عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحقُّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه» (رواه البخاري 1865).
قوله: «هذا يوم صالح» في رواية مسلم: «هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه». قوله: «فصامه موسى» زاد مسلم في روايته: «شكراً لله تعالى فنحن نصومه». وفي رواية للبخاري: «ونحن نصومه تعظيماً له». ورواه الإمام أحمد بزيادة: «وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً».
قوله: «وأمر بصيامه» وفي رواية للبخاري أيضاً: «فقال لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا».
وصيام عاشوراء كان معروفاً حتى على أيام الجاهلية قبل البعثة النبويّة، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه".. قال القرطبي: لعل قريشاً كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم عليه السّلام. وقد ثبت أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يحتفلون به فسألهم عن السبب فأجابوه كما تقدم في الحديث، وأمر بمخالفتهم في اتّخاذه عيداً كما جاء في حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: "كان يوم عاشوراء تعدُّهُ اليهود عيداً". وفي رواية مسلم: "كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود وتتخذه عيداً" وفي رواية له أيضاً: "كان أهل خيبر (اليهود) يتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم". قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فصوموه أنتم» (رواه البخاري).
وظاهر هذا أن الباعث على الأمر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه؛ لأن يوم العيد لا يصام. (انتهى ملخصاً من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري).
المقال السابق
المقال التالى