عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

الحديث الرابع والعشرون: لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء


وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مُرَاء  أخرجه أحمد وابن ماجه.

 

 لا يقص على الناس  قيل بأن هذا نهي، وفيه أصل لنهي بعض الوعاظ عن الوعظ، وأن هذا له أصل في الشريعة، وقد حصل هذا في عصور الإسلام المتقدمة، فبعض الناس قد يقول يقال لماذا يمنع فلان من القص والوعظ والتذكير، هذا ليس جديدا بل له أصول ضاربة في تاريخ الإسلام السابق، وهذا الحديث أصل في ذلك.

قيل "لا يقص" أنه نهي، وقيل نفي وإخبار، أن هذا لا ينبغي أن يكون القص إلا من فلان أو من كذا أو كذا أو كذا، وفي عهد الخطيب البغدادي رحمه الله أمر الخليفة العباسي بعدم القص في المسجد إلا بعد أن يعرض القُصّاص على الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى، وابن الجوزي في كتاب القصاص والمذكرين ذكر كثيرا من هذا أن بعض القصاص يسيء ولا يحسن ويضر ولا ينفع.

وما أفرد العلماء أحاديث القصاص وأكاذيب القصاص إلا لجهالة كثير منهم، وفي الحديث أيضا أنه " لا يقص أو لا يعظ إلا من كان مأمورا " أو من علم من نفسه وعلم الناس وأهل العلم أن له قدرة على القص، وذكر الأخبار، شريطة أن يكون القاص على بصيرة مما يقول، وأن لا يغلب جانب القصص في كل أموره، يقول أبو قلابة: تجالس القاص سنة كاملة فلا تخرج بفائدة، بل قد تخرج بمضرة إذا لم يكن على بصيرة من قصِّه ورواياته.

لا يقص إلا أمير، من له السلطة، قد كانوا في الزمن الأول يتكلم الأمراء، وقيل يراد بهم أيضا العلماء فلهم إمرة فهم ولاة أمر، أو مأمور أو مرخص له مأذون له من أهل العلم إما لفظا أو إقرارا، أو مراء من خرج في الغالب أن يكون خروجه لحظ نفسه، وقد سئل أهل العلم عن هؤلاء القصاص، الناس يألفون القص وذكر الأخبار وبخاصة الغريبة، فيجتمع الناس عند القاص بالآلاف، يقول الإمام أحمد: لا بأس بالقاص إذا كان صدوقا أن يجالس. لكن المصيبة أن يكون جاهلا ويتعمد إيراد الغرائب، وقد عني أهل العلم في شأن القاص والواعظ بأمور، اكتبوها عندكم: لعموم البلوى لدعوى الحاجة العلم بها:

الأمر الأول: أن يراجع القاص أهل العلم، وبخاصة فيما يذكره من الأحاديث والأحكام.

وأيضا: عدم إطالة المجلس بالقص والوعظ.

وثالثا: أن على القاص أن يتمثل ما يأمر الناس به.

ورابعا: إذا كان يقص على من لهم سلطة كالسلاطين ومن دونهم ممن لهم سلطة أن يترفق بهم، وأن يسلك معهم ما يحببهم إلى الخير

فقد نص أهل العلم وقالوا: إذا كان الموعوظ والمقصوص عليه سلطانا فعلى القاص أن يتلطف به؛ لأن القصد النفع وليس التشفي والانتقام وتنفيس الغيظ، وأيضا يقال هنا: إن من أدمن على شيء حرم من غيره، يقول شيخ الإسلام -رحمه الله- ومن أدمن بمعنى كلامه على سماع الأشعار وأخبار القصص وتتبع روايات القصص كعنتر وما شاكله، فإن ذلك يصده عن سماع الحديث والخير.

وهذا ملاحظ، إذا أدمن الإنسان وغلّب وقته في قراءة الأشعار والأخبار والقصص يتثاقل أن يسمع الآيات والأحاديث، ولقد ذكرني بعض الشبيبة أن بعضهم أدمن على سماع الأناشيد، وأخذت وقته، حتى قال بعضهم بعبرات تسبق عباراته، نسيت ما حفظت من القرآن الكريم، وأتثاقل أن أقرأ في كتب العلم، والسبب ملء القلب بشيء مشروط بتفريغه من ضده نسبيا، فالأمر يؤخذ برفق وببصيرة.

وعلى من كان يقص على الناس أيضا أن يجتنب الهزل والإغراق في الضحك؛ حتى لا تفرق بين الموعظة أهي مجلس للهزل أم للوعظ، نعم، لا يفهم من هذا الانقباض عن إضحاك الناس، وعن إدخال البسمة، حاش وكلا ولا لعل، لكن الشأن في الإغراق والإيغال والغلو في هذا الشأن حتى يتربى من يسمعه على الضحك، بل لو جاءهم جاد ليتكلم في مسألة إيمانية علمية، عقدية، في المعاملات في العبادات، نفروا وتثاقلوا منه.

وانظر إلى من أوغل ينطبع ذلك عليه وعلى من يجالسه، وطالب العلم أو القاص إذا أراد الله به الخير فليسأل أهل العلم وليتبصر في قصه ووعظه على الناس




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق