إن الصدق تاج على رأس المعلم ، إذا فقده فقد ثقة الناس بعلمه ، وبما يمليه عليهم من معلومات . لأن الطالب في الغالب يتقبل من معلمه كل ما يقوله ، فإذا بان للطلاب كذب معلمهم في بعض الأمور فإن ذلك ينعكس عليه مباشرة ، ويؤدي إلى سقوطه من أعين طلابه .
والصدق منجاة للعبد في الدنيا والآخرة ، وقد أثنى الله على الصادقين ، ورغب المؤمنين أن يكونوا من أهله بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(التوبة:119)) " وأرشد المعلم الأول إلى أن الصدق يهدي إلى الجنة بقوله :
1- ( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) البخاري (5743) ومسلم (2607) وعند تأمل السيرة النبوية ، نجد أن نبيكم صلى الله عليه وسلم كان يسمى بالصادق الأمين ، ولم يعهد منه كفار مكة كذبة واحدة . ولما بعث وظهر أمره ، عاداه سادات قريش وأعيانهم ، لا لكذبه عليهم ، ولكن استكباراً وتجبراً ، وخوفاً من سقوط هيبتهم وجاههم ومقامهم بين القبائل ، وقد صرح بحقيقة ذلك بعض أعيانهم . ولقد كان لإتصافه صلى الله عليه وسلم بالصدق أثراً كبيراً في دخول كثير من الناس في دين الله ، ورحم الله ذلك الصحابي الذي عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لأول وهلة قال : لما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب !!
وصدق المعلم بدعو المتعلم إلى الثقة به وبما يقول . ويكسبه احترام المتعلمين ، ويرفع من شأنه في عمله ، ويتمثل صدق المعلم في مستلزمات المسئولية الملقاة على عاتقه ، والتي منها نقل المعرفة بما فيها من حقائق ومعلومات للأجيال ، فإن لم يكن المعلم متحلياً بالصدق فإنه سينقل لهم علماً ناقصاً ومبتوراً ، وحقائق ومعلومات مغايرة للصورة التي يجب أن ينقلها ، وإذا تعود التلميذ على قبول هذا السلوك السيء من المعلم فإنه ربما يستحسن هذا العمل حتى يصبح ملازماً له ، وهو أمر خطير على المجتمع أ هـ .
وإليك أيها المعلم مثالاً يبين أثر الكذب على الطلاب . يقول الشيخ محمد جميل زينو: حدث أن سأل أحد الطلاب معلمه مستنكراً تدخين أحد المعلمين ، فأجاب المعلم مدافعاً عن زميله ، بأن سبب تدخينه هو نصيحة الطبيب له ، وحين خرج التلميذ من الصف قال : إن المعلم يكذب علينا . ( قال محمد جميل ) وحبذا لو صدق المعلم في إجابته ، وبين خطاً زميله ، بأن التدخين حرام ، لأنه مضر بالجسم ، مؤذ للجار ، متلف للمال ، فلو فعل ذلك لكسب ثقة الطلاب وحبهم ، ويستطيع أن يقول هذا المعلم إلى طلابه : إن هذا المعلم فرد من الناس تجري عليه الأعراض البشرية ، فهو يصيب ويخطيء .
الخلاصة :
1) الصدق نجاة للمعلم في الدنيا والآخرة .
2) الكذب على الطلاب ، عائق عن التلقي ، وفاقد للثقة .
3) الكذب أثره يتعدى إلى المجتمع ، ولا يقتصر على منتحله .
المقال السابق
المقال التالى