هو زيد بن أرقم الأنصاري يكنى أبا سعد وقال غيره كان يكنى أبا أنيس وأول مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم المريسيع.

من مواقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم:

يقول زيد بن أرقم: [ جاء أناس من العرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس به وإن يكن ملكا نعش في جناحه قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك قال: ثم جاءوا إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه يا محمد فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" قال: فأخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم بأذني فمدها فجعل يقول: قد صدق الله قولك يا زيد قد صدق الله الله قولك يا زيد.
ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "سمع زيد بن أرقم رضي الله عنه رجلا من المنافقين يقول - والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب: إن كان هذا صادقا لنحن شر من الحمير.

فقال زيد رضي الله عنه: هو - والله - صادق ولأنت أشر من الحمار، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجحد القائل فأنزل الله "يحلفون بالله ما قالوا..." الآية فكانت الآية في تصديق زيد..

ويروي أبو إسحاق عن زيد بن أرقم قال: كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي أو لعمر فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في البيت فقال لي عمي ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك؟ فأنزل الله تعالى {إذا جاءك المنافقون}. فبعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ فقال (إن الله قد صدقك يا زيد)ويقول زيد بن أرقم: رمدت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أرأيت يا زيد إن كانت عيناك لما بهما كيف تصنع؟" قلت: أصبر وأحتسب قال: "إن فعلت دخلت الجنة". وفي لفظ "إذاً تلقى الله ولا ذنب لك".

من مواقفه مع الصحابة:

عن زيد بن أرقم قال: كنت يتيما لعبدالله بن رواحة في حجره فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه:

إذا أديتني وحملت رحلي... مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك أنعم وخلاك ذم... ولا أرجع إلى أهلي ورائي

وجاء المسلمون وغادروني... بأرض الشام مشتهى الثواء

وردك كل ذي نسب قريب... إلى الرحمن منقطع الإخاء

هنالك لا أبالي طلع بعل... ولا نخل أسافلها رواء

فلما سمعتهن منه بكيت. قال: فخفقني بالدرة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل.

عن زيد بن أرقم قال: أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر يعني الصديق فبشرته بالجنة وإلى عمر فبشرته بالجنة وإلى عثمان فبشرته بالجنة.

ويقول حصين الحارثي جاء علي إلى زيد بن أرقم يعوده وعنده قوم قال فما أدري أقال علي أنصتوا أو اسكتوا فوالله لا تسألوني عن شيء حتى أقوم إلا حدثتكم به قال فقال له زيد أنشدك الله أنت قتلت عثمان قال فاطرق علي ساعة ثم رفع رأسه ثم قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسيمة ما قتلته ولا أمرت بقتله.

من مواقفه مع التابعين:

موقفه مع من سب أمير المؤمنين علياً:

يقول أبو أيوب مولى بنى ثعلبة عن قطبة بن مالك: سب أمير من الأمراء عليا فقام زيد بن أرقم فقال أما قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الموتى فلم تسب عليا وقد مات.

ويقول يزيد بن حيان: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين ومن أهل بيته؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال وهم؟ قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال نعم.

ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطؤها الحسين وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلا ولما قتل أرسل عمر رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد فجمع الناس وأحضر الرؤوس وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين فلما رآه زيد بن أرقم لا يرفع قضيبه قال له: اعل بهذا القضيب فو الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هاتين الشفتين يقلبهم. ثم بكى فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك فو الله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك. فخرج وهو يقول: أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم الحسين بن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم.

موقفه مع عبيد الله بن زياد:

وعن يزيد بن حيان قال سمعت زيد بن أرقم يقول: بعث إلي عبيد الله بن زياد: ما أحاديث بلغني تحدثها وترويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذكر أن له حوضاً في الجنة؟ قال: حدثنا ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدناه قال: كذبت ولكنك شيخ قد خرفت قال: أما إنه سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" ما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بعض الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

عن زيد بن أرقم قال: قلت أو قالو: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال:[ سنة أبيكم إبراهيم قالو: ما لنا منه؟ قال: بكل شعرة حسنة قال فالصوف؟ قال بكل شعرة من الصوف حسنة ] وعن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا قال:[ إن الله يحب الصمت عند ثلاث عند تلاوة القرآن وعند الزحف وعند الجنازة]

وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل: يا رسول الله وما إخلاصه؟ قال: أن تحجزه عن المحارم".

وفاته:

وزيد بن أرقم كان من أفاضل أهل المدينة علما وفقها ومات بها سنة ثمان عشرة ومائة وكنيته أبو حمزة وقد قيل إنه مات سنة سبع عشرة ومائة في المسجد كان يقص فسقط عليه وعلى أصحابه سقف فمات هو وجماعة معه تحت الهدم وكان له يوم توفى ثمانون سنه

المراجع:

الطبقات الكبرى - أسد الغابة - تفسير الطبري - الدر المنثور - صحيح البخاري - فضائل الصحابة - سيرة ابن هشام - سير أعلام النبلاء - العلل ومعرفة الرجال - تعجيل المنفعة - صحيح مسلم - تفسير ابن كثير - الثقات لابن حبان.