يبين توماس آرنولد أن السبب في نجاح النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ في نشر قيم الحب والإخاء سواء بين الشعوب الإسلامية والقبائل والعشائر المختلفة، هو حسن الخلق والمعاملة الحسنة والجاذبية التي كان يتمتع بها رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، فيقول آرنولد:
".. إن المعاملة الحسنة التي تعودتها وفود العشائر المختلفة من النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ واهتمامه بالنظر في شكاياتهم، والحكمة التي كان يصلح بها ذات بينهم، والسياسة التي أوحت إليه بتخصيص قطع من الأرض مكافأة لكل من بادر إلى الوقوف في جانب الإسلام وإظهار العطف على المسلمين، كل ذلك جعل اسمه ~ صلى الله عليه و سلم ~ مألوفًا لديهم، كما جعل صيته ذائعًا في كافة أنحاء شبه الجزيرة.. سيدًا عظيمًا ورجلاً كريمًا. وكثيرًا ما كان يفد أحد أفراد القبيلة على النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ بالمدينة ثم يعود إلى قومه داعيًا إلى الإسلام جادًا في تحويل إخوانه إليه.." [1] .
ولعل الفيلسوف إدوار مونته – هو الآخر - يبين السبب الأساس في قدرة النبي الكريم ~ صلى الله عليه و سلم ~ في نشر الحب والإخاء بين الناس، و هو ما عرف عن رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~ " بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم" [2] .
وكلها عوامل وأسباب أدت إلى نجاح محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ في تحقيق الحب والإخاء بين فصائل وطوائف العرب .
وكان لمبادىء الحب والإخاء في الإسلام وأثرها على باقي الشعوب، في الشرق والغرب، أن حفرت عمقاً عميقاً في وجدانها.. تلك النزعة الإنسانية الخيرة ( الحب / الإخاء) التي ترفض التقسيم العرقي أو الطبقي.
ويتحدث "جواهر لال نهرو" [3] ، عن هذا الجانب، ممثلاً بنموذج الهند، فيقول :
" إن نظرية الأخوة الإسلامية ... التي كان المسلمون يؤمنون بها، ويعيشون فيها، أثرت في أذهان الهندوس تأثيرا عميقاً . وكان أكثر خضوعاً لهذا التأثير البؤساء الذين حَرَّم عليهم المجتمع الهندي المساواة والتمتع بالحقوق الإنسانية " [4] .
------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] توماس آرنولد : الدعوة إلى الإسلام ص 55 .
[2] كلمة للفيلسوف الفرنسي إدوار مونته الذي ولد في بلدته لوكادا( 1817 ـ 1894 )، وقال هذه الكلمة في آخر كتابه (العرب).
[3] زعيم الهند الراحل ، وباني نهضتها الحديثة.
[4] انظر : محمد شريف الشيباني : الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة، ص 192
المقال السابق
المقال التالى