لقد كان سحرة موسى من أعظم الناس إيمانًا وقربًا إلى الله ولقد أثبتوا ذلك ودفعوا ثمنه عمليًا رغم هذا لم يجزموا لأنفسهم بالنصر الدنيوي ولم يزعموا لذواتهم حصانة من البلاء ولم ينكروا أن فرعون قد يقدر عليهم ويقضي ما هو قاضٍ فإنما يقضي هذه الحياة الفانية بل أقروا بوضوح أنه من الممكن أن ينفذ وعيده ويصلبهم ويمزق أبدانهم
لقد التزم السحرة حدودهم البشرية ولم يتقولوا على رب البرية بأن ينسبوا إلى أنفسهم ما لم يُنسب لها، أو يخصوها بخصوصية زائدة، لماذا؟!
ببساطة.. لأنهم لم يتلقوا وعدًا جازمًا أنهم ناجون ولا نزل إليهم وحي من السماء أنهم كما قيل لموسى وأخيه غالبون، إنهم رغم إيمانهم، ليسوا إلا بشرًا فانين وهذه الدنيا مجرد مرحلة قد يُنصرون فيها أو يُتوفَّون ومثل ذلك قيل لمن هو خير منهم {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} [غافر جزء من الآية: 77]
الاحتمالان قائمان إذاً، ومن دون وعدٍ صريحٍ ووحيٍ قاطع فليس لأحد كائنًا من كان أن يزكي نفسه فيجزم أنه بعينه منصور غالب أو يحسب أن لن يقدر عليه أحد!!
المقال السابق
المقال التالى