صار الرجوع للحق سُبّةً وتنقصًا عند بعض الخلق...!!
كثيرا ما نسمع من بعض الناس فاقدي القدرة على جَيِّد الفهم ورائق الإحساس كلاما مُفاده: التنقص ممن رجع عن سابق فتواه أو نسخ كلامه...!!
يقولون وقد أضمروا التنقص والسّب: ما لهذا الشيخ لا يثبت على قوله ويتقلب!!
فتارة يقول بالجواز، ثم يرجع إلى القول بالحظر الخاص..!!
ثم تارة يقول نظيره بالحظر في أمر ما، ثم يعود إلى القول بالإباحة فيتبناه.!!
وآخر يقول بالحرمة، ثم هو يُحل مغيّرا رأيه..!!
ومثيلهم يقول بالاستحباب، ثم هو بالكراهة قد يُعِد ترجمة الباب...!!
مال هؤلاء المشايخ لا يثبتون على قولهم، يغيّرون ويبدلون متى شاءوا أو عنّ لهم...!!!
أليس هذا دليلا - بزعمهم - على قلة العلم، وقصور دائما في الفقه والفهم..!!
ثم يخرجون على الناس بعد سوق مقدماتهم المهترئة بتوصيات:
إن ترك الأخذ عن مثل هؤلاء المشايخ ينبغي وجوبا، وأقله من باب الاحتياط..!!
وقولهم هذا مردود، وفهمهم قاصر محدود..!!
فلو أنهم راجعوا كلام الأئمة، لعلموا أنهم لا يألون في الانتقال عن قولهم للحق من همة..!!
فقد قال أحدهم على ملأ كما بدا: "إننا بشر نقول القول اليوم و نرجع عنه غدا"[1].
قال ذلك مشيرا إلى ما قد يستجد له من العلم، أو ربما زيادة توسع في المسألة وجديد فهم..!!
ثم لنا في رسولنا عليه السلام أفضل القدوة فقد نسخ كلامه وبدله في حضرة أصحابه ليس مرة: عن أبي هريرة؛ قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى. فقال: يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته. فرخص له. فلما ولي دعاه فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة ؟» فقال: نعم . قال: «فأجب» (رواه مسلم).
وبعد أيها السفهاء الخُرق: أفليس من يعود عن قوله إلى الحق من أفضل الناس وأشجع الخلق...؟!!
________________________________
[1]- هذا قول الإمام أبي حنيفة وفي رواية أخرى عنه قال: "ويحك يا يعقوب ! (هو أبو يوسف) لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني أرى الرأي اليوم وأتركه غدا، وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد" ا هـ النقل من مقدمة كتاب: صفة الصلاة للشيخ الألباني.