عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم كيف نربي أطفالنا
الكاتب ليلى بنت عبد الرحمن الجريبة
تاريخ الاضافة 2010-01-13 03:28:19
المقال مترجم الى
English    Español    Indonesia    Русский   
المشاهدات 13923
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English    Español    Indonesia    Русский   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

يعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقّين، (الأول): إشباع حاجاته النفسية، و(الثاني): إعداده لممارسة حياته المستقبلية.

 

1- إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية

 


إن هذه الحاجات قد يعيش الإنسان بدونها، ولكن لن يكون شخصاً سوياً أبداً إذا فقدها أو فقد بعضها، وسنعرضها باختصار:

 

 

 

(أ) حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال

 


وإشباع هذه الحاجة يعني قَبوله اجتماعياً وزرع الثقة به واكتساب ثقته، وقد حفلَت السنّة بمظاهر احترام الطفل: كسلام النبي r على الصبيان ([1]) ومنادتهم بكُنىً جميلة ([2]) واحترام حقوقهم في المجالس فقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم الغلام أن يُعطي الأشياخ قبله، وكان هو الجالس عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم  ([3]).

 

 

 

والاحترام لابد أن يكون نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء، فالطفل وإن كان صغيراً فإنه يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء. وإضافة إلى السلام عليه ومناداته بأحب الأسماء واحترام حقوقه، إجابة أسئلته وسماع حديثه وشكره إذا أحسن والدعاء له والثناء عليه وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه وإبداء رأيه وسماع مشورته.

 

 

وأما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيجب أن يتفاعل المربي مع ولده تفاعلاً عاطفياً وعملياً، إذ يصادقه ويرافقه في السفر ويشاركه في اللعب المباح والعمل والقراءة، ويسمع شكواه ([4]) وإذا اختلف المربي معه في الرأي فبينهما الحوار الهادئ واحترام كل للآخر إلا أن للوالدين حق الطاعة والبر.

 

كما على المربي أن يتقبل فكرة وقوع ولده في الخطأ، وأن يتذكر أن الخطأ ربما كان طريقاً للنجاح واستدراك الفائت، فلا يشنّع عليه ويتيح له فرصة الرجوع والتوبة؛ ليستعيد توازنه النفسي. وقد أشارت الدراسات إلى أن الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء، ويشاركونهم في اللعب والعمل كالأصدقاء ([5])

 

وإذا فقدت هذه الصداقة وجدت الطفل في مراهقته يتعلق بزميل أو معلم أو قريب، وقد يكتسب خبرات سيئة كان الأولى أن يكتسبها من والده لو أن الصداقة عقدت بينهما.

كما أن احتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته والرغبة في العزلة ([6]) ومن جهة أخرى يقوّي صلته برفاقه الذين يعجبون به، وقد يكون هؤلاء رفقة سيئة فينساق معهم وينحرف، والواقع يشهد بمئات الأمثلة.

وقد تختلف شخصية الطفل وتفكيره عن والده فعندها يجب أن تظل بينهما أواصر الصداقة والمحبة، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورةً عن أبيه ولكن المهم المحافظة على حالته النفسية ([7])

وأما الاستقلال فيبدأ عند الطفل في سن مبكرة، إذ يحاول الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء الثياب وعلى الأم أن تساعده على الاستقلال والاعتماد على النفس وسيكون أمراً صعباً يحتاج إلى صبر، وينبغي ألا تقدم له المساعدة إلا إذا كان العمل عسيراً لا يستطيعه، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله، مما يدعم ثقته بنفسه ويسهل تكيفه مع المجتمع.

 

 

(ب) حاجته إلى الحب والحنان

 


وهي من أهم الحاجات النفسية، ولذا حَفلت السنّة بكثير من مظاهر هذا الحب، وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة لمرحلة، ففي مرحلة الطفولة المبكرة يَلَذُّ للمربي ملاعبة الطفل وترقيصه ومداعبته بأرقِّ العبارات وتقبيله وضمه، وبعد أن يبلغ خمس سنوات يحب الطفل أن يجلس قريباً من الوالدين أو يضع رأسه على فخذ أحدهما أو يقبلهما أو غير ذلك، بل إنه تشتد حاجته عند رجوعه من المدرسة أو من مكان لم يصحب فيه والديه أو عند وجود مشكلة خارج البيت أو داخله.

