضرب أحد طلابه ضرباً شديداً مبرحاً لخطأ وقع فيه ، فيظن المعلم أنه يؤدبه ، وفي الحقيقة أنه ينتصر لنفسه ! يقول محمد جميل زينو .ولقد رأيت بعض المعلمين يرفسون بأرجلهم ونعالهم ، وربما أصاب ذلك الرفس محلاً خطيراً أودى بحياة الطالب . أ هـ وهل هذا إلا بدافع الغضب والإنتصار للنفس وحظوطها . ثالثاً ك اتقاء ضرب الوجه : قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه " وذلك لأن الوجه هو أشرف الأغصاء في جسم الإنسان ، وهو مكان التكريم ، فالضرب على الوجه يبعث على الكراهية وحب الانتقام . رابعاً : هناك عقوبات أخرى تسبق الضرب : أورد الشيخ محمد جميل زينو بعض العقوبات التربوية المفيدة تأخذ منها على سبيل الاختصار :
1) النصح والإرشاد [ لأن البعض تؤثر فيه الكلمة والتوجيه ] .
2) التعبيس [ أي تعبيس الوجه وتقطيب الحاجبين للتعبير عن الاستياء ] .
3) الزجر .
4) الإعراض [ الإعراض عن طلابه أو عن أحدهم حتى يرجع عن خطئه ] .
5) التوبيخ .
6) جلوس القرفصاء [ أو إيقاف الطالب مع رفع يديه ونحو ذلك ] .
7) [ تكليف الطالب بواجبات منزلية ونحو ذلك ] .
8) تعليق العصبي : .. لحديث " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم " .
9) [ المرحلة الأخيرة ] الضرب الخفيف .
وبعد فإن على المعلم أن يتدرج في استعمال العقوبات ، ولا يلجأ للضرب لأول زلة يقع فيها الطالب ، بل عليه أن يستعمل الحكمة في استخدام الأسلوب الأمثل لمعالجة الخطأ كما بيناه سابقاً . ثم إن لم يجد بداً من الضرب ، فليضرب ولكن بالشروط السالفة الذكر . ولا عبرة بقول ، ولا حجة لمن أنكر الضرب مطلقاً .
الخلاصة :
1) التدريج في معاقبة المخطئ ، وعدم اللجوء إلى الضرب إلا في الحالات القصوى .
2) عدم القسوة في الضرب ، واتقاء الوجه .
القصد من الضرب هو التأديب ، وليس لإطفاء نار الغضب .
المقال السابق
المقال التالى