عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل في قدوم وفد صداء في سنة ثمان


وقدم عليه وفد صداء وذلك أنه لما انصرف من الجعرانة بعث بعوثا وهيأ بعثا استعمل عليه قيس بن سعد بن عبادة وعقد له لواء أبيض ودفع إليه راية سوداء وعسكر بناحية قناة في أربعمائة من المسلمين وأمره أن يطأ ناحية من اليمن كان فيها صداء فقدم على رسول الله رجل منهم وعلم بالجيش فأتى رسول الله فقال يا رسول الله جئتك وافدا على من ورائي فاردد الجيش وأنا لك بقومي فرد رسول  الله قيس بن سعد من صدر قناة وخرج الصدائي إلى قومه فقدم على رسول الله خمسة عشر رجلا منهم فقال سعد بن عبادة يا رسول الله دعهم ينزلوا علي فنزلوا عليه فحياهم وأكرمهم وكساهم ثم راح بهم إلى رسول الله فبايعوه على الإسلام فقالوا نحن لك على من وراءنا من قومنا فرجعوا إلى قومهم ففشا فيهم الإسلام فوافي رسول الله منهم مائة رجل في حجة الوداع ذكر هذا الواقدي عن بعض بني المصطلق وذكر من حديث زياد بن الحارث الصدائي أنه الذي قدم على رسول الله فقال له اردد الجيش وأنالك بقومي فردهم قال وقدم وفد قومي عليه فقال لي يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك قال قلت بل يا رسول الله من الله عز وجل ومن رسوله وكان زياد هذا مع رسول الله في بعض أسفاره

 

 

 قال فاعتشى رسول الله أي سار ليلا واعتشينا معه وكنت رجلا قويا قال فجعل أصحابه يتفرقون عنه ولزمت غرزه فلما كان في السحر قال أذن يا أخا صداء فأذنت على راحلتي ثم سرنا حتى ذهبنا فنزل لحاجته ثم رجع فقال يا أخا صداء هل معك ماء قلت معي شيء في إداوتي فقال هاته فجئت به فقال صب فصببت ما في الإداوة في القعب فجعل أصحابه يتلاحقون ثم وضع كفه على الإناء فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور ثم قال يا أخا صداء لو لا أني أستحيي من ربي عز وجل لسقينا واستقينا ثم توضأ وقال أذن في أصحابي من كانت له حاجة بالوضوء فليرد قال فوردوا من آخرهم ثم جاء بلال يقيم فقال إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم فأقمت ثم تقدم رسول الله فصلى بنا وكنت سألته قبل أن يؤمرني على قومي ويكتب لي بذلك كتابا ففعل فلما فرغ من   صلاته قام رجل يتشكى من عامله فقال يا رسول الله إنه أخذنا بذحول كانت بيننا وبينه في الجاهلية فقال رسول الله لا خير في الإمارة لرجل مسلم ثم قام آخر فقال يا رسول الله أعطني من الصدقة فقال رسول الله إن الله لم يكل قسمتها إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى جزأها ثمانية أجزاء فإن كنت جزءا منها أعطيتك وإن كنت غنيا عنها فإنما هي صداع في الرأس وداء في البطن فقلت في نفسي هاتان خصلتان حين سألت الإمارة وأنا رجل مسلم وسألته من الصدقة وأنا غنى عنها فقلت يا رسول الله هذان كتاباك فاقبلهما فقال رسول الله ولم فقلت إني سمعتك تقول لا خير في الإمارة لرجل مسلم وأنا مسلم وسمعتك تقول من سأل من الصدقة وهو غني عنها فإنما هي صداع في الرأس وداء في البطن وأنا غني فقال رسول الله أما إن الذي قلت كما قلت فقبلهما رسول الله ثم قال لي دلني على رجل من قومك أستعمله فدللته على رجل منهم فاستعمله قلت يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء كفانا ماؤها وإذا كان الصيف قل علينا فتفرقنا على المياه والإسلام اليوم فينا قليل ونحن نخاف فادع الله عز وجل لنا في بئرنا فقال رسول الله ناولني سبع حصيات فناولته فعركهن بيده ثم دفعهن إلي وقال إذا انتهيت إليها فألق فيها حصاة حصاة وسم الله قال ففعلت فما أدركنا لها قعرا حتى الساعة  

 

 

 

 

فصل في فقه هذه القصة


ففيها استحباب عقد الألوية والرايات للجيش واستحباب كون اللواء أبيض وجواز كون الراية سوداء من غير كراهة وفيها قبول خبر الواحد فإن النبي رد الجيش من أجل خبر الصدائي وحده وفيها جواز سير الليل كله في السفر إلى الأذان فإن قوله اعتشى أي سار عشية ولا يقال لما بعد نصف الليل وفيها جواز الأذان على الراحلة وفيها طلب الإمام الماء من أحد رعيته للوضوء وليس ذلك من السؤال وفيها أنه لا يتيمم حتى يطلب الماء فيعوزه وفيها المعجزة الظاهرة بفوران الماء من بين أصابعه لما وضعها فيه أمده الله به وكثره حتى جعل يفور من خلال الأصابع الكريمة والجهال تظن أنه كان يشق الأصابع ويخرج من خلال اللحم والدم وليس كذلك وإنما بوضعه أصابعه فيه حلت فيه البركة من الله والمدد فجعل يفور حتى خرج من بين الأصابع وقد جرى له هذا مرارا عديدة بمشهد أصحابه وفيها أن السنة أن يتولى الإقامة من تولى الأذان ويجوز أن يؤذن واحد ويقيم آخر كما ثبت في قصة عبدالله بن زيد أنه لما رأى الأذان وأخبر به النبي قال ألقه على بلال فألقاه عليه ثم أراد بلال  أن يقيم

 

 

 فقال عبد الله بن زيد يا رسول الله أنا رأيت أريد أن أقيم قال فأقم هو وأذن بلال ذكره الإمام أحمد رحمه الله وفيها جواز تأمير الإمام وتوليته لمن سأله ذلك إذا رآه كفئا ولا يكون سؤاله مانعا من توليته ولا يناقض هذا قوله في الحديث الآخر إنا لن نولي على عملنا من أراده فإن الصدائي إنما سأله أن يؤمره على قومه خاصة وكان مطاعا فيهم محببا إليهم وكان مقصوده إصلاحهم ودعاءهم إلى الإسلام فرأى النبي أن مصلحة قومه في توليته فأجابه إليها ورأى أن ذلك السائل إنما سأله الولاية لحظ نفسه ومصلحته هو فمنعه منها فولى للمصلحة ومنع للمصلحة فكانت توليته لله ومنعه لله وفيها جواز شكاية العمال الظلمة ورفعهم إلى الإمام والقدح فيهم بظلمهم وأن ترك الولاية خير للمسلم من الدخول فيها وأن الرجل إذا ذكر أنه من أهل الصدقة أعطي منها بقوله ما لم يظهر منه خلافه ومنها أن الشخص الواحد يجوز أن يكون وحده صنفا من الأصناف لقوله إن الله جزأها ثمانية أجزاء فإن كنت جزءا منها أعطيتك   ومنها جواز إقالة الإمام لولاية من ولاه إذا سأله ذلك ومنها استشارة الإمام لذي الرأي من أصحابه فيمن يوليه ومنها جواز الوضوء بالماء المبارك وأن بركته لا توجب كراهة الوضوء منه وعلى هذا فلا يكره الوضوء من ماء زمزم ولا من الماء الذي يجري على ظهر الكعبة والله أعلم

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق