حكم و أسرار النهي عن جماع الحائض
أختى المسلمة ...
ما من حكم رباني إلا و له من الحكم و الفوائد و الثمرات مالا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى و ما ذاك بغريب ولا بعجيب لأن الذي شرع هو الحكيم الخبير العليم القدير يقول الحق تبارك و تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " 1 فذكر الله عز و جل العلة لوجوب الاعتزال كون دم الحيض أذى .
و الأذى في اللغة : ما يكره من كل شئ .
وقال عطاء و قتادة و السدي : أذى : أي قذر .
أختي المسلمة ...
أليس دم الحيض كريه الرائحة ؟ فهو إذى إذن .
أليس دم الحيض يحتدم ؟! فهو بذلك أذى .
فقوله تعالى : " قُلْ هُوَ أَذًى " هو شئ تتأذى به المرأة و غيرها أي برائحة دم الحيض ، و الأذى كناية عن القذر على الجملة ، و يطلق على القول المكروه 2 ، لكن ماذا قال الطب الحديث عن الأذى ؟
أختي المسلمة ...
يحدث أثناء دم الحيض أن الجسم يفتت الغشاء المبطن للرحم ، و يقذف به كاملاً مع الدم ، و بفحص دم الحيض تحت المجهر و جد أن به قطع من الغشاء المبطن للرحم .
ومن ثم فإن الرحم يكون ملتهبا جداً ، متقرحا ً ، أو يكون أشبه بالمنطقة التي سلخ جلدها فتقل مقاومته لعدوان الميكروبات التي قد تغزوه ، و يكون بيئة صالحة ، مناسبة جداً لتكاثر و نمو هذه الميكروبات ، لأن الدم كما هو معلوم أفضل بيئة لذلك .
فمن أجل ذلك يمنع الوطء أثناء الحيض ، لأنه يسمح بدخول الميكروبات ، أو أنه يدخل الميكروبات إلى الرحم الضعيف ، و تكون المقاومة للغزو الجرثومي في أضعف و أدنى حالاتها ، كما تقول المواد المطهَّرة أثناء الحيض .
أي أن أجهزة المقاومة التي تعمل في الحالات المعتادة تتوقف أثناء الحيض ، فتنمو الميكروبات و تتكاثر و يكون الأذى الذي نهانا الخالق الحكيم عنه .
ليس هذا فحسب بل قد تمتد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدهما ، أو تؤثر على شعيراتهما التي تدفع البويضة من المبيض إلى الرحم . و انسداد قناتي الرحم باب واسع إلى العقم ، أو إلى الحمل خارج الرحم ، و هو من أشد أنواع الأذى لأنه يؤدي إلى انفجار هذه القناة ، فتسيل الدماء في أقتاب البطن فَتـُحْدِثُ الوفاة .
و قد يمتد الالتهاب إلى القناة البولية و بالتالي إلى الجهاز البولي الذي يلتهم عنق الرحم .
أما بالنسبة إلى الرجل فإن الأذى محقق .
حيث إن هذا يؤدي إلى تكاثر الميكروبات و التهاب قناة مجرى البول و نمو الميكروبات السبحية و العنقودية فيها ، و هي أذى كذلك لأنه ليس فيه مراعاة لحالة المرأة النفسية و الجنسية .3
فالحيض أذى للمرأة كما نص عليه القرآن العزيز وكما أثبت الطب الحديث ذلك فيما بعد وكما يرى في الواقع .
فقد يسبب الحيض للمرأة صداعا نصفيا و فقراً في الدم فضلاً عما يسببه من إزعاجات نفسية و شعورية و مزاجية و آلام و أوجاع ، فتصاب المرأة بشئ من الكسل و الفتور و انخفاض ضغط الدم . و يصحب ذلك عزوف جنسي لا محالة من ذلك ، و لهذا و غيره نهى الإسلام عن إتيانها أثناء الحيض .
----------------------------
1- سورة البقرة 222
2- الجامع لأحكام القرآن (3/57) للقرطبي .
3- مستفاد من بحث ( المحيض بين إشارات القرآن و الطب الحديث ) للدكتور محمد الشرقاوي .