قبل أن تنظر إلى محرم أو تسمع محرماً أو تمد يدك إلى حرام ..تأمل :
كل ما حرم الله فهو خبيثٌ، وكل حلالٍ طيب: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157].
لو تذكرت خُبث تلك النفوس الضالة التي تعرض أجسادها وتلك الهمسات السامة التي تبث سمومها في أي أرواح تعيش؟ أرواحٌ طيبةٌ أم نتنةٌ خبيثة مثل أجسادها لا تطهرها إلا التوبة النصوح أو نار السموم؟
ثم تذكر أنك قد أعطيت قيادك لعدوك: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور:21].
فأي عاقل ينقاد لعدوه بتلك السهولة التي أطعت بها نفسك الأمارة بالسوء .
يا صاح نحن في معركةٍ حقيقيةٍ مع الشيطان والنفس والهوى، الرابح فيها من يدخل الجنة والخاسر من يدخل النار، فكلما نفحتك نفحةٌ من النار تذكر رحيق الجنة وعد إلى مسارك وبادر بالتوبة وأسرع قبل فوات الأوان، وإعلم أن باب الله مفتوح للتائبين يفرح بعودة عبده إليه.
روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده حين يتوب اليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها ، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ، ثمّ قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربّك، أخطأ من شدّة الفرح». (صحيح مسلم: 2747)
و يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين"
في فصل مقام التوبة : "أن كلّ تائبٍ لابدَّ له في أول توبته من عصرةٍ وضغطةٍ في قلبه من همٍ أو غمٍ أو ضيقٍ أو حزنٍ، ولو لم يكن إلا تألمه بفراق محبوبه فينضغط لذلك وينعصر قلبه، ويضيق صدره، فأكثر الخلق رجعوا من التوبة ونكسوا على رؤوسهم لأجل هذه المحبة. والعارف الموفق يعلمُ أنّ الفرحة والسرور واللذة الحاصلة عقيب التوبة تكون على قدر هذه العصرة، فكلما كانت أقوى وأشدّ كانت الفرحة واللّذة أكمل وأتمّ".
اللهم تب علينا من كل ذنبٍ و خطيئةٍ وإغفر لنا وعافنا وأعفُ عنا بجودك وكرمك يا كريم.
المقال السابق
المقال التالى