عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم أعمال القلوب
الكاتب أبو فهر المسلم
تاريخ الاضافة 2015-11-03 06:42:57
المشاهدات 680
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

من تأمَّل وتدبَّر نصوص الشَّرع في عمومها .. وجدها لأوّل وهلة؛ قد رغَّبَت في هَضم النفس وإلجامها، ورهَّبَت من كِبْرِها واستعلائها، وسدَّت كلَّ ذريعةٍ، أمام طُغيانها وبَغيها، ولَفْت الأنظار نحوها !

** ومن ذلك .. النَّهيُ عن لُبس ثياب الشُّهرة !
وهي كما عرَّفها العلماء
ثياب يُشتهر بها بين الناس؛ لخروجها عن المُعتاد والمعروف من ثيابهم.. فيَرفع الناسُ إلى صاحبها أبصارهم، ويختال عليهم بالعُجب والتكبّر !
فالغالب على ثياب الشُّهرة، هو ذا .. طلب المحامد والثناء عند الناس، أو لَفْت أنظارهم وتوجيه إشاراتهم، أو الرغبة في السُّمعة والاشتهار بينهم .. سواء بالمُفاخرَة والتّباهي، أو التزهّد المُصطنَع !
كما قال سفيان الثوري رحمه الله :
( كانوا يكرهون الشُّهرتين: الثياب الجياد التي يُشتهر فيها، ويَرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يُحتقر فيها ويُستذلّ دينُه ). رسائل ابن أبي الدنيا
وذلك ممَّا يؤدّي بالضرورة .. إلى الكِبر، والعُجب، والرياء، والمُفاخرَة !
وكذلك يؤدي أحيانًا، بصورة عكسيّة .. إلى تسليط لسان الناظرين؛ بالغيبة والنميمة، والهَمز واللمز، والسَّب والقذف !
فربّما تنقّصه الناس واغتابوه، ووقعوا في نيّته وقَصده، فيَحصل له من الإثم مثل آثامهم؛ وقد كان مأمورًا بدفع ذلك !
** فصانَت الشريعة الغرَّاء، النفسَ البشرية من جرَّاء ذلك كلّه، وتكاثرَت نصوصُها في التحذير من لُبس ثياب الشُّهرة، والوعيد الشديد لمن يفعل ذلك .. كتوعُّده تعالى الفاعلَ ( بالإعراض عنه ) ، وكذلك ( بأن يُلبسه ثوب مذلّة يوم القيامة ) ... إلخ !
وما هذا كلُّه إلا لمَا يترتّب على هذه الشُّهرة؛ من مهالك ومفاسد !
وهذا ما جعل العلماء، يقيسون على مثل هذه الحال؛ كلّ شُهرة تُطلَب من العبادات والأعمال !
قال مُلَّا عليّ القاري رحمه الله، في مرقاة المفاتيح :
( والمراد بثوب الشهرة ... ما يُرائي به من الأعمال .. فكنَّي بالثوب عن العمل، وهو شائع ).

** والسؤال لك الآن .. يا صاحب " السيلفي " و " مقاطع الصوت والضوء " في المشاعر المُقدَّسة، وبيوت الرحمن، ومواطن الطاعات والعبادات :
إذا كان هذا حُكم الشرع، في خِرقَةٍ تلبسها لا قَدْر لها ولا قيمة، ومع ذلك سدَّ الشارع عليك فيها؛ منافذ الرياء والعُجب والهلَكة !
وتوعَّدك إن فعلتَ؛ بالعذاب والحبوط والمذلَّة ؛
فكيف تظنُّ حُكمَه تعالى، فيما يحصل من جرَّاء: تصاويرك وفيديوهاتك، ومقاطعك الصوتيّة والمرئيّة، وتدويناتك ومنشوراتك وتغريداتك .. عن نفسك، وأخبارك، وأيامك، ولياليك، وذهابك وإيابك، وخشوعك ودموعك ؛ في عمرة أو حجّ أو صلاة أو قرآن أو صيام أو قيام أو خُطبة أو تراويح أو أو ... إلخ ؟!!
فإن كنتَ تأمَن على نفسِك ؛ فأخْفِ واستُر !
وإن كنتَ لا تأمَن ؛ ففيمَ التّمادي واللامُبالاة ؟!
ويرضَى الله عن سفيان الثوري، إذ يقول: ( كلُّ شيءٍ ظهر من عملي؛ لا أعدُّه، فقلوبنا أضعف من أن تُخلِص والناس ينظرون ).
فماذا تقول أنت يا مسكين ؟!!
ختامًا : 
لا يدخل في ذلك؛ كلّ ما كان على سبيل الضرورة، أو دعَت إليه الحاجة، أو ما تحقَّقت به مصلحة دينية أو دنيوية، أو كان فيه نفْعٌ للمسلمين، ودعوتهم وتحريضهم على الخيرات - ما كان على قدْر ذلك مُقتصِدًا، وكان صاحبُه مُستسيغًا للخلاف في التصاوير - !
ولا تنسَ هذه: { ومَن يُعظِّم شعائرَ اللهِ فإنَّها مِن تَقوى القُلوب }.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق