عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الخطاب التربوي
تاريخ الاضافة 2007-11-28 07:36:11
المشاهدات 2648
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

 

وأساليبه ~ صلى الله عليه و سلم ~ في الخطاب التربوي والتعليم، رحمة للمتعلمين، رحمة لكل من يستمع إليه ..

فتراه ~ صلى الله عليه و سلم ~ وهو يحدث الناس، يمهد لحديثه ليفهموه، ويكرر المعلومة ويوكدها ليعقلوها، ويضرب الأمثلة ليصل المعنى إلى السامعين، ويتخولهم بالموعظة مخافة الملل، ويرسم بيده على الأرض، ويستخدم أصابعه ممثلاً...كل هذا رفقًا ورحمة بالمستمعين والمتعلمين [1] .

 

أولاً: التمهيد والتهيئة

 

كان النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ يمهد للمعلومة قبل إيصالها للمتعلم، بحيث يستوعبها السامع، بسهولة ويسر، ومثال ذلك :

1- ما رواه أبو هريرة t عن النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ قال: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.. ويرفع به الدرجات؟ " قالوا: بلى يارسول الله قال: " إسباغ الوضوء على المكاره.. وكثرة الخطى إلى المساجد... وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط.. فذلكم الرباط..فذلكم الرباط " [2] .

2- وعن أبي هريرة أن رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ قال: " أتدرون من المفلس؟".

 قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا.. وقذف هذا.. وأكل مال هذا.. وسفك دم هذا... وضرب هذا... فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته... فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم.. فطرحت عليه ثم يطرح في النار " [3] .

ففي المثال الأول مهد للمستمعين قائلاً : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.. ويرفع به الدرجات..؟" ، ليتهيىء السامع، ويتجاوب مع السؤال، ويُعمل عقله، في محاولة الإجابة، ومن ثم يقوم النبي بالإجابة على السؤال بنفسه وقد استثار عقل السامع نحو فكرة الموضوع . فتدخل المعلومة إلى العقل، وقد اشتاق إلى المعلومة، كما تشتاق الأرض العطشى للمطر !

وبالمثل في المثال الثاني، فالسامع في اشتياق لمعرفة هذا المفلس وصفاته، بعدما تحرك العقل يمينًا وشمالاً لمعرفة الجواب الصحيح . فلا يزال العقل في حيرة حتى تصل إليه المعلومة الشافية، فتحصل الفائدة وترسخ المعلومة.

 

ثانيًا: التكرار والإعادة

 

فعن أنس بن مالك عن النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ أنه " كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه.. " [4] .

ومثال ذلك:

1- قوله ~ صلى الله عليه و سلم ~: " ألا وقول الزور " فما زال يكررها...

2- ويقول ابن عمر: قال النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ : " هل بلغت؟ " ثلاثًا .

3- وعن  عبد الله بن عمرو عن النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ قال: " ويل للأعقاب من النار " مرتين أو ثلاثاً.

والتكرار في هذه النماذج  للتفهيم والحفظ. وهذه من قبيل رفقه وتنبيهه للمستمع. 

 

 

ثالثًا: التأني أثناء العرض

 

فتصف عائشة طريقة عرض النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ فتقول : " ما كان رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بيّن، فصل، يحفظه من يجلس إليه " [5] .

والنبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ بطريقة عرضه هذه، إن دلت على شيء فإنما تدل على رفقه ورحمته بالمستمعين..

 

 

رابعًا: مراعاة طاقة المتعلمين

 

فلقد كان النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~، يقتصد في دروسه وخطبه ومواعظه، حتى لا يمل المتعلمين من تعاليمه ~ صلى الله عليه و سلم ~، وحتى ينشطوا لحفظها ويسهل عليهم فهمها ..

فقد كان النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ يحسن اختيار أوقات النشاط الذهني، والاستعداد النفسي لدى المتعلمين.. ومباعدته بين الخطبة وأختها، والموعظة وأختها.. حتى تشتاق النفوس، وتنشرح الصدور لتلقي العلم..

