الحياة مليئة بالمواقف السلبية؛ والظروف العصيبة؛ والأنباء المفاجئة؛ وردود الأفعال غير المتوقعة من الآخرين.
كما أنها مليئة بالمسؤوليات؛ والمطالب؛ والحاجيات الملحة؛ ومليئة كذلك بالضغوط وساعات الغضب؛ ولحظات الألم؛ والضعف؛ ومشاعر الضيق.
كل ذلك يؤثر سلبا على قدرتنا في مسايرة المسيرة الناجحة؛ ويمثل عائقا في سبيلنا جاه ما نريد تحقيقه من آمال وطموحات.
كل ذلك يأخذ من طاقتنا ؛ ويخصم من مخزون قدراتنا على الإنجاز ؛ فنتعثر ؛ ونكسل ؛ وربما البعض يتوقف تماما في وسط الطريق.
لا شك أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف؛ وأنه ينبغي على المؤمن أن يكون قويا على المستوى النفسي؛ ثابتا على المستوى الانفعالي؛ هادئا حكيما؛ صابرا محتسبا.
لكننا نحتاج دائما إلى لحظات دعم؛ ومواقف تثبيت؛ وكلمات تشجيع؛ ودعوات تحفيز، تعيد الينا النشاط وترد الينا الطموح وتذكرنا بالأمل..
المنهج الإسلامي اهتم كثيرا بالدعم النفسي الإيماني في لحظات الضعف ، ولحظات الآلام ؛ وراعى كثيرا احوال الناس في تلك الظروف العصيبة؛
فالقرآن الكريم يعيد الأمل لمن أسرف على نفسه بالذنوب؛ ويذكره برحمة الله الواسعة؛ وبأنه ليه ألا يقنط من رحمة الله ولا ييأس؛ بل عليه أن يخطو خطوة ولو بسيطة نحو التوبة والإنابة..
{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}
ويداوي الجراح النفسية للمجروحين في غزوة أحد وحمراء الأسد؛ ويثبت قلوبهم، ويعيد الثقة إليهم؛ {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم اخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء} "..
ويثبت قلب النبي صلى الله ليه وسلم بذكر استجابة الله سبحانه لأنبيائه بينما هم في الصعاب والشدائد عبر سورة كاملة هي سورة الأنبياء.
وجاء النبي إلى رجل وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه والرجل لا يبصره، فقال: أرسلني، مَن هذا؟ فالتفت إليه، فلمَّا عرف أنه النبي صلَّى الله عليْه وسلَّم جعل يلزق ظهره بصدره، فقال رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم: «مَن يشتري هذا العبد»؟، فقال زاهر: تجدني يا رسول الله كاسدًا، قال: «لكنك عند الله لستَ بكاسد» ، أو قال صلَّى الله عليْه وسلَّم: «بل أنت عند الله غالٍ» اخرجه ابن حبان وصححه الألباني
وقريبٌ في معناه ما رواه أبو يعلى في مسنده من حديث ثابت عن أنس أيضًا قال: «كان رجلٌ من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم يُقال له: جُلَيبِيب، في وجهه دمامة، فعرض عليه رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم التزويج، فقال: إذًا تجدني كاسدًا، فقال: غير أنك عند الله لست بكاسد» اخرجه ابو يعلى
ويوم عاد جيش مؤته؛ ونعتهم البعض بالفرار؛ كونهم استطاعوا الانسحاب بالجيش؛ فقال النبي صلى الله ليه وسلم «بل هم الكرار إن شاء الله» وغير ذلك كثير من مواطن الدعم النفسي بالقول والفعل في منهج الإسلام وأفضل ما يجب أن نهتم به فيما يخص الدعم النفسي هو التذكير بالله سبحانه وبالعقيدة يه؛ فالعودة إلى الله سبحانه ي أوقات الشدائد هي المنجا والملجأ الصحيح؛ وهي أول ما ينبغي أن يبتدئ به المؤمن، قال سبحانه : « وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون»
والتذكير بدورة الحياة شيء حسن مهم؛ فالمرء الذي تمر به الشدة يرى الطريق مظلما منغلقا، فنذكره بأن {مع العسر يسرا} وبأن الايام دول؛ وبأن أوقات الآلام تزول وتنقضي وهكذا..
وكلمات التحفيز مهمة للغاية في اللحظات المتوترة؛ وانظر لقول النبي صلى الله ليه وسلم في غزوة بدر«والله لا يقاتلهم اليوم رجل مقبل غير مدبر فيقتل إلا ويدخل الجنة »
وانظر إلى ثبيته لحسان بن ثابت في مواجهة المنافقين وهو يقول له: «اهجم وهاجم ينافح عنك روح القدس» اخرجه البخاري
والحديث بالإيجابيات والصفات الحسنة المتميزة مؤثر إيجابي ايضا في لحظات الألم النفسي، وانظر إلى كلمات النبوة لسعد بينما كان مريضا مرضا ينتظر فيه الموت ؛ يقول له صلى الله عليه وسلم "لعلك تخلف فينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون " اخرجه مسلم .. وبالفعل شاء الله له أن يمد له في العمر فينفع أقواما بالخير والهدى؛ ويضر آخرون من أعدائه من الفرس وغيرهم ويفتح الله على يديه القادسية وغيرها.