وكان هذا الخلق متأصلاً في العرب، حتى إن الواحد منهم لا يكون عنده إلا فرسه أو ناقته فيأتيه الضيف فيسارع بنحرها له، وكان بعضهم لا يكتفي بإطعام الإنسان بل كانوا يذبحون الذبائح و يلقونها فوق رؤوس الجبال للوحوش و الطيور، حتى سارت بـأخبار كرمهم الركبان وضربت بهم الأمثال، ومن عجيب ما ورد عن حاتم الطائي أنه نهى ولده عن ضرب كلبه لهم وقال:"إن لها على يداً، إنها تدل الضيفان عليَّ".
وهذا الخُلق مطلب رئيس لحمل الدعوة، لأن جود الرجل وطهارة نفسه من الشح والبخل من أصول حَمَلَةِ الرسالة، ولذلك لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم قبيلة بنى سلمة:" من سيدكم يا بني سلمة؟ " قالوا: الجد بن قيس، إلا أن فيه بُخلاً، قال: " و أي داء أدوى من البخل، بل سيدكم عمرو بن الجموح" (1).
-------------
(1)صحيح ، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (296)، باب: البخل، وصححه الشيخ الألباني .
المقال السابق