 

 

 

وفي مرحلة المراهقة يظل محتاجاً إلى الحنان والحب من والديه، وذلك أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة وبخاصة إذا كان والداه ينتقدان حاجته للحب أو ينكران أن يقبّلهما أو يسند رأسه إليهما أو يحسان بالانزعاج والتضايق عندما يعبّر عن حبه لهما.

وعدم إشباع هذه الحاجة يؤدي إلى انعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر، بل يعدّ الحرمان من الحب أهم أسباب الإصابة بمرض الاكتئاب في المستقبل ([8]) ومن الناحية الاجتماعية تحدث فجوة بين المربي والطفل عندما لا تشبعُ حاجته إلى الحنان فيحس الطفل بالانقباض تجاه والديه ويستقل بمشكلاته ([9]) أو يفضي بها للآخرين دون والديه، ويصبح عنده جوعة عاطفية ([10]) تجعله مستعداً للتعلق بالآخرين، والتعلق يتخذ صوراً كالإعجاب والحب المفرط المؤدي إلى العشق المحرم والشذوذ الجنسي.

وفي مقابل ذلك فإن الإفراط في الحب وفي التعبير عنه، يمنع المربي من الحزم في تربية الطفل ويعرض الطفل للأمراض النفسية ([11]) فقد يكون التدليل وتلبية الرغبات وتوفير أكثر الحاجات الضرورية والكمالية سببا في إفساد الطفل، لأنه يتعود على الترف، ويعجز في مستقبله عن مواجهة الواقع ([12]) ولن يستطيع تحمل المسئوليات لأن حب الوالدين له زاد عن حده وجملهما يمنعانه من الاستقلال وتحمل المسئولية والقيام بالأعمال ([13]).

 

 

(ج) حاجته إلى اللعب


ما يحققه اللعب من فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية

يحقق اللعب للطفل فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية، منها:

 

(1) استنفاد الجهد الفائض ([14]) والتنفيس عن التوتر الذي يتعرض له الطفل فيضرب اللعبة متخيلاً أنه يضرب شخصا أساء إليه أو شخصاً وهميًّا عرفه في خياله وفيما يُحكى له من الحكايات.

 

(2) تعلم الخطأ والصواب وبعض الأخلاق كالصدق والعدل والأمانة وضبط النفس عن طريق اللعب الجماعي، وبناء العلاقات الاجتماعية، إذ يتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين، كما يتعلم دوره المستقبلي، إذ تمثل الفتاة دور الأم ويمثل الصبي دور الأب، وقد يمثلان مهنة من المهن.

 

(3) يدل اللعب بكثرة على توَقّد الذكاء والفطنة ([15]) ويساعد على نمو العضلات وتجديد النشاط، وتنمية المهارات المختلفة ([16]).

* ضوابط اللعب: للعبِ ضوابط منها

(أ) ضوابط شرعية:

فقد تكون اللُّعبة محرمة في حد ذاتها، كالنرد والقمار واللعب بالحمام ويدخل تحت ذلك اليانصيب والرِّهان غير المشروع، وقد تكون اللعبة حراماً لأنها تشغل عن الواجبات الشرعية، أو لأنها تؤذي الجسم وتعرضه للهلاك، أو أنه يقترن بها محرم ككشف عورة أو لعن أو شتم أو معاداة لمسلم أو موالاة لكافر، أو صورة ذات رُوح أو صليب أو غير ذلك من المحرمات ([17])

والقاعدة في ذلك: أن كل لعبة مباحة إلا لعبَةَ حرَّمها الشارع، أو اقترن بها محرم أو أدت إلى فوات واجب أو ارتكاب محرم.

ضوابط صحية

(ب) ضوابط صحية:

منها ما ورد في النهي عن اللعب بعد المغرب إلى العشاء، لأن تلك الساعة تنتشر فيها الشياطين ([18]) فهذا الخطر معلوم شرعاً، وهناك أخطار معلومة بالعقل والتجربة كاللعب بالأدوات الحادة أو في الأماكن الخطرة.

ضوابط تربوية

(ج) ضوابط تربوية منها:

* تَنَاسُبُ اللعبة مع عمر الطفل، ففي السنة الأولى يميل الطفل إلى الألعاب البسيطة كالمكعبات وكرة البلاستيك، ثم يتطور فيصبح بإمكانه اللعب بالتركيبات وأدوات الحَفْر، والبنت تميل إلى اللعب بالدُّمى وأدوات المطبخ، ويمكن تعليمه مسك القلم ومشاهدة الكتب المصورة، وتعد الألعاب الصامتة من أهم الألعاب، لأنها تحتاج إلى تخيل وتمرين وتتيح للطفل فرصة الابتكار وتستحوذ على اهتمامه مدة أطول من الألعاب المتحركة ([19]).

* تعويد الطفل على اللعب بمفرده إذا كان وحيداً، وعلى الأم ألا تشارك ولدها اللعب إلا كتمهيد ثم تنسحب تدريجيًّا، ليتعلم كيف يلعب وحده ويعتمد على نفسه ([20]).

* اللعب مع الحيوانات الأليفة، مع ضرورة الانتباه إلى الرعاية الصحية، وهي تكفل للطفل متعة وفائدة لا تحد ([21]).

 

* إخفاء بعض الألعاب حتى يشتاق إليها ثم إعادتها إليه ([22]).

* عدم الإغراق في شراء ألعاب الحرب لأنها تزيد العدوان عند الطفل ([23

* تهيئة مكان للعب الطفل، ويحسن أن يكون واسعا مفتوحاً ([24]) وهذا يكفل سلامة الطفل وترتيب البيت وسلامة الألعاب ([25]).

 

--------------

([1]) انظر: صحيح البخاري، كتاب الاستئذان، باب التسليم على الصبيان: 7/131.

([2]) انظر: المرجع السابق، كتاب الأدب، باب الانبساط إلى الناس: 7/102.

([3]) رواه البخاري: كتاب الأشربة، باب هل يستأذن الرجل من على يمينه في الشرب ليعطي الأكبر 6/249.

([4]) انظر: سلسلة دراسات نفسية وتربوية: فاروق عبد السلام وميسرة طاهر: ص 113- 114.

([5]) انظر: المرجع السابق: ص 103- 105.

([6]) انظر: المشكلات النفسية عند الأطفال، زكريا الشربيني: ص 11.

([7]) انظر: دراسات نفسية وتربوية، فاروق عبد السلام وميسرة طاهر، ص: 113.

([8]) انظر: سلسلة بحوث نفسيهَ وتربوية، فاروق عبد السلام وميسرة طاهر. ص 54، 51.

([9]) انظر: من أخطائنا في تربية أولادنا، محمد السحيم: ص 68- 100.

([10]) انظر: الأسرة والطفولة، زيدان عبد الباقي: ص 240.

([11]) انظر: سلسلة بحوث نفسية وتربوية، فاروق عبد السلام وميسرة طاهر: ص 109.

([12]) انظر: إحياء علوم الدين، الغزالي 3/72.

([13]) انظر: سلسلة بحوث نفسية وتربوية، فاروق عبد السلام وميسرة طاهر: ص 109.

([14]) انظر: منهج التربية الإسلامية، محمد قطب. ص 393.

([15]) انظر: مجلة مستقبل التربية، ع1 ص 6، نقلا عن مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد عدنان باحارث. ص 311.

([16]) انظر: المرجع السابق، ص 424.

([17]) انظر: المرجع السابق، تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان: ص 938.

([18]) انظر: مسند الإمام أحمد: 3/362.

([19]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبرة، ص 188- 192.

([20]) انظر: المرجع السابق، ص 186- 187.

([21]) انظر: طفلك الصغير هل هو مشكلة؟ محمد كامل، ص 108.

([22]) انظر: المشكلات السلوكية: نبيه الغبرة، ص 187.

([23]) انظر: مشكلات تربوية في حياة طفلك، محمد العويد، ص 74.

([24]) انظر: كيف تربي طفلاً؟، محمد زياد حمدان، ص 33.

([25]) استمع إلى: شريط توجيهات وأفكار في تربية الصغار، محمد الدويش.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق