عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

فتح خيبر
 
المحرم 7 هـ - مايو / يونيو 628 م
 
عندما ضُربت معاقلُ اليهود في المدينة؛ باتت خيبرُ[1] معقلَ الدس والمؤمرات اليهودية، وحسبك أن منها خرجت حركة الأحزاب، حيث خرج اليهود منها يدورن على القبائل لجمع الجيوش لغزو المدينة في العام الخامس .
 
 
 
فانتهز رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرصة تفرغِه من مشركي قريش في القضاء النهائي على الوجود اليهودي .
 
فقد أثبتت التجارب أن اليهودَ لا ينعم لهم جارٌ، ولا يهنأ لهم حليف.
 
 
 
وفي أواخر المحرم من العام السابع للهجرة؛ خرج إليهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ألف وستمائة مقاتل.
 
 
 
شعار هذه الغزوة:
 
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ شَعَارُ أَصْحَابِ الرّسُولِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ : يَا مَنْصُورُ ، أَمِتْ أَمِتْ[2]
 
 
 
الشِّعر الجهادي :
 
وفي الطريق، والجيشُ الإسلامي زاحف نحو اليهود، وفي بعض الليل قال رجلٌ لعامر بن الأكوع  :
 
 يَا عَامِرُ أَلا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ ؟
 
 وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا،  فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ، يَقُولُ :
 
اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
 
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا  .. وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
 
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا .. إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا
 
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
 
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –"مَنْ هَذَا السَّائِقُ ؟ ".
 
قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ.
 
 قَالَ: " يَرْحَمُهُ اللَّهُ" ..
 
قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ! لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِه[3]!
 
وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يترحم على إنسانٍ إلا مات شهيدًا ببركة دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
 
وفيه دلالة على استحباب إنشاد الأشعار الجهادية التي تحمس الجنود، وتلهب المشاعر، وتقوي القلوب. وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا"[4].
 
 
 
الذَّكر :
 
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ـ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ :
 
لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ خَيْبَرَ ، أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ :  اللَّهُ أَكْبَرُ ! اللَّهُ أَكْبَرُ ! لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ !
 
 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :
 
"ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ " .
 
قال أبو موسى : وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ـ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَسَمِعَنِي  وَأَنَا أَقُولُ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
 
 فَقَالَ لِي : "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ "
 
قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
 
 قَالَ :" أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟"
 
 قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي !
 
قَالَ : " لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"[5]
 
 
 
الدعاء قبل الهجوم !
 
َولَمّا دَنَا النّبِيّ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- من خيبر، وَأَشْرَفَ عَلَيْهَا قَالَ :
 
 " قِفُوا" !!
 
 فَوَقَفَ الْجَيْشُ، وساد الصمت، ماذا سيفعل قائدُ المسلمين ؟
 
توجه إلى القبلة، ونادى رب العالمين، الذي بيده النصر:
 
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
 
 " اللّهُمّ رَبّ السّمَاوَاتِ السّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ .. وَرَبّ الأرَضِينَ السّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ .. وَرَبّ الشّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ .. فَإِنّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ، وَخَيْرَ أَهْلِهَا ، وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَشَرّ أَهْلِهَا وَشَرّ مَا فِيهَا .. أَقْدِمُوا بِسْمِ اللّهِ"[6] .
 
 
 
صفة الإغارة على العدو :
 
عَنْ أَنَسٍ  ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ:
 
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَتَى خَيْبَرَ ليلاً وَكَانَ، إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ،  فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ الْيَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ، وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا : مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ ! مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ[7]  !
 
فرَجَعُوا هَارِبِينَ إلَى حُصُونِهِمْ[8]، وهذا من جبنهم المعروف، وقد قال الله فيهم : َ" لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ " [ البقرة : 96 ]
 
وفي هروبهم إلى حصونهم، دلالة على كونهم لا أرب لهم في القتال المباشر، وفي ذلك يقول الله تعالى : " لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ " [ الحشر : 14 ]
 
 
 
هنالك قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
 
" [اللَّهُ أَكْبَرُ ][9] خَرِبَتْ خَيْبَرُ ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ"[10]
 
إذ أن هروب العدو هو بداية النصر.
 
 
 
أهم حصون خيبر :
 
أولاً حصون منطقة النطاة والشق ـ منطقة الشمال الشرقي من خيبر:
 
1 ـ حصن ناعم [ أشد الحصون، وقد استغرق فتحه عشرة أيام، وفيه قُتل محمود بن مسلمة ـ رضي الله عنه ـ، وكان حامل الراية عند فتحه أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه]
 
2 ـ حصن الصَّعْب بن معاذ : [ وكان حامل راية الجيش الإسلامي فيه، الحباب بن المنذر ـ رضي الله عنه ، وقد فتحه المسلمون بعد ثلاثة أيام، وغنم المسلمون طعامًا وكانوا في مخمصة] .
 
3 ـ حصن قلعة الزبير [ وفيه قطع المسلمون الماء عن اليهود، وفتح بعد ثلاثة أيام]
 
 4 ـ حصن أُبي [ وقد فُتح من يومه].
 
5 ـ حصن النِّزَار [ وقد فُتح من يومه].
 
 
 
ثانيًا : حصون منطقة الكتيبة :
 
1 ـ حصن القَمُوص [ وهو حصن بني أبي الحقيق، وَأَصَابَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهُمْ سَبَايَا ، مِنْهُنّ صَفِيّةُ بِنْتُ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ كِنَانَةَ بْنِ الرّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ، وَبِنْتَيْ عَمّ لَهَا[11]] .
 
2 ـ حصن الوَطِيح  .
 
3 ـ حصن السُّلالم .
 
 
 
تسابق الصحابة:
 
عَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
 
كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَيْبَرَ وَكَانَ رَمِدًا ،فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -!!
 
فَلَحِقَ بِهِ، فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي فُتِحَتْ..
 
 قَالَ: " لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ[12]يُفْتَحُ عَلَيْهِ "[13] .
 
فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا.
 
 فَقَالَ: " أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" .
 
 فَقِيلَ : هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ !
 
قَالَ : "فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ"
 
 فَأُتِيَ بِهِ،  فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ـ فِي عَيْنَيْهِ،  وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ.
 
 فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا.
 
 فَقَالَ : "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإسْلامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ"[14] .
 
فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ:
 
أَنَا الّذِي سَمّتْنِي أُمّي مَرْحَبُ
 
  شَاكِي السّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرّبُ
 
إذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهّبُ
 
فَبَرَزَ إلَيْهِ عَلِيّ وَهُوَ يَقُولُ أَنَا الّذِي سَمّتْنِي أُمّي حَيْدَرَهْ
 
 كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
 
أُوفِيهِمُ بِالصّاعِ كَيْلَ السّنْدَرَهْ
 
فَضَرَبَ مَرْحَبًا فَفَلَقَ هَامَتَهُ وَكَانَ الْفَتْحُ . وَلَمّا دَنَا عَلِيّ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ ـ مِنْ حُصُونِهِمْ اطّلَعَ يَهُودِيّ مِنْ رَأْسِ الْحِصْنِ ، فَقَالَ مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .
 
 فَقَالَ الْيَهُودِيّ : عَلَوْتُمْ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى .
 
 
 
مخمصة :
 
جاءت جماعة من المسلمين، تشتكي قلة الطعام، فَلَمْ يَجِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - شَيْئًا يُعْطِيهِمْ إيّاهُ، فَقَالَ :
 
" اللّهُمّ إنّك قَدْ عَرَفْت حَالَهُمْ، وَأَنْ لَيْسَتْ بِهِمْ قُوّةٌ، وَأَنْ لَيْسَ بِيَدِي شَيْءٌ أُعْطِيهِمْ إيّاهُ، فَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَعْظَمَ حُصُونِهَا عَنْهُمْ غَنَاءً، وَأَكْثَرَهَا طَعَامًا وَوَدَكًا"
 
فَغَدَا النّاسُ فَفَتَحَ اللّهُ - عَزّ وَجَلّ - حِصْنَ الصّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَمَا بِخَيْبَرِ حِصْنٌ كَانَ أَكْثَرَ طَعَامًا وَوَدَكًا مِنْهُ[15] .
 
تحريم الحمر الأهلية :
 
قال سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :َ
 
 فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ،  فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
 
"مَا هَذِهِ النِّيرَانُ ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ ؟ ".
 
 قَالُوا : عَلَى لَحْمٍ .
 
قَالَ : " عَلَى أَيِّ لَحْمٍ ؟ " .
 
قَالُوا:  لَحْمِ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ .
 
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا" .
 
 فَقَالَ رَجُلٌ:  يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا.
 
 قَالَ : "أَوْ ذَاكَ"
 
ونادى المنادي :
 
"إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ"[16]..
 
 
 
الذب عن أعراض الشهداء:
 
قال سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :َ
 
 فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ ، فَمَاتَ مِنْهُ .
 
قَالَ : فَلَمَّا قَفَلُوا . قَالَ : سَلَمَةُ رَآنِي رَسُولُاللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي.  قَالَ : "مَا لَكَ ؟" .
 
 قُلْتُ لَهُ : " فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ "
 
 قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ " ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، " إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ"[17].
 
إن الدرس الأخلاقي البارز في هذا المشهد يكمن في مسئولية القيادة الإسلامية في الدفاع عن أعراض الشهداء ودحض الشبهات التي أثارها المتشككون حولهم .. ليبقى الشهيد هوالأنموذج الأعظم والمثال الأكبر في التضحية والبذل والفداء .
 
 
 
التحذير من الانتحار:
 
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ :
 
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً، إِلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ..
 
 فَقِيلَ : مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ .
 
 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
 
"أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " !
 
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : أَنَا صَاحِبُهُ.
 
 قَالَ : فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ.
 
 قَالَ : فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: " أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ". قَالَ:" وَمَا ذَاكَ ؟" .
 
قَالَ:  الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا، أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ.
 
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ - :
 
"إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ"[18].
 
وقال : "قُمْ يَا فُلَانُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ"[19].
 
 
 
إن إقدام بعض الجنود على الانتحار في ساح القتال بسبب الجراحات أو نحو ذلك يسبب انتكاسة نفسية وانهزام وجداني للجيش ، ولما في ذلك من تعدي على بنيان الله الذي أودعه أمانة في عنق الإنسان المكلف .. لذا حرمة الشارع الحكيم الانتحار عامة وشدد على تحريمه في مواطن القتال لما في ذلك من أثر سلبي على النفوس .. اللهم إلا العمليات الاستشهادية التي تحدث نكاية في العدو وقد أجازها جمهور العلماء في القديم والحديث .
 
 
 
أعمال بطولية :
 
1ـ علي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة :
 
خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيّ مِنْ حِصْنِ خَيْبَرَ قَدْ جَمَعَ سِلاحَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ : مَنْ يُبَارِزُ؟
 
 فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- : "مَنْ لِهَذَا ؟ "
 
فَقَالَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ : أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ، أَنَا وَاَللّهِ الْمَوْتُورُ الثّائِرُ قَتَلُوا أَخِي بِالأمْسِ (يَعْنِي مَحْمُودَ بْنَ مَسْلَمَةَ) :
 
 فَقَالَ :" قُمْ إلَيْهِ، اللّهُمّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ ".
 
 فَلَمّا دَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ، فَجَعَلَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلُوذُ بِهَا مِنْ صَاحِبِهِ، كُلّمَا لاذَ بِهَا مِنْهُ اقْتَطَعَ صَاحِبُهُ بِسَيْفِهِ مَا دُونَهُ مِنْهَا حَتّى بَرَزَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرّجُلِ الْقَائِمِ، مَا فِيهَا فَنَنٌ[20].
 
 
 
ثم حَمَلَ مرحب عَلَى مُحَمّدٍ فَضَرَبَهُ فَاتّقَاهُ بِالدّرَقَةِ[21] فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِيهَا فَعَضّتْ بَهْ فَأَمْسَكَتْهُ ، وَضَرَبَهُ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَتَلَهُ .
 
قَالَ الْوَاقِدِيّ : وَقِيلَ إن ّ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ضَرَبَ سَاقَيْ مَرْحَبٍ فَقَطَعَهُمَا، فَقَالَ مَرْحَبٌ : أَجْهِزْ عَلَيّ يَا مُحَمّدُ فَقَالَ مُحَمّدٌ : ذُقْ الْمَوْتَ كَمَا ذَاقَهُ أَخِي مَحْمُودٌ، وَجَاوَزَهُ وَمَرّ بِهِ ـ عَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ ـ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللّهِ ـ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ـ فِي سَلَبِهِ، فَقَالَ:مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَة َ : يَا رَسُولَ اللّهِ مَا قَطَعْتُ رِجْلَيْهِ ثُمّ تَرَكْتُهُ إلا لِيَذُوقَ الْمَوْتَ، وَكُنْت قَادِرًا أَنْ أُجْهِزَ عَلَيْهِ .
 
فَقَالَ عَلِيّ -رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ-:  صَدَقَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ رِجْلَيْهِ.
 
 فَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ-صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ -مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ سَيْفَهُ وَرُمْحَهُ وَمِغْفَرَهُ وَبَيْضَتَهُ وَكَانَ عِنْدَ آلِ مُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ سَيْفُهُ فِيهِ كِتَابٌ لَا يُدْرَى مَا فِيهِ حَتّى قَرَأَهُ يَهُودِيّ فَإِذَا فِيهِ
 
هَذَا سَيْفُ مَرْحَبْ
 
مَنْ يَذُقْهُ يَعْطَبْ[22]!
 
 
 
2ـ أبو الْيُسْرِ كَعْبَ بْنَ عَمْرٍو
 
في ليلة من ليالي المعركة، إذْ أَقْبَلَتْ غَنَمٌ لِرَجُلِ مِنْ يَهُودَ تُرِيدُ حِصْنَهُمْ، والمسلمون يحاصرونهم، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - :
 
"مَنْ رَجُلٌ يُطْعِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ ؟ "
 
قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ !
 
 قَالَ :" فَافْعَلْ "
 
 قَالَ : فَخَرَجْت أَشْتَدّ مِثْلَ الظّلِيمِ[23] فَلَمّا نَظَرَ إلَيّ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مُوَلّيًا قَالَ :
 
" اللّهُمّ أَمْتِعْنَا بِه  "
 
قَالَ :  فَأَدْرَكْتُ الْغَنَمَ وَقَدْ دَخَلَتْ أُولاهَا الْحِصْنَ فَأَخَذْت شَاتَيْنِ مِنْ أُخْرَاهَا ، فَاحْتَضَنْتهمَا تَحْتَ يَدَيّ ثُمّ أَقْبَلْت بِهِمَا أَشْتَدّ، كَأَنّهُ لَيْسَ مَعِي شَيْءٌ حَتّى أَلْقَيْتهمَا عند رسول الله - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَذَبَحُوهُمَا فَأَكَلُوهُمَا .
 
 فَكَانَ أَبُو الْيُسْرِ مِنْ آخِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - موتًا فَكَانَ إذَا حَدّثَ هَذَا الْحَدِيثَ بَكَى ، ثُمّ قَالَ أُمْتِعُوا بِي ، لَعَمْرِي ، حَتّى كُنْت مِنْ آخِرِهِمْ هُلْكًا [24].
 
 
 
 صَفِيّةَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ
 
َلَمّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - الْقَمُوصَ ، حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ أُتِيَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِصَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَبِأُخْرَى مَعَهَا ، فَمَرّ بِهِمَا بِلَالٌ وَهُوَ الّذِي جَاءَ بِهِمَا عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ فَلَمّا رَأَتْهُمْ الّتِي مَعَ صَفِيّةَ صَاحَتْ . وَصَكّتْ وَجْهَهَا وَحَثّتْ التّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا ؛ فَلَمّا رَآهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – قَالَ:
 
" أَعْزِبُوا عَنّي هَذِهِ الشّيْطَانَةَ "
 
 وَأَمَرَ بِصَفِيّةَ فَحِيزَتْ خَلْفَهُ . وَأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ، فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ .
 
 فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - لِبِلالِ :
 
" أَنُزِعَتْ مِنْك الرّحْمَةُ يَا بِلالُ ، حِينَ تَمُرّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا ؟ "[25]
 
 
 
وَكَانَتْ صَفِيّةُ قَدْ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةِ بْنِ الرّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَنّ قَمَرًا وَقَع حِجْرُهَا . فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا ؟ فَقَالَ : مَا هَذَا إلا أَنّك تَمَنّيْنَ مُلْكَ الْحِجَازِ مُحَمّدًا ، فَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً خَضّرَ عَيْنَهَا مِنْهَا . فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهُ فَسَأَلَهَا، مَا هُوَ ؟ فَأَخْبَرَتْهُ هَذَا الْخَبَرَ[26] .
 
 
 
التعفف :
 
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ :
 
كُنَّا مُحَاصِرِي خَيْبَرَ فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ،  فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ فَالْتَفَتُّ،  فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَحْيَيْتُ[27] .
 
فإذا كانت من سمات جند الله الصبر على المخمصة حال الحروب، حيث قلة الزاد، فإن عليهم أيضًا أن يتخلقوا بأخلاق العفة والقناعة، والتعفف عما سقط من غنيمة حتى تضع الحرب أوزارها .. إنه خطر محدق ومصيبة محققة أن ينشغل الجند بسفاسف الأمور وسقط الغنائم أثناء طاحونة الحرب ..
 
 
 
صلح ورحمة
 
لما استسلم اليهود، صالحهم النبي ، وأعطاهم الأرض ، يَعْمَلُوا فيها وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا[28] .
 
وفي هذه المصالحة - بهذا الشكل - رحمة وعفو كبيرين بأهل خيبر ..
 
فهم في الحقيقة يستحقون الإعدام، فهم قد خانوا النبي rوغدروا وتحالفوا مع مشركي قريش سرًا، وأصبحت قيادات خيبر والفصائل اليهودية الأخرى عملاء وجواسيس لمشركي مكة وغطفان ..كل هذا إلى جانب أنهم السبب الرئيسي في تحزيب جيوش الأحزب، من كل حدب وصوب..
 
 
 
ولما أقدمت امرأة منهم على محاولة اغتيال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حيث أهدت لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ[29].. وتُوفي اثر هذه المحاولة الفاشلة أحد الصحابة .. لم ينقلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أهل خيبر ولم يعمل فيهم القتل – كما يفعل بعض الزعماء في مثل هذه المواقف – إنما أثبت الصلح وأقر العهد .
 
 
 
قدوم جعفر وأصحابه :
 
وفي ثنايا هذا الفتح قدم جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ومهاجرة الحبشة، فقسم لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غنائم خيبر .
 
و" لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "[30] .
 
وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يومها :
 
" والله ما ادري بأيهما افرح ؟ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر " [31]
 
"وكان قدوم هؤلاء على أثر بعث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري يطلب توجيههم إليه، فأرسلهم النجاشي على مركبين، وكانوا ستة عشر رجلاً، معهم من بقي من نسائهم وأولادهم، وبقيتهم جاءوا إلى المدينة قبل ذلك"[32] .
 
 
 
وقد سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعفرًا عن أعجب شيء رآه في الحبشة،
 
فقَالَ جعفر : رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ فِيهِ طَعَامٌ، فَمَرَّ فَارِسٌ يَرْكُضُ فَأَذَرَاهُ فَقَعَدَتْ فَجَمَعَتْ طَعَامَهَا ، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ : وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ  
 
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ـ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهَا : "لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ـ  أَوْ كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ ـ لاَ يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حقه مِنْ شَدِيدِهَا غَيْرَ مُتَعْتَعٍ[33]."[34].
 
 
 
توصية عملية :
 
ارسم خريطة توضح حصون خيبر
 
 
--------------------------------------
 
[1]تقع مدينة خيبر على بعد 170 كم شمال المدينة المنورة .
 
[2]ابن هشام (2 / 332)
 
[3]صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3875)
 
[4]البخاري : 4749
 
[5][5]البخاي : 3883
 
[6]ابن القيم : زاد المعاد 3 / 283 ، وصححه الألباني في تحقيق فقه السيرة، 340
 
[7]صحيح البخاري ، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر(3876)
 
[8]ابن القيم : زاد المعاد 3 /  283
 
[9]صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3877)
 
[10]صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3876)
 
[11]انظر : ابن هشام (2 / 330)
 
[12]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3888)، عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
 
[13]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3887)
 
[14]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3888)
 
[15]ابن هشام  (2 / 332)
 
[16]انظر : البخاري ، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر  (3875)
 
[17]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3875)
 
 
 
[18]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3881)، (3885)
 
[19]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3882)
 
[20]أي غصن
 
[21]ما يشبه الآن : " الزمزمية " للشرب
 
[22]ابن القيم : زاد المعاد  3 /  283، ويعطب يعني يهلك
 
[23]ذكر النعام، لسرعته
 
[24]ابن هشام - (2 / 335)
 
[25]  ابن هشام  (2 / 336)
 
[26]  ابن هشام  (2 / 336)
 
[27]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3892)
 
[28]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3917)
 
[29]صحيح البخاري - كتاب المغازي، باب غزوة خيبر (3918)
 
[30]أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 398 / 1876) ، وهو في  السلسلة الصحيحة  6 / 332 
 
[31]  أخرجه البيهقي في " السنن" ( 7 / 101 ) ، حسنه الألباني في تحقيق فقه السيرة، 347
 



                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق