عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الرسول المعلم
تاريخ الاضافة 2007-11-14 01:27:56
المقال مترجم الى
English   
المشاهدات 8080
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

لقد كان صلى الله عليه وسلم أرفق الناس للناس ، وكان صلى الله عليه وسلم يراعي نفسياتهم وأحوالهم ، كيف لا وهو الذي قال : " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله " والرفق هو : لين الجانب بالقول والفعل ، والأخذ بالأسهل ، وهو ضد العنف . والنفس البشرية تميل إلى الرفق ولين الجانب وطيب الكلام وتأنس به ، وتنفر من الجفوة والغلظة . ولذا كان حري بالمعلمين والمربين أن يعوا هذا الجانب ويطبقوه على تلاميذهم وطلابهم .

          والشدة على المتعلمين مضرة بهم . وذلك أن إرهاف الحد بالتعليم مضر بالمتعلم سيما في أصاغر الولد لأنه من سوء الملكة ومن كان موباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر وضيق عن النفس في إنبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة ..

ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة وأعلاها في حسن تعليمه ورفقة بصحابته رضوان الله عليهم ، فمنها :

1-  عن أنس رضي الله عنه قال :بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جاء أعرابي ، فقام يبول في المسجد . فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزرموه ، دعوه " فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه ، فقال له : " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر ، إنما هي لذكر الله والصلاة ، وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأمر رجلاً من القوم ، فجاء بدلو من ماء فسنه عليه . رواه مسلم . وعند أحمد وابن ماجه زيادة وهي : قال : يقول الأعرابي بعد أن فقه : فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى بابي هو وأمي فلم يسب ولم يؤنب ولم يضرب .

ففي هذا الحديث بيان لرفق النبي صلى الله عليه وسلم بالأعرابي وحسن تعليمه له ، وذلك لأن الاعرابي كان يجهل ذلك الحكم بطبيعة الحال ولهذا السبب لم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوبخه ، بل دعاه وعلمه برفق الأمر الذي يجهله .

ولقد صور الاعرابي ذلك الموقف بعد أن فقه ، بقوله : بأبي هو وأمي فلم يسب ولم يؤنب ولم يضرب . وفي هذا القول دليل على تأثير الأعرابي برفق النبي صلى الله عليه وسلم به ، وحسن تعليمه له .

قال الحافظ ابن حجر بعد حديث أنس : وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عناداً ، ولا سيما إن كان ممن يحتاج إلى استئلافه . وفيه رأفة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه أهـ

2- وعن معاوية بن الحكم السلمي قال : بينا أنا صلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله . فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : وأثكل أمياه ، ما شأنكم تنظرون إلى؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى صلى الله عليه وسلم فبابي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ، ولا شتمني قال : " إن هذه الصلاة ، لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " ، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. [ ثم قال معاوية في تمام الحديث ] .. قال : وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد والجوانيه فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهبت بشاة من غنمها ، وأنا رجل من بني آدم آسف كما ياسفون، لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال : أئتني بها ، فأتيته بها ، فقال لها : أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال أعتقها فإنها مؤمنة " .

قال النووي في شرحه لهذا الحديث : فيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به ورفقه بالجاهل ورأفته بأمته وشفقته عليهم وفيه التخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به وتقريب الصواب إلى فهمه. اهـ .

ثم إنك لك أن تقارن بين الموقفين السابقين الذين وقعا لمعاوية بن الحكم رضي الله عنه ، وكيف عامل الرسول صلى الله عليه وسلم معاوية في كلا الموقفين :

ففي الحادثة الأولى : لم يعنفه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يوبخه . لأنه كان جاهلاً والدليل على ذلك ، الحديث الذي أخرجه البخاري وأبو داود من رواية عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال :لما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علمت أموراً من أمور الإسلام ، فكان فيما علمتأن قال لي : إذا عطست فاحمد الله ، وإذا عطس العاطس فحمد الله . فقل : يرحمك الله . قال: فبينا أن قائم مع رسول الله في الصلاة .. الحديث ) .

وفي الحادثة الثانية : عاملة الرسول صلى الله عليه وسلم بنقيض ذلك ، حيث أنكر ذلك الفعل على معاوية ويؤخذ هذا من قوله : ( فعظم ذلك علي ) . وإنكار الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفعل  من معاوية وهو ضرب الجاربة ، يحتمل وجهات وقد يحتمل أكثر من ذلك .

الأول : وهو أن معاوية لم  يعد جاهلاً حيث أمضى فترة في الإسلام وعلم شرائعه وآدابه .

الثاني : وهو أن هذا الصنيع من معاوية ليس من الأمور التي تجهل عادة ، فالرفق والإحسان إلى الناس من الأمور المركوزة في الفطر وليست من باب العلم المكتسب . والله أعلم .

الخلاصة  :

1)     الرفق بالطالب يتأكد عندما يكون جاهلاً .

2)     تقدير الخطأ الذي يقع من الطالب ، وهل هو من الخطأ الذي يعذر بجهله ، أم لا وذلك يرجع إلى تقدير المعلم .

3)  معالجة الخطأ الذي يقع من الطالب الجاهل كما حدث ذلك في القصة الأعرابي الذي بال في المسجد ، حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته أن يقطعوا عليه بوله لئلا يتضرر ، ثم أمر رجلاً من أصحابه أن يزيل أثر النجاسة بالماء ، ثم دعا الأعرابي وأخبره بخطئه ، ثم علمه برفق ولين . وكذلك في قصة معاوية بن الحكم ، حيث دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمه ما الذي ينبغي عليه فعله وتركه في الصلاة .

أما الخطأ أو الفعل الذي بدر من الطالب ، كما جاء في قول الصحابي ( فعظم ذلك علي ) ، ثم إن على المربي بعد ذك أن يسعى في إصلاح ذلك الخطأ ومساعدة الطالب في إصلاح ذلك الخطأ ومساعدة الطالب في إصلاح خطئه ، وذلك يتجلى في إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية عندما أراد أن يعتق الجارية ، حيث قال له : ( أعتقها فإنها مؤمنة )



                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق