الصلاة هي أعظم الأعمال التي يتقرَّب بها العبد إلى الله عز وجل؛ لهذا جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم العمل الفارق بين الإيمان والكفر؛ فقد روى مسلم عن جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ". لهذا كان الاهتمام الكبير بالصلاة علامة على صدق الإيمان، وكان أداء الصلاة في وقتها أحبَّ الأعمال إلى الله؛ فقد روى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: "الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا". قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ".
ومع هذه القيمة الكبيرة للصلاة فإننا نجد الكثير من المسلمين يُؤَخِّرون الصلاة عن وقتها، ذلك أنهم ينشغلون بأعمالهم وحياتهم عن الصلاة، فيأتي وقتها وقد تَعَذَّر عليهم ترك ما في أيديهم، فيمرُّ الوقت وتتأخَّر الصلاة؛ ومن هنا تأتي أهمية السُّنَّة التي بين أيدينا، وهي سُنَّة انتظار الصلاة، وهذه سُنَّة جليلة للغاية؛ وتعني أن العبد منشغل بالصلاة إلى الدرجة التي تجعله ينظر في فترات متقاربة إلى التوقيت حتى يعلم أول دخول وقت الصلاة، وهو بالتالي يُرَتِّب أموره ليكون مُتفرِّغًا عندما يحين هذا الوقت، فيُصلِّيها حينئذٍ، وقد يذهب إلى المسجد قبل وقت الصلاة بعدَّة دقائق ليؤدي سُّنَّة انتظار الصلاة هناك؛ فيُحَقِّق الأجر الكبير.
وهذه السُّنَّة العظيمة أخبرنا بها وبأجرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قَالَ: "أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ".
فلْنحرص على هذه السُّنَّة، ولْنحذر أن نُفَاجَأ دومًا بأن وقت الصلاة قد دخل دون أن ندري!
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].