كما أن القوانين والقواعد اليهودية التي تخص المرأة الحائض مقيدة جدا. يعتبر العهد القديم أن المرأة الحائض غير نظيفة وغير نقية، إضافةً إلى أن عدم النقاء معدي للآخرين وما تلمسه يصبح غير نظيف لمدة يوم: "وإذا كانَ بإمرأةٍ سَيلانُ دَمٍ مِنْ جسَدِها كعادةِ النِّساءِ، فسَبعَةُ أيّامٍ تكونُ في طَمْثِها، وكُلُّ مَنْ لمَسَها يكونُ نَجِساً إلى المَغيـبِ. وجميعُ ما تَضطَجِـعُ أو تجلِسُ علَيهِ في طَمْثِها يكونُ نَجِساً، وكُلُّ مَنْ لمَسَ فِراشَها يَغسِلُ ثيابَهُ ويَستَحِمُّ بالماءِ، ويكونُ نَجِساً إلى المَغيـبِ. مَنْ لمَسَ شيئاً مِمَّا تجلِسُ علَيهِ يغسِلُ ثيابَهُ ويَستَحِمُّ بالماءِ، ويكونُ نَجِساً إلى المَغيـبِ" (اللاويين 15: 19-23). وبسبب طبيعتها 'الملوثة' يجب أحيانا إبعاد المرأة الحائض لتجنب أي احتمال للاتصال بها، وترسل المرأة حينها لمكان خاص يسمى "بيت القذارة"(the house of uncleanness) طوال فترة عدم النقاء[25]. يعتبر التلمود المرأة الحائض "مميتة" حتى إذا لم يتم الاتصال بها ماديا: "يعلمنا حاخاماتنا : إذا مرت المرأة الحائض بين رجلين وإذا كانت في بداية الطمث فإنها ستقتل أحدهم وإذا كانت في آخره فإنها ستتسبب في نزاع بينهما"[26]. والأكثر من ذلك أن زوج المرأة الحائض يُمنع من دخول المعبد اليهودي إذا تنجس منها ولو من الغبار الذي تمشي عليه. والكاهن الذي تكون زوجته أو ابنته أو والدته حائض لا يمكنه أن يسرد المباركة الكهنوتية في المعبد[27]. ولا عجب في أن كثير من النساء اليهوديات يطلقن على الحيض اسم "اللعنة"[28].
وحتى هذا اليوم في إسرائيل، إذا ارتبط رجل متزوج بامرأة غير متزوجة في علاقة خارج الزواج، يعامل أطفاله من هذه المرأة كأطفال شرعيين. بينما إذا ارتبطت امرأة متزوجة في علاقة مع رجل، لا يعامل أطفالها منه فقط على أنهم غير شرعيين وإنما أيضاَ يعتبرون أولاد زنا ويحرمون من الزواج بأية يهودية إلا المغتصبات وبنات الزنا الأخريات، ويمتد هذا التحريم لعشرة أجيال قادمة حيث يكون من المفترض وقتها أن تكون وصمة الزنا قد ضعفت [29].
أما دور الزوج تجاه زوجته في العرف اليهودي فإنه يرجع إلى المفهوم القائل بأن الزوج يمتلك زوجته كما يمتلك عبده[30]. وهذا المفهوم هو المسئول عن قوانين الزنا التي تكيل بمكيالين وعن قدرة الزوج على إلغاء عهود زوجته. كما أنه المسئول أيضاً عن إلغاء أي سلطة للمرأة على ممتلكاتها وأرباحها، فبمجرد زواجها تفقد تماما أي سلطة على ممتلكاتها وأرباحها وتكون السلطة المطلقة للزوج. يؤكد الحاخامات اليهود على أن حق الزوج في ممتلكات زوجته نتيجة طبيعية لامتلاكه لها: "بما أن الرجل يمتلك زوجته ألا ينتج عن ذلك أنه يجب أن يكتسب أملاكها أيضاً؟"[31] وهذا يعني أن المرأة الثرية ستصبح بعد الزواج مفلسة. ويصف التلمود الموقف المالي للمرأة كالآتي: "كيف يمكن للمرأة أن تمتلك أي شيء، مهما كان ما لديها فإنه لزوجها؟ ما له له وما لها أيضاَ له... ما تأخذه كربح أو كأجر وما تجده في الطريق هو أيضاً له؛ أدوات المنزل وحتى كسرات الخبز على المائدة ملكه. هل يجب أن تدعو ضيف لمنزلها وتطعمه؟ إنها بذلك تسرق من زوجها..."[32]
وفي حقيقة الأمر فإن أملاك المرأة اليهودية تستخدم لتجذب المتقدمين للزواج، لذلك تخصص العائلة اليهودية جزء من أملاك الوالد لبناته كمهر في حالة الزواج وهذا ما يجعل البنات اليهود حملا غير مرحب به عند آبائهن. فالأب يجب أن يربيها لسنوات ثم يجهزها للزواج بإعطائها مهرا كبيرا، لذلك فالبنت عائق وليست مُساعدة للعائلة[33]. وهذه الإعاقة تفسر عدم الاحتفاء بولادة الأنثى في المجتمعات اليهودية القديمة. والمهر هو هدية الزواج المقدمة للعريس بناءً على شروط الامتلاك. حيث يكون الزوج مالكا فعليا للمهر لكنه لا يستطيع بيعه وتفقد العروس أي سلطة على المهر منذ لحظة الزواج. علاوةً على ذلك فإن المرأة من المفترض أن تعمل بعد الزواج وتعطي أجرها كله للزوج حتى يقوم بالإعالة التي هو ملزم بها. ويمكن للمرأة أن تسترد ممتلكاتها فقط في حالتي الطلاق أو موت الزوج؛ وإذا توفيت هي أولاً يرث هو ممتلكاتها. في حالة موت الزوج ترث الزوجة ما كانت تمتلكه قبل الزواج لكنها غير مخولة لترث أي من ممتلكات الزوج الراحل. والجدير بالذكر أيضاً أن العريس يجب أن يقدم هدية هو الآخر لعروسه يكون هو مالكها الفعلي طوال فترة الزواج[34].
________________________________________
[25] leonard j. swidler, women in judaism: the status of women in formative judaism (metuchen, n.j: scarecrow press, 1976), p. 137.
[26] bpes.111a. ("bpes" refers to the talmudic tractate pesahim, located in the order mo'ed of the babylonian talmud. pesahim deals mostly with traditions and laws concerning the passover holiday)
[27] leonard j. swidler, women in judaism: the status of women in formative judaism (metuchen, n.j: scarecrow press, 1976), p. 138
[28] sally priesand, judaism and the new woman (new york: behrman house, inc., 1975) p. 24.
[29] lesley hazleton, israeli women the reality behind the myths (new york: simon and schuster, 1977), pp. 41-42
[30] louis m. epstein, the jewish marriage contract (new york: arno press, 1973) p. 149.
[31] leonard j. swidler, women in judaism: the status of women in formative judaism (metuchen, n.j: scarecrow press, 1976), p. 142
[32] san. 71a, git. 62a
[33] louis m. epstein, the jewish marriage contract (new york: arno press, 1973), pp. 164-165.
[34] louis m. epstein, the jewish marriage contract (new york: arno press, 1973), pp112-113. see also sally priesand, judaism and the new woman (new york: behrman house, inc., 1975), p. 15.