الهوس ( myth mania) :
وبالإضافة إلى الإتهامات التى يرددها غير المسلمين، هناك اتهام يكمل مجموعة الإتهامات العقيمة الأخرى . فى الأساس يدعى هؤلاء القوم أن محمدا عليه الصلاة والسلام كان مهوسا يصدق نفسه . وهناك مرض معروف فى علم النفس اسمه " الهوس myth mania" ، وهو نوع آخر من الجنون ، يكذب فيه المرء ثم يصدق نفس، وبذلك أضل قومه . معنى هذا ببساطة أن المريض بهذا المرض يكذب ويكذب ثم يصدق نفسه . هذا ما يتقول به غير المسلمين ، ومثل هذا المريض لا يأتى مطلقا بحقائق والقرآن كله حقائق . كل شئ فيه يمكن البحث فيه وتأسيسه على الصدق . فذكر الحقائق هى الفيصل بين المهووس وغير المهووس . وعندما يحاول الأطباء النفسيين علاج المهووس يواجهونه بالحقائق باستمرار إلى أن يشفى .
فمثلا إذا ادعى أحد أنه " ملك انجلترا " فالطبيب النفسانى يواجهه بأسئلة محددة " أنا أصدق أنك ملك انجلترا ... إذا فأين الملكة ؟؟؟ ... أين رئيس الوزراء ؟؟؟ ... وأين حراسك ؟؟؟ ... الآن ! وحينما لا يجد المسكين جوابا لهذه الأسئلة يبدأ فى التماس الأعذار قائلا ... الملكة عند أمها ّّّ !!! رئيس الوزراء مات !!! وباستمرار المجابهة يشفى من مرضه " معلنا أنه ليس الملك . إذا فالحقيقة لا تتفق مطلقا مع المهووس .
القرآن الكريم يجابه قارئه بنفس الطريقة التى يطبقها الطبيب النفسانى ، وذلك مثلا فى الآية رقم ( 57 ) من سورة يونس :::
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
ربما يكون التفسير المباشر لهذه الآية غير واضح ، ولكن باعتماد المثل السابق تتضح الصورة . فى الجوهر القرآن الكريم علاج لما فى الصدور ، فهو يشفى الأوهام التى فى الصدور بقراءته وذلك بمواجهة هؤلاء المرضى بالحقائق . فكموقف عام يقول لك " يا أيها الناس أنتم تقولون كذا وكذا بالنسبة لهذا أو ذاك ، ولكن ماذا عن هذا ؟؟؟ كيف تقولون هذا بينما أنتم تعرفون ذلك ؟؟؟ وهكذا حتى يشفى المريض . أسئلة تجبر الإنسان على فهم الأمور المتعلقة بالموضوع المثار وفى نفس الوقت تعمل على شفائه من الأوهام التى تدور فى خلده وذلك بمجابهته بالحقائق . وبذلك ينفُض ُ من داخله النظريات الباطلة والضعيفة عن الله سبحانه وتعالى والرسالة .
المقال السابق
المقال التالى