عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم أربع وعشرون ساعة في حياة المسلم
تاريخ الاضافة 2009-06-03 14:17:09
المقال مترجم الى
English    Deutsch    Español   
المشاهدات 8691
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English    Deutsch    Español   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

إذا ما استخلص المؤمن الحكم من الأشياء التي اعتادت عيناه رؤيتها خلص إلى أنّ كلّ شيء خلقه الله هو نعمة، بمعنى أنّ عينيه اللتين يرى بهما وأذنيه اللتين يسمع بهما وجسمه وما يأكله وكلّ ما يتغذى به والهواء الذي يتنفسه وأمواله وإمكاناته ونظامه الحيوي وصولا إلى النجوم في السماء، كلّها نعم وهبها الله للإنسان، وهذه النعم من العدد ما لا يمكن حصرها يقول تعالى: "وَإِنَ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" ( النحل، 18 ) .

يحق للمؤمن التمتع بنعم الدنيا كلّها لكن حذار أن تغره أهواؤها الدنيا فينسى الآخرة. مهما توفّرت له الإمكانيات ( الثروة، الأبّهة، الأموال، النفوذ ) عليه ألاّ يكسل ولا يغترّ ولا يتكبّر. باختصار لا تكون هذه الإمكانيات سببا في ترك المؤمن للأخلاق القرآنية لأنّها نعم أنعمها الله عليه. والمؤمن يعي أنّ الله لو شاء لأخذها منه، ونعم الدنيا زائلة حتما وأنّ النعم الباقية لا توجد إلاّ في الجنة.

إنّ الإنسان الملتزم بالأخلاق القرآنية يكون المال والملك والنفوذ وجميع النعم الدّنيوية مجرّد وسائل للتقرّب من الله تعالى والتمسّك بعبادته، وهو يعرف أن تلك النعم الدنيوية تصلح للتمتّع بها لمدّة معيّنة وليست هدفا في حدّ ذاتها، فمعدّل أمل الحياة عند الإنسان يتراوح بين 60 إلى 70 سنة وهي أطول فترة يمكن للإنسان التمتّع خلالها بالنعم الدنيوية ثمّ يموت ويترك بيته الذي أحبّه كبيرا وأفنى فيه عمره، بمعنى أنّه لا بدّ من يوم يفارق فيه الإنسان نعم الدنيا.

المؤمن يعرف أنّ الله وحده المنعم على الإنسان فيبذل ما بوسعه لإظهار الرّضا والمنّة ويشكر الله تعالى على تلك النعم، ويكون ذلك بالقول والفعل، فيذكر نعم الله ذكرا متواصلا، يقول تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" ( الضحى، 5-11)، ويقول تعالى: "أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ( الأعراف، 69 ).

ينتظر بعض الناس أن تنزل عليهم نعمة كبيرة أو أن تُرفع عنهم مصيبة ثقيلة ليشكروا الله عليها، غير أننا إذا انتبهنا قليلا اكتشفنا أنّ الإنسان يعيش كلّ لحظة في زخم هذه النعم، فالحياة والصحّة والعقل والحواس الخمس والتنفس والهواء وما شابه ذلك هي من النعم التي وهبها الله للإنسان في كلّ لحظة من لحظات الحياة. فكلّ نعمة من تلك النعم توجب الحمد والشكر. وبعض الناس في غفلة من أمرهم لا يشكرون الله على تلك النعم التي هي في أيديهم لأنهم لا يعرفون قيمتها إلاّ إذا فقدوها.

أمّا المؤمنون فيحمدون الله على نعمه لأنها دليل على عجز الإنسان أمام القدرة الإلهية المطلقة، والمؤمنون لا يشكرون الله على نعمة الغنى والمال والملك فحسب بل يشكرونه على كلّ النعم ظاهرها وباطنها ويحمدون الله على نعمة الصحة والجمال والعلم والعقل وحبهم للإيمان ومعرفتهم القبيح من الطيب، ويحمدون الله على وجودهم مع إخوانهم المؤمنين، وعلى نعمة التعقل والبصيرة وعلى أنهم أصحاب قوة بدنية وعزيمة نفسية. وكلّما رأى المؤمن منظرا جميلا أو حقق شيئا تمناه أوسمع كلاما رائقا أو قابله الناس بالحب والاحترام وغيرها من النعم الأخرى شكر الله كثيرا على رحمته الواسعة.

إن المؤمن إذا تواضع لله كلّما أنعم عليه بنعمة وابتعد عن الغرور والتكبر وأبدى تواضعا في حديثه وسلوكه زاده الله من نعمه، يقول تعالى: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ" ( إبراهيم، 7 ) .

جميع النعم الدنوية هي في الوقت نفسه وسائل امتحان للإنسان، لذلك ترى المؤمنين يشكرون الله ويحمدونه ويحرصون على بذل تلك النعم في خير الأعمال، فلا مجال للبخل وجمع الأموال لأنّ البخل وجمع المال صفة أهل جهنّم وهذا ما حذّر منه الله تعالى في قوله: "كَلاَّ إِنَّهَا لَظًى نَزَّاعَة لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى وَجَمَعَ فَأْوْعَى إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا" ( المعراج، 15-21 ). وقد أمر الله بالإنفاق على الفقراء والمحتاجين بقوله تعالى: "...وَيَسَأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ العَفْوَ ..." ( البقرة، 219 )، وهي حاجة أخلاقية يتصف بها المؤمن الذي ينفق ما زاد عن حاجته في أعمال الخير طمعا في مرضاة الله تعالى.

لا شكّ أنّ مقابل العطاء هو الحمد والشكر، ولا بدّ من استعمال تلك النعم في مرضاة الله تعالى. والمؤمن مكلّف بتطبيق أوامر الله تعالى فيصرف أمواله في أعمال الخير ويستعمل نعمة الصحّة البدنية والإمكانيات المادّية لكسب مرضاة الله والفوز برحمته ودوام النعمة عليه بالفوز بالجنّة في الآخرة، قال تعالى: "إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِـنَ المُؤْمِنيـنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الجَنَّةَ ..." ( التوبة، 111).

خلاصة القول إنّ المجتمع الذي يعيش أفراده في رحاب الأخلاق القرآنية إذا أصابه شيء من الفقر والجوع والفتنة وغيرها من المشاكل ينأون بأنفسهم من الوقوع في العنف والفوضي والقتل وما شابه ذلك من الأعمال المُشينة




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق