الشبهة
كيف توصف الآخرة بالحيوان
يقولون فى سرد شبهتهم هذه إن القرآن الكريم غير دقيق فى تشبيهاته اللغوية _وحاشا لله أن يكون كذلك_ لأنه استخدم ألفاظا لا تدل على المعنى المراد منها
دليل الشبهة
قال تعالى:
] وإن الدار الآخرة لهي الحيوان[([أ])
الـــــرَّد علـــى الشبهــــــة
فى البداية وقبل أن نبدأ فى الرد على تلك الشبهة أقول بأنه يجب على كل مسلم أن يسجد لله عشرات المرات فى اليوم أنْ مَنَّ الله عليه بهذا الدين
ذلك إننا ما زلنا نكتشف أسراره وحكمه يوما بعد يوم وهذا مما يرسخ الإيمان فى قلوبنا ويجعلنا نتمسك به إيمانا منا بأنه خاتم الرسالات السماوية
أقوال المفسرين فى الآية الكريمة
وتعالوا بنا نتجول سويا فى أقوال أهل التفسير فى معنى كلمة الحيوان الواردة فى تلك الآية الكريمة لنعلم معناها الحقيقى لا الذى فهمه هؤلاء الذين أغلق على قلوبهم ولكن أذكر حضارتكم ونفسي بأن الآية الكريمة ختمت بقوله تعالى: ]لو كانوا يعلمون[
1- الحيوان:أي الحياة الدائمة الحق الذي لا زوال له ولا انقضاء بل هى مستمرة أبد الآباد ([1])
2- الحيوان:أي دار الحياة الباقية التي لا تزول ولا موت فيها ([2])
3- الحيوان:أي الحياة الدائمة الباقية والحيوان بمعنى الحياة أي فيها الحياة الدائمة ([3])
4- الحيوان:الحياة الدائمة ([4])
5- الحيوان:حياة لا يموت أهلها([5])
6- الحيوان:الحياة قال الواحدي وهو قول جميع المفسرين ذهبوا إلى أن معنى الحيوان هاهنا الحياة وأنه مصدر بمنزلة الحياة فيكون كالنزوان والغليان ويكون التقدير وإن الدار الآخرة لهي دار الحيوان أو ذات الحيوان أي دار الحياة الباقية التي لا تزول ولا ينغصها موت ولا مرض ولا هم ولا غم ([6])
7- الحيوان:الحياة الدائمة ([7])
إذا فإنه يتضح مما سبق أن المقصود بكلمة الحيوان فى القرآن الكريم إنما هى الدار الآخرة التى لا موت ولا زوال ولا فناء ولا هلاك فيها خلافا للحياة الدنيا التى لا تخلوا من اللهو واللعب وكل ما فيها زائل زائف
وهذا ما أجمع عليه أهل التفسير فى تأويل معنى كلمة الحيوان أى أن معنى العبارة ليس من المعانى المختلف عليها فى كتب التفسير حتى لا يتشبث أحدهم برأي ضعيف أو مخالف لما عليه أهل التفسير
لماذا عبر بالحيوان
نؤكد دائما على أنه يجب على المسلم أن يتعلم من أمور دينه ما يعينه على تفهمه والتفقه فيه فإذا علمنا مثلا أن هناك فارق بين حقيقة الشيء وصورة الشيء بمعنى أن الحياة خلاف للحيوان وبيان ذلك فيما يلى:
الحياة: ما يمضيه الإنسان من فترة زمنية قبل الموت طالت أم قصرت فهي منتهية لا محالة وهذه هي الصورة
الحيوان:أصل الحياة التى لا تنتهى إلى أبد الآبدين مهما طالت فهى ممدودة غير مقصورة .
إذا فالحياة صورة للحيوان الذى هو الأصل لأن الأولى لا تدوم والثانية تدوم ([8])
تغير اللفظ تغير لمراده
وإذا دار بخلد أحدنا أنه لماذا عبر عن الحياة الأولى بلفظ والثانية بلفظ آخر؟
فيرجع ذلك لغرض حقيقى قصد بيانه فى القرآن الكريم ألا وهو اختلاف المعنى المراد إيصاله إلى العباد من قبل رب العباد وذلك لما أشرنا إليه من أن الحياة صورة للحيوان التى هى الأصل فالمعنى المراد إيضاحه يختلف فى الحالتين ولذلك اختلفت العبارات الدالة عليه كأحد أوجه الإعجاز اللغوى البيانى فى القرآن الكريم
--------------------------------------------------------------------------------
[أ] ـ العنكبوت آية 64
[1] ـ تفسير إبن كثير جـ 3 صـ 422
[2] ـ القرطبى جـ 13 صـ 362
[3] ـ تفسير البغوى جـ 3 صـ 474
[4] ـ تفسير الواحدى جـ 2 صـ 836
[5] ـ تنوير المقباس من تفسير ابن عباس جـ 1 صـ 338
[6] ـ تفسير فتح القدير جـ 4 صـ 211
[7] ـ تفسير العز ابن عبد السلام جـ 2 صـ 518
[8] ـ مجلة كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر عدد 32 بحث بعنوان صيغ النسب فى اللغتين العربية والسريانية ـ دراسة مقارنة د:أحمد الجمل