فعن عبد الله بن مسعود  قال: " كان النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا " [6] .

 

 

خامسًا: ضرب الأمثال

 

وقد كان هذا الأسلوب هو المعتاد والمفضل في منهج النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ في العرض والتفهيم، ومثال ذلك قوله ~ صلى الله عليه و سلم ~ :"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد... إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " [7]

وفي ذلك أثر كبير في إيصال المعنى إلى المتعلم، ذلك أنه يقدم القيمة المعنوية في صورة حسية ملموسة، فيربطه بالواقع ويقربه إلى الذهن .

 

 

سادسًا: استخدام الوسائط المتعددة

 

كان النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ يستخدم ما يسمى اليوم بالوسائل التعليمية أوالوسائط التوضيحية، لتبيين المعنى، وتوضيح المغزى في عقول السامعين، وشغل كل حواسهم بالموضوع:

ومن هذه الوسائط:

1- التعبير بحركة اليد والأصابع

كتشبيكه ~ صلى الله عليه و سلم ~ بين أصابعه وهو يبين طبيعة العلاقة بين المؤمن وأخيه. فعن أبى موسى الأشعري ... عن النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ قال: " المؤمن للمؤمن كالبنيان.. يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه [8] .

2- التعبير بالرسم والمجسمات

أ) أما الرسم : فعن عبد الله بن مسعود  قال: " خط النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ خطًا مربعًا.. وخط خطًا في الوسط خارجا منه ـ وقد أحاط به ـ وهذا الذي هو خارج أمله... وهذه الخطوط الصغار الأعراض.. فإن أخطأه هذا؛ نهشه هذا. وإن أخطأه هذا؛ نهشه هذا" [9] .

ففي هذا الحديث بين لهم النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ بالرسم على الأرض كيف يحال بين الإنسان وبين آماله الكثيرة الواسعة بالموت .. وفيه حض على الاستعداد للموت قبل هجومه المفاجئ.

ب) وأما المجسمات : فعن علي بن أبي طالب  قال: " إن نبي الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله: ثم قال: " إن هذين حرام على ذكور أمتي... حل لإناثهم " [10] .

3- التعليم التطبيقي العملي

ولقد انتهج الرسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ هذا الأسلوب في التعليم عندما كان يعلم الصحابة الصلاة حيث قال بعد ما فرغ من الصلاة ذات يوم : " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي " [11] .

كل هذه الوسائط والأساليب من قبيل الرحمة بالمتعلمين، تبين لك عظيم رحمة النبي~ صلى الله عليه و سلم ~، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على عظم قدر العلم والمعرفة والثقافة في نفس محمد~ صلى الله عليه و سلم ~، وتقديره البالغ لرسالة التربية والتعليم، وممارسته الماهرة لشتى الوسائل التي تفيد المنظومة التربوية ..

 

 

 

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

[1] انظر: سعيد رفعت راجح: الوسائط التعليمية في الأحاديث النبوية، بحث منشور على موقع alukah.net

[2] صحيح - رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، رقم 251

[3] صحيح - رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم  2581.

[4] صحيح – رواه  البخاري في كتاب العلم ، باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، رقم 95

[5] صحيح -  رواه  الترمذي في كتاب المناقب، باب كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 191، وقال الألباني : صحيح .

[6] صحيح - رواه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة، رقم 68.

[7] صحيح - رواه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم 5665.

[8] صحيح - رواه البخاري، بَاب تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ،  رقم 459

[9] صحيح - رواه البخاري في كتاب الرقاق. باب في الأمل وطوله، رقم 5938

[10] صحيح - رواه أبو داود في كتاب اللباس، كتاب في الحرير للنساء، رقم 3535، وقال الألباني: صحيح.

[11] صحيح - رواه البخاري في كتاب الصلاة، بَاب الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ،  رقم  866.




                      المقال السابق




Bookmark and Share


أضف تعليق