كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمدح إخوانه من الأنبياء، فيذكر مجال التفوُّق عند كل واحد منهم؛ ومن ذلك وصفه -صلى الله عليه وسلم- لداود عليه السلام -كما روى مسلم عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ». وكان لهذه العبادة سمات وخصائص، ومنها طريقته في الصيام، وهو صيام نصف الدهر، فكان يصوم يومًا ويُفطِر يومًا؛ فقد روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَه: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ». فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ».
وأكَّد الرسول صلى الله عليه وسلم على أفضلية هذه الطريقة في الصيام فذكر أنها أحبُّ طرق الصيام إلى الله، فقد روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «.. وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ».
ولا شك أن هذا الصيام بهذه الطريقة صعبٌ ومُرْهِق؛ لذا فلا مانع من القيام به فترة محدودة في السَّنَة، كأن نفعله شهرًا أو أسبوعًا، ولعلَّ من أفضل الأوقات التي نُطَبِّق فيها هذه السُّنَّة شهر شعبان، حيث وَرَدَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فيه كثيرًا؛ فقد روى البخاري عَنْ عائشة رضي الله عنها، وهي تصف صيامه صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: "فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ".
فليكن لنا نصيب من هذه السُّنَّة المهجورة، ولنتذكَّر أنها أحبُّ طرق الصيام إلى الله عز وجل.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
المقال السابق
المقال التالى